ماض نتمنى عودته
قال لي جاري القادم من ألمانيا .. لم أزر مدينتكم الجميلة بورسعيد منذ ما يزيد عن خمسة وثلاثين عامًا، وبالتحديد منذ عهد الرئيس أنور السادات وأرغب في زيارتها أثناء إجازتي الحاليه .. هل ما زالت كما هي بجمال مبانيها وشياكة وتنوع ملابسها المستوردة، خصيصا للمنطقة الحرة، وهل ما زال الزحام على المنافذ لسداد الرسوم الجمركية على الأجهزة الكهربائية وأطقم الصيني والسجاد والملابس؟ وهل شارع فلسطين المطل على قناة السويس وحتى ممشى ديليسيبس يحتفظ بجماله وروعة أشجاره ونظافته؟؟
وطلب مني أن أرشح له فندقا نظيفا مناسبا ومطعما هادئا للأسماك.
أسقط في يدي ولم أستطع أن أجيبه.. فاستيراد الملابس والأجهزة والأطقم والسجاد تم تحجيمه تمامًا والعبور من جمارك المنطقة الحرة أصبح كالعبور من بوابات مدينة الرحاب.. بوابات للزينة فقط، فليس هناك في المدينة ما يخضع للتعريفة الجمركية بعد أن انتهت المنطقة الحرة أو كادت.
لم أجرؤ على إخباره بأن شوارع المدينة فقدت انسيابيتها بتخطيط مروري فاشل وتمت إزالة أشجار البونسيانا المزهرة الرائعة من الجانبين وأن سلوكيات شباب المدينة تغيرت وتاهت ابتسامتهم الجميلة ومعظمهم يعاني من تجميد توزيع شقق الإسكان التعاوني، بل وزاد معدل الجريمة والسرقات وامتلأت الشوارع بالوافدين للتسول بشكل مقزز.
كما أن كل المعالم والمزارات السياحية انقرضت بعد إغلاق وهدم معظم دور السينما والمسارح الشهيرة مثل ماجيستيك وأمبير والألدورادو وريو والحرية والكورسال وريالتو وغيرها، كما تم نقل تمثال ديليسيبس الذي كان يزين مدخل قناة السويس إلى أحد المتاحف المجهولة بمدينة الإسماعيلية وتم هدم وإزالة استاد بورسعيد وهدم المتحف القومي وتخصيص موقعه المميز لإقامة مشروع سكني استثماري.
نصحت جاري بأن يقضي إجازته بأحد المصايف الأخرى مثل الساحل الشمالي أو العلمين أو شرم الشيخ ويؤجل زيارة بورسعيد للعام المقبل.. ربما تتغير الأحوال وإن كان الأمل ضعيفًا.