يوسف زيدان: لا يُمكن أن تجد إرهابيًا لديه نزعة صوفية (صور)
شهد بيت الشعر العربي (مركز إبداع الست وسيلة)، ندوة للروائي والباحث البارز يوسف زيدان بعنوان "التصوف تجربة جمالية"، أدارها الشاعر سامح محجوب، وسط حضور كبير وتفاعل من الجمهور بأسئلة أعقبت المحاضرة.
وتحدّث زيدان عن بعض الأفكار المغلوطة التي تُحيط بالتصوف والمتصوفة، وهي الأفكار التي أسهمت السينما والتليفزيون في شيوعها ورسوخها لدى قطاعات كبيرة، ومن ثم فقد سعى في الندوة عبر ملاحظات قصيرة إلى تصحيح بعض منها للانطلاق نحو تبيان أهمية التصوف ودوره في التجربة الجمالية وكذلك في الواقع المعيش.
التصوف ضد النزعة الهمجية
وأشار زيدان، عبر محاضرته، إلى أن التصوف يسهم في التغلب على النزعة الهجمية التي قد توجد داخل كل إنسان، فالتصوف نزعة روحانية مفارقة للمادة وعابرة للثقافات وتخص النفس الإنسانية، ويجاورها فيها المفاهيم الأخلاقية العليا والإبداع والتجرد.
وتابع: "لهذا السبب، لن تجد إرهابيًا عنده نزعة صوفية، وهو ما يفسر لماذا خرج أبوبكر البغدادي في أول حديث سمعناه له ليحذر من قراءة الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي، فالمتصوف لا يمكن أن يصير إرهابيًا".
من جهة أخرى، تكشف تلك الحقيقة الجرأة والفجاجة التي جاء بها الأتراك، حين قدموا في عمل درامي شخصية الغازي "أرطغرل" بصفته صديقًا لابن عربي، وهو ما لم يحدث وينفيه التاريخ والوقائع، ومع الأسف يشاهده الكثيرون ويظنون أنه حقيقة.
ولفت زيدان، في معرض حديثه، إلى أهمية الالتفات إلى الأبطال الحقيقيين في التاريخ وليس من يُروج لهم بصفتهم أبطالًا مع أنهم كانوا مجرمين، وذكر في هذا الصدد بيبرس وقطز اللذين أكد على أنهما أضرا بمصر ضررًا فادحًا، بينما البطل الحقيقي لهذه المرحلة هو ابن النفيس الذي لم ينقطع عن الكتابة والبحث طوال عقود من حياته.
التصوف الفلكلوري
بيّن زيدان أن التصوف نزوع كامن في كل نفس إنسانية لمعرفة الطريق إلى الله المحتجب بداخلها، بينما الطرق الصوفية تقليد انتشر في القرن السابع الهجري وما بعده، ومن ثم فهي شكل اجتماعي مصري.
وحذّر من سيادة ذلك الشكل من التصوف الفلكلوري، المعتمد على الطرق الصوفية والشيوخ والمريدين، باعتباره خطرًا يهدد باستبعاد العقل عبر الكرامات المضادة للعقل والتفكير العقلاني، فضلًا عن كونها متصلة بالمادة وهو ما يضاد التصوف.
وأوضح زيدان أن التصوف الحقيقي بعيد عن الأفكار السائدة مثل الشيوخ والمريدين، فكبار المتصوفة مثل محيي الدين بن عربي أو رابعة العدوية وغيرهما لم يعرف لهم أي مريدين أو شيوخ، فهي أفكار مغلوطة أسهم الفلكلور المملوكي في الترويج لها.
وردًا على سؤال وجّهه له أحد الحضور حول كيفية تفعيل الموروث الصوفي في زمننا المعاصر، أجاب زيدان: عبر استحضار التجارب الصوفية المجيدة مثل عمر المختار الذي واجه الإيطاليين في ليبيا، وماضي أبوالعزائم الذي كافح ضد الاستعمار الإنجليزي وغيرهما من المتصوفين الذين كانوا فاعلين في الواقع.