المصارف الإقليمية فى أمريكا مطمئنة إلى صمودها رغم الاضطرابات
تسعى المصارف الإقليمية الأمريكية التي هزّتها الأزمة المصرفية وأثارت مخاوف عملائها، إلى أن تبقى مصدراً رئيسياً لتمويل الشركات الصغيرة والأفراد.
يقول صاحب مزرعة باريت هيل في وسط إيلينوي "شمال الولايات المتحدة"، "مصرفي يسهّل علي الحياة".
إذا احتاج إلى قرض لشراء أرض أو معدّات جديدة، كلّ ما يتطلّبه الأمر هو مكالمة هاتفية بسيطة. ويضيف لوكالة فرانس برس "كان (المصرف) يطلب مني الحضور بين الحين والآخر لملء الأوراق فقط".
توسّع عمل باريت هيل عبر التواصل مع المسئول عن ملفّ مزرعته في "بنك بيبولز ستايت أوف نيوتن"، الذي يملك ثمانية فروع. ويقول "لن أفكّر أبداً في تغيير المصرف".
من جهته، يقول براد بولتون، مدير "كوميونيتي سبيريت بنك" وهي مؤسسة تملك أصولاً بقيمة 195 مليون دولار وستة فروع في ألاباما ومسيسيبي "جنوب"، إنّ "العلاقات الإنسانية هي محور" عمل المصارف الإقليمية. ويضيف "زبائني يعرفونني، أعرفهم، أعرف وضعهم المالي".
في الولايات المتحدة، تغطّي المصارف الإقليمية 60 في المئة من القروض الممنوحة إلى الشركات الصغيرة و80 في المئة من تلك الممنوحة إلى المزارعين، وفقاً للاتحاد الذي يمثّل المصرفيين الإقليميين المستقلّين "ICBA".
تعدّ المصارف الأميركية العملاقة المنتشرة عالمياً، مثل "جي بي مورغان تشايس" أو "سيتي غروب"، من الأكثر شهرة. ولكن يوجد في الولايات المتحدة 4706 مصارف و4760 صندوق ادخار، تضمن السلطات ودائعها إلى حدّ معيّن.
تقدّم المصارف الصغيرة والمتوسطة الحجم جميع الخدمات الأساسية، حتى لو كان من الصعب عليها أحياناً تقديم معدّلات فائدة تنافسية على الرهون العقارية على سبيل المثال، وفقاً لجولي هيل المتخصّصة في القطاع المصرفي في جامعة ألاباما.
إنها قوية للغاية في مجال منح القروض للشركات الصغيرة، بينما تعتمد المصارف الكبيرة على "مقياس اقتصادي من أجل تمويل الشركات الأكبر"، بحسب تعبير هيل.
كذلك، تشير جولي هيل إلى ميزة أخرى للبنوك الإقليمية، هي أنّ السلطات يمكنها السماح لها بالتجربة، كما هي الحال مع العملات المشفّرة.
وفي هذا الإطار، تقول "لو كان هناك عدد قليل فقط من المصارف الكبيرة، فإنّ الحكومة ستكون متردّدة في السماح لها بتجربة أشياء جديدة محفوفة بالمخاطر".
غير أنها تلفت إلى أنّ الجانب السيئ لهذه المسألة يتمثّل في أنّ المصارف الإقليمية لا تُعتبر مهمّة للغاية كي تبادر الحكومة إلى إنقاذها في حال حدوث مشاكل.
وتضيف "حتى لو اعتقد الوكلاء أنّ مصرفهم سليم مالياً، وتجري إدارته بشكل جيد، إلّا أنّ هؤلاء الذين يملكون ودائع كبيرة سيشعرون بالقلق".
بعد الإخفاقات التي شهدتها ثلاثة بنوك متوسّطة الحجم في الولايات المتحدة هي "سيلفرغيت" و"بنك سيليكون فالي" و"بنك سيغنيتشر"، أثّر الخوف من سحب بعض العملاء أموالهم بشكل جماعي وكبير، على المؤسّسات المشابهة المدرجة في بورصة وول ستريت.
فقد خسر سهم "فيرست بنك" 88 في المئة منذ الثامن من مارس، وكان مصيره لا يزال معلّقاً الأربعاء رغم المساعدات التي قدّمتها إليه السلطات والمؤسسات المنافسة.
كذلك، انخفض سهم "باك ويست" 62 في المئة في الفترة ذاتها، و"ويسترن ألاينس" 55 في المئة، و"زيونس" 35 في المئة.
واعترف مدير بنك "زيونس"، الذي يحل في المرتبة 36 بين المصارف الأميركية الأكبر من حيث حجم الأصول، الثلاثاء في مؤتمر لجمعية المصرفيين الأمريكيين، بأنّ الأسبوع الماضي كان "حافلاً للغاية" بالمحادثات مع الموظفين والعملاء وتنفيذ خطط التمويل الطارئة.
غير أنّ سكوت أندرسون أوضح أنّ "بنك سيليكون فالي"، وهو مؤسسة منافسة، كان يركّز على زبائن محدّدين هم روّاد الأعمال في مجال التكنولوجيا، وكان اعتماده هذا الاتجاه "استثناءً".
وأشار إلى أنّ بعض العملاء سحبوا أموالهم قبل أن يقوموا بإعادتها. وقال "يريدون أن يتأكدوا أنّ بإمكانهم القيام بذلك، وبالطبع نحن هنا لمساعدتهم والإجابة على جميع الأسئلة".
في هذه الأثناء، سعى أصحاب مؤسسات أخرى أصغر كانوا موجودين خلال المؤتمر، إلى إبداء اطمئنان أيضاً.
وقال دان روب، المدير العام لـ"بنك جونسبيرغ ستيت" في ميسوري، "تلقّينا عدداً من المكالمات الهاتفية ولكنّه لم يكن عدداً كبيراً". وأضاف "أعتقد أنّ الناس يشعرون حقاً بأنّ النظام قوي وأننا صامدون".
كذلك، قال براد بولتون "من بين جميع البنوك الإقليمية التي تحدثت إليها، لم يشهد أي مصرف عمليات سحب كبيرة". وأضاف "حتّى إنّنا (في مؤسستنا) شهدنا وصول ودائع" جديدة. وتابع "نحن موجودون منذ 115 عاماً، وأعتزم البقاء 115 عاماً إضافية. وعملائي يعرفون ذلك".