«إمبراطورة النيل».. كتاب جديد يروي سيرة امرأة أنقذت الآثار المصرية
يرصد كتاب "إمبراطورة النيل.. سيرة جديدة لكريستيان ديسروش نوبلكور" للمؤرخة الأمريكية لين أولسون سيرة المرأة التي أنقذت المعابد المنكوبة في مصر في الستينيات من القرن الماضي.
وأشارت صحيفة "التلغراف" إلى أن الملكات في مصر القديمة مثل الملوك حظين بالاحترام والتقدير، وهو ما لا يمكن قوله عن النظام الأبوي لعلم المصريات في القرن العشرين، ومن ثم فإن المؤرخة الأمريكية في كتابها تروي كيف قاومت امرأة واحدة، هي عالمة المصريات الفرنسية كريستيان ديسروش نوبلكور، هذا النظام.
الشغف بعلم المصريات
ولدت كريستيان ديسروش نوبلكور لعائلة مثقفة في باريس عام 1913. عندما كانت طفلة، كانت مفتونة بحكايات الكنوز المصرية المكتشفة حديثًا، مثل اكتشاف هوارد كارتر لتوت عنخ آمون. وبعد دراستها الثانوية انضمت إلى مدرسة اللوفر، التي ألهمتها للالتحاق بدورة في اللغة الهيروغليفية.
في عام 1934، أصبحت نوبلكور مديرة مشروع في قسم الآثار المصرية في متحف اللوفر، الذي كان أعظم مستودع للقطع الأثرية المصرية خارج مصر، وهو منصب رائد بالنسبة لامرأة، تولته نوبلكور لمدة ثلاث سنوات.
وفقًا لأولسون، بدأ التخصص الحديث في علم المصريات فقط في عام 1822، عندما قام رجل فرنسي بفك شفرة حجر رشيد، مما سمح للناس بقراءة الهيروغليفية لأول مرة منذ العصور القديمة، فبالنسبة للفرنسيين، كانت الهيمنة على دراسة مصر القديمة عنصرًا مهمًا في صورتهم الذاتية الوطنية منذ أيام رحلة نابليون الاستكشافية. وحتى عشرينيات القرن الماضي، لم يُسمح للمصريين بالتدريب كعلماء مصريات.
في عام 1937، ذهبت نوبلكور إلى مصر لأول مرة في مهمة ممولة من قبل الحكومة إلى وادي الملوك، وفي العام التالي، منحتها الحكومة الفرنسية زمالة بأجر في معهد النخبة الفرنسي للآثار الشرقية في القاهرة، لتكون أول امرأة تتولى هذا الدور.
إنقاذ الآثار المصرية
ربما كان أكبر إنجازات نوبلكور وأكثرها وضوحًا هو معركتها للحفاظ على معبد “أبو سمبل” والآثار الأخرى على طول نهر النيل من ارتفاع مستوى المياه بعد إنشاء سد أسوان في الستينيات. لقد ساعدت في إقناع قادة العالم بتقديم المال لإنقاذ المعابد بحجة أن هذه الآثار تهم الجميع.
أنقذت نوبلكور عشرات المعابد في وادي النيل من فيضانات السد العالي في أسوان، بعد أن أسهمت 50 دولة بنحو مليار دولار في عملية الإنقاذ.
دبرت عالمة المصريات العملية بأكملها، إذ قام آلاف العمال بتفكيك الهياكل النوبية القديمة حجرا تلو الآخر وإعادة تجميعها على أرض مرتفعة. كان معبد كلابشة وحده، على بعد 30 ميلاً جنوب أسوان، بحجم كاتدرائية نوتردام. في عام 1964-1965، استغرق معبد أمادا 16 شهرًا للنقل 1,6 أميال بالسكك الحديدية.
اعتمدت المؤرخة الأمريكية في هذا الكتاب، على السيرة الذاتية لنوبلكور والمقابلات التي أجريت معها، لكنها، اهتمت على وجه خاص بدور عالمة المصريات الفرنسية في إنقاذ الآثار المصرية، وأطلقت على هذا العمل "أعظم مثال للتعاون الدولي عرفه العالم على الإطلاق".