تامر شيخون: مصر مَصَّرِت ممارسة الإسلام روحانيا وفقهيا ومعماريا ورمضانيا
تحدث الكاتب الروائي تامر شيخون لـ"الدستور" حول ذكرياته الرمضانية، مشيرا إلى أن رمضان في مصر أكثر من مجرد أيام معدودات أو شهر فضيل، وفي رأيه هو أحد أهم ملامح هويتها.
وأضاف: مصر مَصَّرِت ممارسة الإسلام روحانيا وفقهيا ومعماريا ورمضانيا! لذا ترك رمضان بصمة مطبوعة في وجدان وطفولة كل مواطن تربى في ربوعها. بالنسبة إليّ. رمضان ارتبط منذ الطفولة بكل مناحي الحياة. المكان، الطعام، العائلة، الروحانيات، التواشيح، اللعب، الدراما".
ولفت إلى أن رؤية الهلال تعني حالة استنفار آخر ليلة في شعبان من أجل شراء مخزون الفول والزبادي “كأننا نهوى إحساس المفاجأة المباغت بموعد قدومه المعروف سلفا منذ آخر رمضان!. تبدأ الدَمَّاسَة المنزلية في تليين قلب حبات الفول كي ترفق بمعدتنا في اثناء السحور وقبل بدء الصيام”.
رمضان يعني النقشبندي وتعليق الزينة
وتابع: رمضان يعني تعليق الزينة من فوانيس وأنوار وأصونة مزخرفة على أنغام "وحوي يا وحي" و"رمضان جانا" وموشح "مولاي" للنقشبندي، إفطار أول يوم يعني الاجتماع العائلي الموسع حول المائدة بصحبة الخشاف والعرقسوس والتمر هندي.
ثم تطل الحلويات الشرقية وعلى رأسها الكنافة الأصلية "حين كانت محتفظة باستقلالها عن كل الإضافات الدخيلة مثل المانجو والنوتيلا والكريمة". بعض تلك الحلويات حصرية الظهور في رمضان مثل القطايف وقمر الدين. يلي الحلو ساعة التركيز المهيبة لمتابعة الفوازير ثم إرسال الأجوبة بالبريد آخر الشهر أملا في الفوز بأحد جوائز السحب الكبير، لا سيما تلك السيارة الألمانية الفاخرة.
بعد التراويح الشارع لنا. تبدأ الدورات الرمضانية بكافة نسخها الرسمية "في النوادي" وغير الرسمية "في الشوارع الجانبية". من خلال قناتين محليتين فقط "أضيف لهم لاحقا ثلاث قنوات إقليمية." يتحفنا قطاع الإنتاج بماسبيرو بعرض مسلسل أو اثنين دراميين وآخر ديني. أكم من كلاسيكية تلفزيونية أبصرت الضوء في رمضان مثل "ليالي الحلمية"، "بين القصرين"، "رأفت الهجان"، "لا إله إلا الله"، "ومن الذي لا يحب فاطمة"، "لن أعيش في جلباب أبي"، "أربيسك"، وغيرها.
سهرات الأفلام التلفزيونية كان لها نصيب أيضا من الاحتفالية وعلى رأسها أفلام الساخر الكبير "أحمد رجب". الطريف أن جميع الأجيال ظلت تتغنى بنكهة رمضان في زمانها. فمنذ نعومة أظافرنا نسمع الأجداد يتحدثون عن روعة أجواء رمضان في زمن طفولتهم في مقابل رمضان في زمن الآباء، والآباء يمجدون رمضان زمن طفولتهم في مقابل رمضان في زمن أطفالهم وهكذا/ كأنه إرث من النوستالجيا المقدسة تتوارثه الأجيال! باختصار رمضان هو روح مصر على مدى العصور رغم اختلاف طبائعها!