رسائل لن تصل إلى عمر خورشيد
مرت الأيام سريعًا وتقابلنا من جديد
لا أخفي عليك، لا أشعر أني بخير، كلما مر الوقت أدركت الحقيقة وتألمت أكثر ..!
فقدت أمي حقًا؟!
لم يكن كابوسًا مزعجًا ..!
لم يكن توهمًا..؟!
كل ما حدث لم يكن أضغاث أحلام.!
كان واقعا كارثيًا، تغلبت عليه تارة، وهزمني تارة أخرى...!
تأكد أن ما أشعر به من وجع لا علاقة له بشهر رمضان الفضيل أو باحتفالات عيد الأم..
ربما لأن أيامي معها كانت كلها أعيادًا، حرصت دوما على أن تكون زيارتي خفيفة مبهجة، كما كنت أوصي إخوتي بذلك أيضاً..
عندما كانت تنفعل وتتضايق، أنصت إليها بانتباه تام، وبصمت، ثم أبتسم لتنفعل أكثر وتتهمني بالجنون؟!
أخبرها أني كذلك، إذا تحليت بالعقل أمام ما تقول حتمًا سأفقد أحد أبراج عقلي التي تحافظ على اتزاني والتي أثبتها بصعوبة فتنفجر بالضحك..! احتضنها واقبلها واخبرها أني سأقتص من هذا الذي يضايقها ...؟!
كلما مر الوقت، أيقنت أني فقدت ابنتي لا أمي..!
تلك التي كانت تحتمي بي وكنت أستمد منها بالقوة.!
الآن بت وحيدة خاصة وأن الجميع ابتلعته عجلة الحياة .
ينصحني البعض ألا استسلم لهذه الحالة ، لهذه المشاعر الانهزامية..
أخبرتهم أنني لم ارتد الأسود لشهور كما فعلت حزنًا على والدي ربما لأن حزني على أمي لم يعد حزنًا عاديًا..!
هو وجع من نوع ما... لا تفسير له !!
وجع يؤلم القلب، يدمي الروح ، وجع لا وصف له.!
تنسال دموعي رغمًا عني لتذكرها وتذكر حقيقة أنه لا وجود لها وأنها لم تعد جزء من عالمي.
عزيزي عمر خورشيد
أثقل عليك بأحزاني مجددا،رغما عني من يراني يعتقد أنني تجاوزت المحنة لكن الواقع أن بداخلي شخصية أخرى ضعيفة هشة تتألم مع كل لفته مع كل لحظة تمر بي.
أعيش حالة لا توصيف لها لكنها تلقي بظلالها على روحي كل حين، لا ادري إلى متى ستستمر هذه الحالة.
لكني أجاهد نفسي وأحاول تجاوز هذه المشاعر وعبور هذه المرحلة الدقيقة من حياتي .
عزيزي عمر خورشيد
اليوم هو عيد الأم.. كل عام وكل أم بخير وسعادة وهناء.
الأم في المنزل ليست سوى شعاع نور يضيء النفوس قبل البيوت.
الأم هي الروح، هي الشجرة التي نستظل بظلها ونحتمي بحضنها من غدر الزمن ..
دون الأم ينهدم الكيان ويتضرر البنيان. حفظ الله أمهاتنا ورحم من رحل منهن.
لا أخفي عليك، لا أنصت لأغاني المناسبات بحماس وشغف إلا الأغاني الوطنية.
لما لها من تأثير آسر للروح والوجدان.
ربما يخفق قلبي لنبرة صوت السندريلا وهي تشدو"يا ماما يا أمه يا آماتي سلاماتي احتراماتي قبلاتي".
أو وهي تقول "دولا مين ودولا مين دولا عساكر مصريين".
ما دون ذلك من أغاني خاصة بالأم لا تستوقفني رغم أن هناك من سيختلف معي قطعاً..!
كذلك أحب أغنية" رمضان رمضان والله بعوده يا رمضان يا شهر العبادة والتقى والغفران".
كلما سمعتها تدمع عينياي وأشعر بقشعريرة تسري بجسدي وكأنها تحثني أن أركض لسبحتي التي أحب كي أبدأ ما أفعله كل عام من تجهيزات خاصة جداً.. احتفالا باستقبال الشهر الفضيل.!
كل عام ومصرنا العزيزة بخير ونماء وسعادة
عزيزي عمر خورشيد
أضاءت الزينات شوارعنا كما تضيء أيام رمضان أرواحنا .. أحب التجول سيرًا حتى أرى حرص الآخرين على تزيين الشوارع ومداخل البيوت بالزينات وأفرع النور ابتهاجًا واستعدادًا لاستقبال هذا الشهر الفضيل الذي أسأل الله أن نكون من الفائزين بغفرانه ورحماته وعتقه من النار.
عزيزي عمر خورشيد
قرأت شيئا أزعجني كثيرًا .. تم هدم المتحف القومي للآثار في بورسعيد الباسلة ليشيد مكانه فندقاً سياحياً؟!
أيعقل هذا؟!
كيف يتم السماح بمثل هذا الأمر؟
ما يحدث ما هو إلا محاولة لتجريف تاريخ أمه.
ما يحدث هو طمس لنصر ومجد بطولات المقاومة الشعبية في مدن القناة.!
تمت إزالة المتحف عام 2009 بزعم إعادة بنائه، خاصة وانه يضم أكثر من 9000 قطعة أثرية.
كيف يتم إزالة متحف كبناء أو محتويات تظل شاهداً على نضال المدينة الباسلة.
رمز من رموز الكفاح الشعبي .. ليبنى فندقا أو أي منشأ استثماري لن يتمتع به أبناء. بورسعيد...!
هناك محاولات تشويه تجري عن عمد .. يرفضها المصريون لا لشيء إلا رغبة في الحفاظ على التراث والتاريخ والهوية المصرية.
عزيزي عمر خورشيد
تتمتع مدن القناة بمكانة هامة في النفوس يكفي أن كل مدينة من مدن القناة بعد أن تمت إعادة أعمارها بعد الحرب، حرص المسئولين على ترك ملاجئ تحت الأرض أو عقار مهدم من أثر القصف والعدوان في مداخل المدن والأحياء للتذكير بأن كيف كنا وماذا أصبحنا..؟!
ليعي الجميع ما قيمة الوطن وكيف هي الحرب وما هو السلام، كيف ضحينا وبما وأين وصلنا وكيف؟
أما الآن وتحت راية وشعار التطوير تتم إزالة كل ما من شأنه أن يؤثر فينا وفي الأجيال الحديثة، تتحول مدننا وبلادنا لمجموعة من المباني الصماء المتشابهة الفاقدة للروح. مجرد قطع خرسانية تمتد لمساحات كبيرة يسكنها أشباه بشر ..!
عزيزي عمر خورشيد
أتمنى أن يعاد النظر في العديد من الأمور لاسيما ما يخص تاريخنا العسكري وما لدينا من تركة ورثناها عن آبائنا وأجدادنا، تاريخ من البطولات العظيمة يظل شاهداً على بطولات لم ترو بعد ولا يعرف عنها أحد أي شيء..
فما لم يحكى أقوى وأقيم مما حكي وتم توثيقه.
أنقذوا متحف بورسعيد أعيدوا لنا تاريخ المدينة الباسلة
أخيرا كن بخير لأكتب لك مجددا.