مؤتمر «الرياض القاهرة» المالى
حاضر ومستقبل المجتمع المالى العالمى، ناقشته النسخة الثانية من «مؤتمر الرياض الدولى للقطاع المالى»، التى أقيمت يومى الأربعاء والخميس، بمركز الملك عبدالعزيز للمؤتمرات فى العاصمة السعودية، تحت شعار «آفاق مالية واعدة»، وشارك فيها حوالى ثلاثة آلاف من صنّاع القرار والمستثمرين ورجال الأعمال والأكاديميين المتخصصين وممثلى البنوك الدولية والشركات الاستثمارية العالمية.
أربعة محاور رئيسية ناقشتها جلسات المؤتمر الحوارية: «الاقتصاد العالمى.. التحديات والفرص»، «المؤسسات المالية فى الواقع المالى الجديد»، «المرونة والمواكبة، الاستثمار الآمن لأجل الغد»، و«مستقبل القطاع المالى فى ظل الرقمنة». كما تضمّن جدول أعمال المؤتمر العديد من الملفات المهمة، التى تعكس ارتباطه الوثيق بمخاوف وتطلعات الأوساط المالية، من بينها مستقبل التمويل العقارى ومعدلاته، والفرص المتاحة للاستثمار الأجنبى فى القطاعات المالية بجميع أنشطتها، والعملات المستقرة، والأوراق المالية المشفرة و... و... وتأثيرات وباء كورونا المستجد والأزمة الأوكرانية، والعوامل الأخرى، التى أدت إلى إبطاء النمو فى مختلف دول العالم، وأثرت بشدة على القطاع المالى ومنظومته.
المؤتمر، ينظمه شركاء برنامج تطوير القطاع المالى بالمملكة: وزارة المالية، البنك المركزى السعودى، وهيئة السوق المالية، وسعى فى نسخته الثانية إلى إكمال الأهداف التى أعلن عنها فى نسخته الأولى، التى أقيمت سنة ٢٠١٩: تحقيق الترابط والتكامل بين منظومة القطاع المالى باختلاف وسائلها وأدواتها؛ والمساهمة فى نمو مستمر ضمن إطار استقرار مالى جيد ومتين، مع توظيف أدوات مبتكرة فى تطوير وإدارة الخدمات. وكان أبرز ما شهدته جلستا افتتاح وختام المؤتمر، أو أكثر ما استوقفنا، وما جعلنا نضع القاهرة إلى جوار الرياض فى عنوان المقال، هو حديث الدكتور محمد الجدعان، وزير المالية السعودى، عن عظمة مصر ومكانتها وإمكاناتها، واحتفائه وترحيبه البالغين بمشاركة وزير ماليتنا، الدكتور محمد معيط، فى المؤتمر.
فى الجلسة الافتتاحية قال وزير المالية السعودى، الذى يرأس لجنة برنامج تطوير القطاع المالى بالمملكة، إن «مصر دولة كبيرة وعظيمة، وغنية بمواردها الطبيعية والبشرية، ومقوماتها غير المسبوقة، وفيها إمكانات واعدة وإذا كان هناك بعض الصعوبات نتيجة للتحديات العالمية القاسية، فإنها ستنطلق وستكون دولة اقتصادية كبرى»، موكدًا أن بلاده استثمرت، وما زالت تستثمر، فى مختلف المشروعات التنموية فى مصر.
هذه الكلمات، التى نراها لكمات للصائدين فى الماء العكر، سعوديين كانوا أو مصريين، أو خواجات، أكدها الدكتور محمد الجدعان، عمليًا، فى الجلسة الختامية، حين توجه فور انتهائه من إلقاء كلمته إلى وزير ماليتنا، ليوجه له الشكر على حضوره ومشاركته بالمؤتمر. وليقول له نصًا: «نرحب بك أخًا عزيزًا، ونعتز بمصر، ونعتز بك». وهنا، تكون الإشارة مهمة إلى أن الرياض، كانت قد استضافت فى يناير الماضى، الاجتماع الخامس لـ«لجنة المتابعة والتشاور السياسى» بين البلدين، على مستوى وزيرى الخارجية، تنفيذًا لتوجيهات قيادتى البلدين، وإعمالًا لمذكرة التفاهم الخاصة بإنشاء تلك اللجنة، الموقعة فى القاهرة، منذ ١٦ سنة تقريبًا.
على ضوء محورية الدولتين فى محيطيهما العربى والإقليمى، تناول وزيرا خارجية مصر والسعودية، منذ ثلاثة أشهر، بشكل مستفيض، الأوضاع السياسية والاقتصادية، دوليًا وإقليميًا، وأكدا أن الأمن القومى العربى كل لا يتجزأ، وشدّدا على أهمية العمل العربى المشترك والتضامن الكامل بين الدول العربية. وتجسيدًا للروابط التاريخية والعلاقات الأخوية بين البلدين، أكد وزيرا المالية، أمس الأول الخميس، خلال حديثهما الودى، أن «مصر والسعودية بلد واحد». وأشار الدكتور محمد معيط إلى حرص الدولة المصرية على تقديم كل الدعم اللازم لزيادة الاستثمارات السعودية فيها، والاستفادة مما تُوفره من فرص استثمارية متميزة فى مشروعات قومية وتنموية عملاقة، وما تُتيحه من دعم غير مسبوق للقطاع الخاص المحلى والأجنبى، وحوافز جاذبة للقطاعات الإنتاجية والتكنولوجية، فى ظل بنية تحتية قوية، وبنية تشريعية متطورة.
.. وتبقى الإشارة إلى السفير أسامة بن أحمد نقلى، سفير السعودية لدى القاهرة، كان قد أكد، الأربعاء الماضى، حرص بلاده على تعزيز أطر التعاون الاستراتيجى مع مصر، وشدّد على ضرورة أن تتجاوز الشراكة المصرية السعودية نطاق البلدين إلى تأسيس مشروعات مشتركة بالمنطقة العربية والقارة الإفريقية.