المطران سامى فوزى: الدين يجب أن يسهم فى جعل المجتمع أفضل بتعزيز قبول الآخر
- تجديد الخطاب الدينى دعوة منفتحة ودشنا مركز الحوار الإسلامى المسيحى
- زيارات الرئيس للكنائس تؤثر إيجابًا على المجتمع ومستعدون للمشاركة فى الحوار الوطنى
أكد المطران سامى فوزى، مطران الكنيسة الأنجليكانية بمصر، أن أوضاع المسيحيين فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى أصبحت أفضل بشكل كبير مما كانت عليه سابقًا، مشيرًا إلى أنه لولا فترات الأمراض والحروب التى مر بها العالم مؤخرًا لجنت مصر ثمار الإصلاح الاقتصادى والمشروعات التى نفذتها الدولة فى السنوات الماضية. وأوضح، فى حواره مع «الدستور»، أن الكنيسة الأسقفية تساند طلب مصر بشأن التوزيع العادل لمياه النيل، وتشارك فى الحوار الوطنى الذى دعا إليه الرئيس السيسى، كما تؤيد دعوته لتجديد الخطاب الدينى وزيادة قبول الآخر، مشيرًا إلى انخراط الكنيسة فى العديد من الأنشطة لتقديم الخدمة المجتمعية فى مجالات الصحة والتعليم والثقافة، بالإضافة إلى خدمة نحو ٤٠ ألف لاجئ سنويًا، وكذلك خدمة نزلاء السجون بالتنسيق مع وزارة الداخلية.
■ بداية.. كيف ترى أوضاع الطوائف المسيحية فى مصر فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى؟
- الوضع بالطبع أفضل بكثير مما كان سابقًا، ونحن نشكر الرئيس السيسى على التغييرات الكثيرة التى حدثت فى البلاد خلال السنوات الماضية، وعلى زياراته الكنائس فى الأعياد، لأنها خطوة إيجابية ورائعة وتؤثر إيجابًا على المجتمع، ونتمنى أن تستمر طيلة الوقت، ونصلى دائمًا من أجل مزيد من الازدهار والتطور، وأن يحل الله الأزمة الاقتصادية وأن نجنى ثمار الإصلاح.
■ ما موقف الكنيسة الأسقفية من قضية سد النهضة؟
- نحن نساند الدولة المصرية فى طلبها العادل لاستخدام مياه النيل، وننادى بالتوزيع العادل لمياهه، ونستغل كل الفرص لنتكلم عن القضية، ونتحدث دائمًا عن عدالة توزيع مياه النيل واستمرار الحوار والانخراط فيه بفاعلية، خاصة أننا عضو فى مجلس رؤساء الأساقفة العالمى، الذى أصدر بدوره بيانًا حول هذا الموضوع، ووقع عليه ٤١ أسقفًا من كل دول العالم، كما أن الكنيسة الأسقفية تضم مجلسًا اسمه مجلس أقاليم إفريقيا، ونحن أعضاء فيه، وهذا المجلس أصدر بيانًا يطالب فيه إثيوبيا بالعمل على ضمان التوزيع العادل لمياه النيل.
■ كيف ترون دعوة الرئيس السيسى للحوار الوطنى ومشروعات الدولة للإصلاح الاقتصادى والاجتماعى؟
- الحوار الوطنى يسهم بشكل إيجابى كبير فى الشأن العام، ونحن مستعدون للمشاركة فى أى حوار مجتمعى وطنى وأى أنشطة تخص الوطن، خاصة أن ذلك الحوار هو ضمن منهج الخدمة المجتمعية بالكنيسة.
أما عن الإصلاح الاقتصادى ومشروعات مبادرة «حياة كريمة» وغيرها، فنرى أن الرئيس السيسى نفذ عددًا من المشروعات الضخمة خلال وقت قصير جدًا، ولا يمكن أن ننكر التقدم الكبير الذى حدث فى قطاعات متعددة فى مصر، مثل تشييد المدن والعاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة ومشروع قناة السويس، وسوف نجنى ثمار الإصلاح الاقتصادى والتقدم فى البنية التحتية بشكل مباشر وغير مباشر، لأن هذا التقدم فى البنية التحتية فى الدولة يسهم فى رفع مستوى المعيشة، ولولا الحروب والأمراض التى مر بها العالم خلال الفترة الماضية لكنا نجنى ثمار تلك المشروعات.
