59 عامًا على تأسيسها.. القصة الكاملة لإنشاء إذاعة القرآن الكريم
«لقد بدأ انطلاق أول إرسال لإذاعة القرآن الكريم عام 1964 واستمرت حتى عام 1969 وهي تقدم تسجيلات للقرآن الكريم المرتل، وبعد ذلك التاريخ بدأ التطوير باستحداث بعض البرامج الدينية كالتفسير والسنة النبوية المطهرة وبرنامج حول بيوت الله».. هكذا قال محمد كمال الدين مدير الإذاعة الأسبق في حوار سابق له بجريدة "النور" بعددها الصادر بتاريخ 16 يناير 1991.
ومنذ عام 1974 بدأت الخريطة الإذاعية للبرامج تتطور؛ بإذاعة صلاة الفجر على الهواء مباشرة من مساجد القاهرة ثم تقديم إذاعة لصلاة الجمعة على الهواء أيضا، بجانب برامج إذاعية تقدم الدين الإسلامي الصحيح إلى المستمعين أو غيرهم على مدى 20 ساعة إرسال متواصلة.
وتحمل إذاعة القرآن الكريم التي بدأ بث إرسالها في 25 مارس 1964، دلالات وأبعادًا ذات مغزى كبير، فقد كانت الأولى من نوعها التي تقدم ذلك النوع، إلى أن أصبحت من أشهر الإذاعات الدينية على مستوى العالم.
لقد كان لقرار نشأتها ظروف وملابسات سبقته ودعت إلى اتخاذه؛ ففي أوائل الستينيات من القرن الماضي ظهرت طبعة مذهبة من المصحف، ذات ورق فاخر، وإخراج أنيق، بها تحريفات خبيثة ومقصودة لبعض آياته، وكانت هذه الطبعة رغم فخامتها رخيصة الثمن.
وحينها؛ استنفرت وزارة الأوقاف والشؤون الاجتماعية إذ كانت ممثلة في المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والأزهر الشريف ممثلًا في هيئة كبار العلماء في ذلك، لكي تتدارك هذا العدوان الأثيم على كتاب الله، وبعد الأخذ والرد تمخضت الجهود والآراء عن تسجيل صوتي للمصحف المرتل برواية حفص عن عاصم بصوت القارئ الشيخ محمود خليل الحصري، على أسطوانات توزع نسخ منه على المسلمين في أنحاء العالم الإسلامي، وكافة المراكز الإسلامية في العالم، باعتبار ذلك أفضل وسيلة لحماية المصحف الشريف من الاعتداء عليه.
إلا أنه وبمرور الوقت تبين أن هذه الوسيلة لم تكن فعالة في إنجاز الهدف المنشود من ورائها؛ نظرًا لعجز القدرات والإمكانات المادية في الدول الإسلامية في ذلك الوقت، إلى أن توصلت وزارة الثقافة والإرشاد القومي - المسئولة عن الإعلام في ذلك الوقت، وعلى رأسها الإعلامي الدكتور عبد القادر حاتم - إلى اتخاذ قرار بتخصيص موجة قصيرة، وأخرى متوسطة لإذاعة المصحف المرتل الذي سجله المجلس الأعلى للشئون الإسلامية.
وبعد موافقة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بدأ إرسال "إذاعة القرآن الكريم" في الساعة السادسة من صبيحة الأربعاء 11 من ذي القعدة لسنة 1383هـ الموافق 25 مارس لسنة 1964م، بمدة إرسال قدرها 14 ساعة يوميًّا من السادسة حتى الحادية عشرة صباحًا، ومن الثانية حتى الحادية عشرة مساءً على موجتين: إحداهما قصيرة وطولها 30.75 ك.هـ والأخرى متوسطة طولها 259.8 ك.هـ؛ لتكون أول صوت يقدم القرآن كاملًا بتسلسل السور والآيات كما نزل بها أمين الوحي جبريل "عليه السلام" على قلب سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، وكانت بذلك أنجح وسيلة لتحقيق هدف حفظ القرآن الكريم من المحاولات المكتوبة لتحريفه؛ حيث يصل إرسالها إلى الملايين من المسلمين في الدول العربية والإسلامية في آسيا وشمال أفريقيا.