كاتبة صينية لـ«الدستور»: زيارة الرئيس «شي» لموسكو ترسم مستقبل العلاقات مع روسيا
قالت الكاتبة والصحفية الصينية سعاد ياى شين هوا، إن زيارة الرئيس الصيني شي حين بينغ إلى روسيا تتمتع بأهمية كبيرة، ومثلما أكده الرئيس شي في المقال الذي نشره اليوم على جريدة روسية رسمية، فإن 3 كلمات يمكن أن تصف ما تتسم به هذه الزيارة وهي «الصداقة والتعاون والسلام».
وأوضحت سعاد ياى شين هوا، في تصريحات خاصة لـ«الدستور»، أن هذه الزيارة ستقود العلاقات الصينية الروسية للتطور بشكل مستمر إلى الأمام وعلى المستوى الرفيع.
محطات التنسيق بين روسيا والصين
وقالت الكاتبة الصينية إن زعيما البلدين يحافظان دائما على تواصل وثيق، ومنذ عام 2013 حتى الآن، هناك نحو أربعين لقاء بين رئيسي البلدين، وقد زار الرئيس الصيني شي روسيا لثمان مرات، وهذه هي المرة التاسعة التي يزور فيها روسيا، حيث يعد الحفاظ على تبادلات رفيعة المستوى بين البلدين من المميزات البارزة التي تدفع العلاقة الثنائية بين البلدين إلى الامام.
وأضافت: “عقب عام 2013، اتخذ الرئيس شي روسيا مرة أخرى كالمحطة الأولى في زيارته الخارجية بعد إعادة انتخابه كرئيس الدولة، الأمر الذي يعكس اهتمامات الصين في تطوير علاقاتها مع روسيا في العصر الجديد”.
وأوضحت سعاد ياى شين هوا، أن النمو الاقتصادي والتجاري الثنائي الجيد بين البلدين يحتاج إلى المزيد من التوافقات بين البلدين لصالح الشعبين بشكل أكبر، فكلاهما دولتان مجاورتان، وتتناول التبادلات والتعاون بينهما مجالات النفط والغاز الطبيعي والفحم والمنتجات الزراعية وبالإضافة إلى التجارة المتبادلة العشبية المزدهرة على حدود البلدين والتبادلات الثقافية المتنوعة والمكثفة بين الشعبين.
وأشارت إلى أنه في العام الماضي، بلغ إجمالي حجم التجارة المتبادلة بين البلدين أكثر من 190 مليار دولار أمريكي بزيادة نحو 30 % مقارنة بما كان الحال عليه في نفس الفترة من العام السابق.
كما يعمل البلدان على توسيع تعاونهما في مجالات تقنيات الجيل الخامس والتجارة الإلكترونية عابرة الحدود والاقتصاد الرقمي واقتصاد منخفض الكربون وغيرها من المجالات الجديدة، فيمكن أن نتوقع أن تدفع زيارة الرئيس الصيني شي لروسيا العلاقة والتعاون بين البلدين في شتى المجالات إلى الأمام.
وأوضحت سعاد ياى شين هوا، أن روسيا والصين عضوان دائمان لمجلس الأمن الدولي ودولة كبرى ومستقلة، لكلاهما حق تام في تطوير علاقات ودية بينهما. كما يساهم تعزيز التعاون والتواصل بين البلدين في بناء الهيكل المتعدد الأقطاب في العالم، حيث يتلزم كل منهما بالتعددية وديمقراطية العلاقات الدولية ويعارضان سياسة القوة والهيمنة والعقوبات أحادية الجانب على دول أخرى. فمثلما أكدته الصين: كلما يتصاعد توتر الوضع العالمي، تحتاج الصين وروسيا إلى تعزيز علاقاتهما لضمان السلم والاستقرار الإقليميين، وحماية التوازن السياسي في نطاق العالم.