■ ماذا عن دعوة الرئيس لتجديد الخطاب الدينى؟
- هى دعوة منفتحة وفيها قبول للآخر، فالتجديد فى الخطاب الدينى لا بد أن يحدث كل فترة مع تغير الظروف التى نعيش فيها، فالفكر اللاهوتى للكنيسة لا يتغير ولكن طريقة تطبيقه يجب أن تتغير بطريقة عصرية مع الظروف التى يمر بها المجتمع، ونحن كمجتمع نتمنى أن يزيد القبول للآخر وللفكر المختلف، حتى يسهم الدين فى أن يصبح المجتمع أفضل.
■ دشنت الكنيسة الأسقفية مركز الحوار الإسلامى المسيحى فى العام الماضى، فما دور الكنيسة فى هذا الملف؟
- نحن نعيش فى مجتمع إسلامى، ومن المهم جدًا أن يكون هناك حوار دائم بين جميع الأطراف، بهدف تقوية العلاقات وخلق ثقافة تناغم داخل المجتمع، والمركز منذ افتتاحه فى العام الماضى عقد عدة مؤتمرات، منها مؤتمر استمر لمدة أسبوعين وحاضر فيه عدد من الشيوخ والعلماء الذين درسوا فى إنجلترا، وتضمن لقاءات مع طلاب اللاهوت، كما تم عقد لقاء بين العلماء المسلمين والمسيحيين، لتعريف المسيحيين ما هو الإسلام وتعريف المسلمين ما هى المسيحية، كما أن المركز استضاف أيضًا بعض اللقاءات لمناقشة عدد من القضايا التى تهم المجتمع، مثل قضايا المناخ.
■ ماذا عن العلاقة مع باقى الطوائف المسيحية فى مصر؟
- يوجد دائمًا الحوار المسكونى المستمر بين الطوائف، ونتواصل معًا من خلال مجلس كنائس مصر الذى يجمع كل الطوائف المسيحية، ونتمنى تفعيل المجلس بشكل أكبر وأن تزيد أنشطته خلال الفترة المقبلة.
■ ما رؤية الكنيسة الأسقفية فى ملف خدمة المجتمع فى قطاعاته المختلفة؟
- هدفنا أن يكون مجتمعنا أفضل، ولهذا نقدم خدمات مختلفة فى عدة قطاعات، مثل خدمة اللاجئين ونزلاء السجون ودعم القطاعين التعليمى والطبى، من خلال المدارس والمستشفيات ومراكز التنمية المختلفة.
ففى ملف خدمة اللاجئين نقدم العديد من الخدمات المتميزة التى نفخر بها، مثل خدمة التوظيف، كما أننا فى الكنيسة الأسقفية نخدم بين ٣٥ و٤٠ ألف لاجئ سنويًا، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة، ونقدم لهم الكثير من الخدمات، مثل الرعاية الطبية والمسكن، ونوفر لهم الملابس والدعم الصحى، بالإضافة إلى وجود برنامج ضخم لتوظيفهم.
أما ملف الخدمة لنزلاء السجون فهو إحدى الخدمات المهمة فى الكنيسة، خاصة فى فترة الأعياد، والذى يتضمن إقامة صلوات الأعياد فى السجون وغير ذلك، لأن خدمتنا فى الكنيسة تهدف للوصول للأشخاص الذين لا يهتم بهم أحد، ونحن نشكر وزارة الداخلية على التسهيلات التى تقدمها لنا فى هذا الملف، وإتاحة الفرصة أمامنا لنخدم السجناء، خصوصًا فى السجون الجديدة التى تمت إقامتها.
■ ماذا عن دوركم فى ملفات التعليم والثقافة والصحة؟
- لدينا العديد من المدارس للمساعدة فى ملف التعليم، إحداها مخصصة لخدمة ذوى الاحتياجات الخاصة، وأخرى للصم والبكم، وثالثة للاجئين، بالإضافة إلى بعض الحضانات والمراكز المختلفة لخدمة المجتمع.
أما بالنسبة للقطاع الثقافى، فلدينا مراكز متعددة تخدم المسلمين والمسيحيين، وتقدم أنشطة ثقافية متعددة تجمع بين الشباب فى الفن والثقافة، بالإضافة إلى مراكز التنمية فى عدة أماكن، خاصة فى المحافظات الفقيرة.
وبالنسبة للقطاع الصحى، فلدينا مستشفى هرمل فى منوف، وآخر فى مدينة السادات، وبعض العيادات التى تعمل فى خدمة اللاجئين، وعيادات أخرى داخل مراكز التنمية.
