تزيد التكلفة المالية من سرقات التيار الكهرباء..
فجوة زمنية بين وقت تقديم طلب تركيب عداد كودي واستجابة تنفيذه
يعد المشروع الذي تقوم على تنفيذه وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة بشأن تحويل نظام محاسبة الاستهلاك الشهري من آلية الممارسة إلى تركيب العدادات الكودية مسبوقة الدفع للمواطنين الذين يستمدون التيار الكهربائي بطرق غير شرعية هو الأفضل من حيث خفض نسب الفقد بالشبكة القومية للكهرباء وتقليل حجم الخسائر المالية بقطاع الكهرباء وحماية للمواطن من الغرامة والحبس عند ضبطه بارتكاب مخالفة سرقة التيار الكهربائي.
ولكن فرق شاسع بين أهمية المشروع وآلية التطبيق المتعلقة بالعنصر البشري غير المدرب على الأداء السريع في تحويل طلبات تركيب العداد الكودي المقدمة من المواطنين عبر المنصة الموحدة لخدمات الكهرباء إلى واقع ملموس عبر قرار المعاينة لفحص الطلب والتأكد من مطابقته للشروط والمعايير المنصوص عليها، إذ هناك فجوة زمنية بين وقت تقديم الطلب والاستجابة لتنفيذه.
المواطنة "س. ع" سيدة مسنة لديها منزل مكون من أربعة طوابق يحتوي كل طابق على وحدة سكنية فقط، في مدينة بشتيل التابعة لمحافظة الجيزة، والواقعة في دائرة اختصاص شركة جنوب القاهرة لتوزيع الكهرباء، وكانت تقدمت بطلب عبر المنصة الموحدة لخدمات الكهرباء لتركيب عداد كودي، خشية من تعرضها لتحرير محضر سرقة التيار الكهربائي بسبب حصولها على التيار بطريقة غير شرعية، ولسبب آخر هو انشغال نجليها الذكور في أعمالهم طيلة النهار، إذ لم يسعفهم الوقت للذهاب إلى إدارة كهرباء بشتيل لسداد قيمة الممارسة عن استهلاك الكهرباء كل شهر.
تقول "س. ع" لـ"الدستور" عندما علمت بوجود رجال مباحث الكهرباء في الشارع الذي اسكن فيه، شعرت بالخوف، وأغلقت باب المنزل العمومي، وأطفأت أنوار الشقة، وجلست دون حراك في المنزل وحدي، ودارت في رأسي أفكار لا يعلم بها إلا الله، وشعرت بالخوف من أن يقترب رجال المباحث من منزلي ويكتشفوا عدم وجود عداد كهربائي، إذ أنني نظرت من خلف شرفة غرفة جانبية بالشقة فوجدتهم يحررون محضر لمحل بقالة في المنزل المجاور لمنزلي كان يستمد التيار بطريقة غير شرعية، كما صعدوا إلى المنزل نفسه وحرروا محاضر لباقي الشقق الساكنة وتستهلك الكهرباء بدون عداد أو حتى ممارسة شهرية.
المواطنة "س. ع"، تقول لـ"الدستور" إنها قررت منذ ذلك اليوم، إن تذهب إلي إدارة كهرباء بشتيل لتسأل عن تكلفة تركيب العدادات لمنزلها، ولكنها علمت أن التقديم سوف يكون عبر المنصة الموحدة، ولم يخبرها أحد أنه كان بإمكانها أن تقدم الطلب بالطريقة التقليدية نظرًا لأميتها بالقراءة والكتابة، وبالتبعية جهلها بالتعامل مع منصة إلكترونية، هذا بالإضافة إلى أمية نجليها الذكور الذين يعملون بمقهى في وسط القاهرة.
لجأت المواطنة" س. ع" بحسب قولها إلى أحد أقاربها يسكن خارج مدينة بشتيل، وروت له قصتها، وقرر مساعدتها، وطلب منها صورة بطاقة شخصية وصورة ضوئية للعقار، وعقد ملكية، وعدد خمسة ممارسات حديثة مسددة في الإدارة الواقع في محيطها الجغرافي العقار، حتى يتمكن من تسجيل طلبها عبر المنصة الموحدة لخدمات الكهرباء كي يكون الطلب مستوفي الشروط.