دور الصين في حل أزمة أوكرانيا
وقالت سعاد ياى شين هوا، إن الصين ما زالت الصين ولاتزال تلعب دورا مهما في حل أزمة أوكرانيا. وطرحت الصين في فبراير 2023 مبادرتها السلمية المتكونة من 12 بندا، ومحورها هو توقف النار وإطلاق المفاوضات، ما عرض مجددا موقف الصين الحيادي الثابت في هذا الصراع والتسوية السياسية لهذه الازمة كما ان الصين تحافظ على اتصالاتها مع كل جانب من الجانبين الروسي والأوكراني، والعلاقة بين الصين وكل منهما جيدة. وفي ظل يشهد وضع الصراع العسكري الروسي والأكراني توترا مستمرا، باعتقادي أن المبادرة السلمية الصينية قدمت حكمة صينية لحل هذه الأزمة المعقدة.
وتابعت: “يجب علينا أن نلاحظ ان الصين تقف في المكانة الحيادية في هذا الصراع، وليست طرفا يشارك في هذا الصراع العسكري، ولم تقدم مساعدات عسكرية لكل جانب من الجانبين، بدلا من أنها تبذل جهودها لدعوة الأطراف لحل الأزمة عبر الطرق الدبلوماسية، وقدمت مساعدات إنسانية إلى الشعب الأوكراني. وباعتقادي أن المبادرة الصين السلمية فتحت بابا للسلام وقدمت مقترحات لتحقيق السلام، لكنها ليست مفتاحا لحل الأزمة. ويحتاج السلام إلى الجهود المشتركة من الأطراف المختلفة، وبما فيها طرفا الصراع وغيرهما من الأطراف الأوروبية والأمريكية”.
وأوضحت الكاتبة الصينية، أنه خلال أكثر من سنة الماضية، قدمت الدول الغربية والولايات المتحدة بالتحديد دفعات متزايدة من الأسلحة إلى ساحة القتال في أوكرانيا، ما أدى إلى إطالة نيران الصراع. كما وجهت هذه الدول تهديدات وفرضت ضغوطات على الجانب الصيني لإجبارها على ترك تعاونها الطبيعي مع الجانب الروسي، ونشرت مزاعم متعلقة بتزويد الصين بأسلحة إلى الجيش الروسي. لكن كل هذه الاتهامات ليست لديها أي أساس من الصحة. وكل ذلك يمثل سياسة القوة والهيمنة من بعض الدول الغربية.
وشددت سعاد ياى شين هوا، على أن الصين وروسيا دولتان مستقلتان، ولديهما سيادة وطنية كاملة. ويعتبر إجراء التبادلات والتعاون بينهما شأنا من الشؤون بين الدولتين المستقلتين، لا أحد ولا دولة لديها حق لاتهام بهذا التعاون الطبيعي. كما أن الصين قد أكدت موقفها الحيادي في هذا الصراع، ولم تقدم أي مساعدات عسكرية لجانب من جانبي الصراع، فإنها لن تقبل محاولة أية دولة من الدول لإجبارها على اختيار جانب من الجانبين للوقوف معه في هذا الصراع العسكري.
واشارت إلى أن زيارة الرئيس شي جين بينغ إلى روسيا ستكون رحلة سلمية، وعلى أساس مبادئ عدم الانحياز وعدم المواجهة وعدم استهداف أطراف ثالثة، وسيمارس الجانبان الصيني والروسي تعددية حقيقية، ويعززان إضفاء الطابع الديمقراطي على العلاقات الدولية، وبناء هيكل عالمي متعدد الأقطاب، وتحسين الحوكمة العالمية، للإسهام في التنمية والتقدم في العالم.
وأوضحت سعاد ياى، أن الصين تقف دائما في صف السلام والحوار، وتلتزم بحل المشاكل والأزمة عبر الطرق الدبلوماسية وفي إطار ميثاق الأمم المتحدة. وتلعب الصين دورها البناء في حل الأزمة، وطرحت مبادرتها السلمية، وأكدت انها ستواصل جهودها في دعوة الأطراف إلى الجلوس في طاولة المفاوضات، وتعتقد أنه طالما أن جميع الأطراف المعنية تتمسك بمفهوم أمني مشترك وشامل وتعاوني ومستدام، وتلتزم بالحوار والتشاور المتكافئ والعقلاني والعملي، فإنها بالتأكيد ستجد طريقة معقولة لحل الأزمة الأوكرانية والطريق الموجه إلى السلام والأمن الدائمين العالميين.