ونتمنى فى الفترة المقبلة أن تزيد أنشطتنا بشكل أكبر، خاصة فى ملف اللقاءات المجتمعية والفكرية وتوظيف الشباب وملف عمل المرأة وغيرها.
■ ما طبيعة الخدمات التى تقدمها الكنيسة الأسقفية فى القارة السمراء؟
- الكنيسة الأسقفية تخدم فى ١٠ دول فى القارة السمراء، فى: ليبيا وتونس وتشاد والجزائر وجيبوتى وإريتريا وباقى القرن الإفريقى، بالإضافة إلى عدد آخر من الدول، ولدينا علاقة صداقة قوية مع أقاليم الكنيسة الأسقفية الأخرى، وفى كل إفريقيا، ونعقد دائمًا اجتماعات دورية مع رؤساء الأساقفة لتنسيق الخدمة، وهناك لقاءات على مستوى الخدام فى الكنائس المختلفة.
■ تدور مناقشات كثيرة حول بعض القضايا الخلافية مثل زواج المثليين والموت الرحيم وغيرهما.. فما موقف الكنيسة الأسقفية من هذه القضايا؟
- نحن لا نقبل زواج المثليين، ويمثل هذا خطًا أحمر لدينا، ففى فهمنا للزواج والعلاقات الجنسية هناك خط أحمر لن نتجاوزه أبدًا، لأن تجاوز هذا الخط ومباركة الزيجات المثلية هو أمر لا يقبله ٧٥٪ من أعضاء اتحاد الكنائس الأسقفية الأنجليكانية فى العالم، ويُعرّض الحوار المسكونى وحوار الأديان للخطر، وقد يؤدى هذا التحول فى الممارسات فى نهاية المطاف إلى شراكة مكسورة بين كنيسة إنجلترا واتحاد الكنائس الأسقفية فى العالم، ويجب ألا تتخلى الكنيسة الإنجليكانية بإنجلترا عن إيمانها التقليدى حسب تعاليم الكتاب المقدس، وميراثها الذى كان ملهمًا لاتحاد الكنائس الأسقفية فى العالم، لأنها بهذا تتنازل وتفقد مكانتها الفريدة لكونها الكنيسة الأم لاتحاد تلك الكنائس.
ونحن نشكر لله ونصلى من أجل أولئك الذين وقفوا بحزم ضد تلك التعاليم والممارسات التى تخرج عن التراث التقليدى التاريخى للكنيسة الأنجليكانية، التى ورثناها عن أسلافنا، ونؤكد أن قرار رقم ١-١٠، الصادر عام ١٩٩٨ فى مؤتمر لامبث، هو التعليم الرسمى عن الزواج وممارسة الجنس فى مفهوم اتحاد الكنائس الأسقفية فى العالم.
وتنص إحدى فقرات ذلك القرار على أنه: «لا يمكن إضفاء الشرعية أو مباركة الزيجات المثلية أو رسامة من يشاركون فى تلك العلاقات المثلية»، وهذا هو إيمان الكنيسة الأسقفية فى جنوب الكرة الأرضية حسب تعاليم الكتاب المقدس وتقليد الكنيسة.
أما عن قضية الموت الرحيم فنحن نرفضه ونراه مخالفًا لكل مبادئ الحياة وتعاليم الكتاب المقدس الذى نؤمن به، فالله هو الذى يهب الحياة، وقد رأينا كثيرًا من الحالات التى عادت إلى الحياة مرة أخرى بعد سنين طويلة، كما أن ذلك يمكن أن يتسبب فى قتل الفرد طمعًا فى الميراث.
■ أخيرًا.. ما آخر التطورات فى ملف قانون الأحوال الشخصية الموحد؟
- القانون تحت المناقشة فى وزارة العدل، لوجود اختلافات جوهرية بين الكنائس حوله، لكننا ما زلنا نأمل أن يكون هناك قانون أحوال شخصية موحد للمسيحيين فى مصر، لأن كل كنيسة لها قانونها الخاص، فنحن فى الكنيسة الأسقفية ندرس كل حالة على حدة، حيث ننظر بروح العطف إلى بعض الحالات التى تستحيل فيها العشرة للهجر أو العلة النفسية أو العقلية، لكننا نؤمن بتعاليم الكتاب المقدس التى تقول إنه لا يوجد طلاق إلا لعلة الزنا.