التوتر بين نتنياهو والولايات الأمريكية.. الخلفية والأسباب والتداعيات
التصريحات القاسية التي أدلى بها رئيس الولايات المتحدة جو بايدن عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والاتجاه الذي يقود إسرائيل نحوه، لاقت ردود أفعال كبيرة داخل إسرائيل. فقد أوضح "بايدن" دون أن يستخدم لغة دبلوماسية، بأن ليس لديه أي نية لدعوة نتنياهو لزيارة البيت الأبيض قريبًا، وأنه يعتقد أن رئيس الوزراء يقود إسرائيل إلى كارثة. قال بايدن: "إسرائيل لا يمكنها أن تستمر هكذا، هم يعرفون موقفي في هذا الموضوع وموقف يهود الولايات المتحدة".
إن الامتناع عن دعوة نتنياهو إلى واشنطن، فنتنياهو هو رئيس الوزراء الإسرائيلي الأول من بين الـ13 رئيس حكومة في إسرائيل الذي لم يحصل على دعوة أو زيارة إلى واشنطن خلال 3 شهور الأولى من أدائه لليمين.
اعتبر التقدير الاستراتيجي الذي قدمه مركز أبحاث الأمن القومي لرئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ قبل عدة أسابيع، أن تهديد مستقبل العلاقات الخاصة مع الولايات المتحدة هو التهديد الأكبر لأمن إسرائيل القومي.
مواقف ساخنة
تصريحات "بايدن" جاءت بعد مجموعة من الرسائل والتلميحات ومحاولات التأثير في الغرف المغلقة، بحسب مصادر عديدة أشارت إلى قلق في الإدارة الأمريكية بسبب التصعيد في إسرائيل خلال الأيام الأخيرة على خلفية خطة الإصلاحات القضائية التي أعلن نتنياهو قبل أيام عن تعليقها.
في الشهر الجاري، قام وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن باستدعاء السفير الإسرائيلي في واشنطن مايك هرتسوغ إلى جلسة توبيخ، في أعقاب التصويت على قانون "خطة الانفصال" الذي يهدف إلى إلغاء بعض بنود القانون الخاص بخطة الانفصال عن غزة وشمال الضفة الغربية، وحذّرت الخارجية الأمريكية من مغبة توسيع المستوطنات بسبب القانون، ووصفت القانون بأنه استفزازي، بينما أوضح مكتب نتنياهو أن القانون لن يؤدي إلى إقامة مستوطنات جديدة في مناطق شمال الضفة، والتي تم إخلاء 4 مستوطنات فيها عام 2005.
وفي أوائل مارس الجاري، أثناء زيارة رئيس الأركان الأمريكي ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي إلى إسرائيل لم يطلبا اجتماعًا مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وهناك من فسرها بأنه رد أمريكي بسبب تصريحات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش بعد كلامه عن موضوع قرية حوارة حيث دعا إلى محوها.
أسباب التوتر
يرجع التوتر بين الإدارتين الأمريكية والإسرائيلية إلى عدة أسباب، من بينها العمليات الإسرائيلية في الضفة، الإعلان عن البناء خلف الخط الأخضر، وعلى رأس الأسباب خطة الإصلاح القضائي والاحتجاج في إسرائيل.
وجاءت الإطاحة بوزير الدفاع يوآف غالنت الذي يتمتع بعلاقات عمل قريبة جدًا في الإدارة الأمريكية وفي وزارة الدفاع الأمريكية لتشكل نقطة ذروة في التوتر الذي أدى إلى التصريحات القاسية للرئيس بايدن ضد الحكومة وضد نتنياهو.
هناك عاملان يقفان في أساس الانتقاد الأمريكي ضد بنيامين نتنياهو، الأول هو سياسي - استراتيجي، والثاني قيمي - أيديولوجي.
من ناحية سياسية فإن نتنياهو والتطورات في إسرائيل تحولت على عبء على البيت الأبيض الذي لديه أجندة مختلفة حاليًا، توجد فيها الحرب الروسية الأوكرانية، والمنافسة مع الصين على قائمة الأولويات.
من ناحية القيم والأيديولوجيا فإن إسرائيل بالنسبة لواشنطن دولة تتراجع عن القيم الديمقراطية الليبرالية نحو نظام استبدادي ويبدو في نظرهم أنها تتخلى عن الركيزة الأساسية للعلاقات مع الولايات المتحدة، "قيم مشتركة". بالنسبة لنتنياهو فإن من منظوره أن أكبر ديمقراطية في العالم لا تحترم نتائج الانتخابات في إسرائيل.
ما التداعيات؟
في جهاز الأمن الإسرائيلي يقدرون بأن التوتر بين نتنياهو وبايدن لن يكون له تأثير على التعاون في مجالات الأمن بين الدولتين على المدى القصير، لكن استمرار التدهور قد يؤدي إلى تغيير أساسي في علاقة إسرائيل بالولايات المتحدة.
وترى التقديرات أنه إذا استمر التوتر مع الولايات المتحدة، فقد يكون هناك تأثير استراتيجي - سياسي على دول إسلامية ترى في العلاقة مع إسرائيل طريقًا لتحسين العلاقات مع واشنطن، وقد يؤثر على فرص التطبيع بين تلك الدول وإسرائيل. مما يضر بالمصلحة الأمريكية في الاستقرار في الشرق الأوسط، وقد تتجه دول المنطقة للمزيد من التقارب من الصين وروسيا.
المستفيد الأكبر من التوتر الحالي هو إيران، التي تواصل السعي نحو أهدافها في المجال النووي من دون عراقيل، وتروج رسائل من خلال أذرعها في المنطقة في ضعف إسرائيل.
بشكل عام، فإن الوضع الحالي في إسرائيل يسبب قلقًا في واشنطن التي تعتبر إسرائيل قبضة أمريكية عسكرية في الشرق الأوسط.