رمضان النجوم .. حديث الفن وقضاياه يسرقا السحور من محسن سرحان
روى الفنان محسن سرحان لمجلة الكواكب الفنية، ذكرياته مع شهر رمضان، وكيف أنه اضطر ذات يوم رمضاني إلى الصوم بدون سحور، وما ترتب علي هذا.
وفي العدد الـ298 والمنشور بتاريخ 16 أبريل من العام 1957، قال “سرحان” لـ الكواكب: “جاءني ضيوف أعزاء من بلد شرقي عزيز، وكان الضيوف الأعزاء مفطرين، والمضيف المعتز بهم هو أنا صائم، فكيف يحتفل الصائم بالمفطر؟ رجوتهم أن تكون الزيارة بعد الإفطار وقد كان، ولما اجتمع شملنا ذهبنا إلى الأوبرج”.
وتابع: “أحرجتني الزيارة، إذ من الأصول أنك إذا دعوت أحدا إلى طعام، فمن الواجب عليك أن تحييه بتناوله معه، لا أن تجلس وتتفرج عليه أثناء تناوله، ولكني لم استطع بلع لقمة واحدة بعد الإفطار، ومن هنا جاء الإحراج”.
واستطرد: لكن الأصدقاء كانوا أكرم من أن يتركوني في حرج موقفي، إذ تفضلوا مشكورين وأعفوني من هذا الواجب وتناولوا الطعام وحدهم حتي لا أظلم معدتي بمجاملتهم".
ــ حديث الفن وقضاياه يسرقا السحور من محسن سرحان
وأضاف الفنان محسن سرحان، في تصريحاته: "تركتهم يتناولون وجبة العشاء وانشغلت بمشاهدة البرنامج المعروض، فلما انتهوا من العشاء شاركوني أيضا في مشاهدة البرنامج، ثم أخذنا بعد انتهائه نتحدث في مختلف الشئون الفنية، وكان الحديث ذا شجون كما يقولون، فلم أنتبه لتسرب الوقت حتي سمعت أحدهم يقول لي: "الساعة بقت أربعة يا أستاذ، هو السحور في مصر الساعة كام؟"، وكان موعد الإمساك عن الأكل والشرب قد فات بالفعل، فكان علي أن أصوم في اليوم الجديد بلا سحور، وكان الذنب، ذنب الجلسة والجلساء والفن المصري الذي ألهانا الحديث فيه عن كل شئ".
وأضاف: “أقول الحق، أنني لم أشعر بالجوع في يوم من الأيام مثلما شعرت به اليوم التالي، طبعا، صائم بدون سحور، وطبعا أنا بشر، فليسامحني الله، لقد كنت عصبيا طوال اليوم، وبدا لي أن الجميع يعلمون أنني جوعان ثائر، وأنهم يتلذذون بجوعي وثورتي”.
ــ هكذا واجه محسن سرحان شعوره بالجوع
واستكمل: “لكن رغم هذا لم أفق أعصابي فقدانا يذهب بثواب الصيام، لقد كنت أذكر نفسي من لحظة إلي أخري بأن الصوم تحمل وصبر واحتبار. ونجاح التحمل والتوفيق علي الصبر واجتياز الاختبار، كلها تحتم علي أن أمسك بزمام أعصابي بالرغم من رنين جرس التليفون المتواصل”.
وتابع: "لقد أمسكت بزمام أعصابي فعلا بأن أمسكت "الكوبس" وفصلت توصيلة التليفون، وعم السكون البيت، ولكن معدتي لا تريد أن تسكت فقررت أن أسكتها بالنوم، وألقيت بجسدي المنهك من الجوع علي الفراش، وأخذت أجري تجارب قرأت عنها، عن الإيحاء الذاتي، أن طار النوم من عيني، وكلما بدأ النوم يداعب جفوني، تذكرت قولا شعبيا مشهورا وهو لا ينام جائع أو خائف فيطير النوم من عيوني".
واستكمل: “هكذا كلما أمسكت بطائر النوم طار مني، إلي أن وجدتني في عز النوم، ثم طرقت أنفي رائحة شهية، رائحة تسخين الطعام، فقفزت من الفراش مسرعا وتطلعت في الساعة بلهفة، فإذا هي تعلن الخامسة، أي أنه مايزال باقيا علي الإفطار حوالي الساعة والنصف تقريبا".
وقال سرحان: “ساعة ونصف في هذه الحالة أطول من سنة ونصف، خصوصا وأن هذه الرائحة الذكية، رائحة الطعام الساخن، أخذت تعبق في المكان . لقد أخذت أشغل نفسي عن الطعام بالقراءة، فإذا بي أقرأ إعلانات عن ياميش رمضان، فانطلقت أجول في حجرات المنزل كالأسد الجائع في حديقة الحيوان”.
واختتم: “أكثر من مرة قادتني قدماي رغم أنفي، أو بتأثير أنفي علي الأصح، إلي المطبخ، وفي المطبخ نزل علي الوحي. أن سيداتنا سيسبقننا في دخول الجنة، لا لشئ سوي أنهن يطهين الطعام وهن صائمات. ولقد أعجبتني الفكرة، وخيل إلي أنها جديدة، فانفردت في حجرتي أفكر فيها، فإذا بمدفع الإفطار يدوي وبالهناء والشفاء”.