بالفعل توجهت المواطنة"س. ع" إلى إدارة كهرباء بشتيل، وأمام شباك خدمة الجمهور، تحدثت إلى الموظف عن طلبها، وأرشدها إلى أحد المكاتب، وعندما وصلت طلب منها أن تقدم طلب لسداد الممارسات، وبعد أن قدمت الطلب، اكتشفت أنها سوف تعود إلى إدارة الكهرباء بعد عشرة أيام لسداد الممارسات والحصول على الإيصالات.
عندما علمنا بهذا الأمر، قرر التدخل للاستفسار عن أسباب هذا التأخير، ربما لعطل ما في إدارة كهرباء بشتيل ، أو ربما لازدحام الطلبات المقدمة، وتواصلنا مع مدير عام إدارة بشتيل حسام محمد، ولكنه أخبرنا بنقله إلى إدارة أخرى، وأخطرنا بضرورة التواصل مع المدير العام الجديد أحمد بدر، ومع صعوبة التواصل معه تليفونيًا، طلبنا من المواطنة "س. ع" أن تذهب إلى الإدارة لمقابلته.
ذهبت السيدة" س. ع" ومعها أحد نجليها إلي إدارة كهرباء بشتيل، ولكنهم لم يجدوا أحد، واستفسروا عن مكان سداد الممارسة، ولكنهم وجدوا مكتب خزينة الإدارة مغلق بالباب الخشب وفوقه باب حديد، وسألوا عن المدير العام، ولكن أحدهم أخبرهم أنه خرج في حملة مع بعض الزملاء، وتكرر هذا الأمر خلال ثلاثة أيام متقطعة زارت فيها "س. ع" إدارة بشتيل للكهرباء ولكنهم لم تستطع أن تقابل أي مسئول ولم تجد باب مكتب الخزينة مفتوح.
عادت المواطن "س. ع" وتواصلت معانا، وبدورنا، نقلنا معاناتها إلى المحاسب هاني الجندي رئيس القطاعات التجارية بشركة جنوب القاهرة لتوزيع الكهرباء، والذي استجاب لشكوى المواطنة على الفور، وكلف مدير المتابعة بمكتبه مصطفى إبراهيم الورداني بمتابعة الشكوى وحلها على الفور.
بعد مرور 24 ساعة، أخطر مدير المتابعة بمكتب رئيس القطاعات التجارية بكهرباء جنوب القاهرة، أنه تم حل الشكوى، وأن تذهب المواطنة "س. ع" إلى إدارة بشتيل لسداد الممارسة التي تحددت قيمتها بـ255 جنيهًا فقط لا غير، وفعليًا توجهت "س. ع" إلى الإدارة ووجدت باب مكتب الخزينة مفتوح من أجلها.
معاناة المواطنة"س. ع" لم تنتهي، خاصة وأن إجراء تقديم الطلب لتركيب العداد الكودي، استغرقت فوق ما يزيد عن الخمسون يومًا، دون أي سبب معلوم، ولولا تدخل المسئولين ما كان لنا أن نعرف متى كانت ستحصل هذه المواطنة على إيصال سداد الممارسات لاستيفاء مستندات طلب التقديم على العداد الكودي عبر المنصة الموحدة لتركيب الكهرباء، خاصة وأن طلب السداد للمارسات تقدم بتاريخ 19 فبراير في إدارة كهرباء بشتيل، ومع تحديد موعد للسداد بعد عشرة أيام - دون سبب معلن - كان المفترض أن يتم السداد في 28 فبراير أو 1 مارس، ولكن مع تدخل المسئولون تم السداد في 7 مارس 2023.
لم تنتهي معاناة المواطنة "س. ع" التي تريد أن تقترب من تقنين وضعها القانوني في الحصول على التيار الكهربائي، وتخشى أن تقع تحت طائلة القانون، فمنذ السابع من مارس الجاري-، وهو اليوم الذي تم تسجيل طلبها عبر المنصة الموحدة لخدمات الكهرباء بعد استيفاء كافة الشروط- لم يتم التواصل معها من قبل الإدارة المختصة لعمل المعاينة على الواقع للعقار، الأمر الذي يخالف اتجاه قطاع الكهرباء في مساهمة منظومة العدادات الكودية في خفض نسبة الفقد في التيار الكهربائي الناتجة عن سرقة الكهرباء.