إيمان حيلوز: أكافئ بنات أختى بالكتب الورقية.. وكل إحصائيات القراءة فى الوطن العربى غير دقيقة
شهور بل سنوات عدة، تلاحق الشابة الأردنية، إيمان حيلوز، المؤسسة والمديرة التنفيذية لشركة أبجد، شغفها بالكتب ومهمتها التي ألقتها على عاتقها خلال رحلة ليست هينة، لتوفير الكتاب الإلكتروني لقارئه العربي، فتجدها تارة تبحث عن التمويل اللازم، وتارة أخرى تقنع دور النشر الشهيرة بالانضمام إلى عالم الكتب الإلكترونية، ولا تنظر في طريقها إلا إلى القارئ العربي الذي يتمنى مثلها أن يفتح هاتفه المحمول بشكل اعتيادي، وبين يديه الآلاف بل ملايين الكتب التي لا حصر لها، وبضغطة زر واحدة ينسى نفسه ويبدأ في مغامرته الخاصة مع الكتاب الإلكتروني.
التقى "الدستور" برائدة الأعمال االشابة ومؤسسة "أبجد"، التي استطاعت صياغة فكرتها وبلورتها إلى واقع حقيقي، ملموس، اغتنمه القارئ العربي.
في البداية.. دعينا نعرف منك ما سر فكرة أبجد؟
كنت أتمنى في البداية أن تكون لدينا نسخة عربية من موقع "جوود ريدز"، بها مراجعات وتقييمات القراء على الكتب، ولهذا اشتهر "أبجد" في بدايته، ومع الوقت وجدنا أن القارئ العربي يريد قراءة الكتب أونلاين، فرأينا أنها فكرة جيدة لبدء المشروع وبدأنا في الحديث مع دور النشر، وهذا في عام 2014.
ما المعارض التي تحرصين على المشاركة بها كل عام؟
أحرص على حضور الكثير من معارض الكتب طوال السنة، من الرياض للشارقة إلى القاهرة وبيروت، ولم أجرب حضور أي معارض أخرى، وبداية "أبجد" كانت من معرض القاهرة، فأراه من أهم معارض الكتاب في الوطن العربي.
لماذا إذن معرض القاهرة الدولي للكتاب تحديدًا؟
من خلاله أستطيع التعرف على الكثير من الناشرين، لأن معرض القاهرة للكتاب معرض حيوي جدًا، أراه مثل احتفال سنوي، يحضره ملايين القراء، التعرف على الكثير منهم، وليس الناشرين فقط، فتفاجأت هذا العام بالكثير من القراء الذين وجدتهم يسألونني على الكثير من الأسئلة المتعلقة بـ"أبجد" حينما يعرفوني أنني المؤسسة له.
وكيف وجدت الدورة الماضية والتي حملت رقم 54 من معرض القاهرة للكتاب؟
أنا أزور معرض القاهرة الدولي كل عام وأرى أن التنظيم يصبح أفضل كل مرة عن ذي قبل، ووجدت تغييرًا كاملًا هذا العام، كما أحب أن أشير للبرنامج المهني الذي يتحسن أكثر فأكثر، كما لاحظت أن الجمهور والاهتمام بالكتب أكبر هذه السنة.
ماذا تقولين على من يدعون أن "القارئ بالوطن العربي لا تتجاوز قراءته صفحة يوميًا"؟
هذا غير صحيح بالطبع، كلها إحصائيات غير مبنية على أي شيء علمي، ولا يجوز استخدامها، فلم يكن "أبجد" ولا دور النشر الكبيرة مستمرة حتى الآن وتحقق نجاحًا، وإذا تابعت كمية القرصنة وتزوير الكتب وكمية التحميلات بمئات الآلاف على الإنترنت، ستجد أن هذا كلام غير صحيح، "مين هيتعب حاله ويزور إذا لم يوجد قراء؟".
وبحسبة بسيطة، سنجد أن بيع الكتب بشكل رسمي لا يشكل سوى 20% من السوق الحقيقية للقراءة، حتى "أبجد" رغم انتشاره وعدد القراء لا يشكل 10% من قراء الكتاب الإلكتروني المقرصن بالوطن العربي.
برأيك.. ما مشكلتنا الحقيقية إذن أمام هذه الادعاءات؟
مشكلتنا في العالم العربي أننا نسوق لحالنا بطريقة سلبية، لا بطريقة إيجابية، أرى أن هناك قراء كُثرًا جدًا، فـ"جود ريدز" يضم أكثر من 2 مليون قارئ عربي، يكتبون مراجعات وتقييمات عن الكتب، ومعرض القاهرة للكتاب زاره 3 ملايين زائر، كما أن لدينا 15 معرض كتاب في العالم العربي كل عام.
بالنسبة لأبجد.. أي البلاد في الوطن العربي الأكثر حظًا في قراءة الكتب؟
أكثر القُراء لدينا من مصر والسعودية، وهذا دليل على وجود القراءة وبقوة حتى بالنسبة للجيل الجديد، نجدهم يقبلون على القراءة، ودورنا هنا أن نكون موجودين بكل الطرق سواء من خلال الكتب الورقية أو الإلكترونية أو الصوتية، لا بد من الوصول للقارئ بكل الأشكال.
معنى حديثك أن الكتاب الورقي لن ينتهي أبدًا؟
نعم، فبينما أنا متاح على منصتي كل الكتب، ولكنني حين أحب أن أدلل حالي، أذهب لأشتري كتابًا ورقيًا لنفسي، واعتاد على شراء الكتب الورقية من معرض القاهرة للكتاب كل عام، لعائلتي التي تقيم بالأردن: "أقوم بجولات على دور النشر لشراء لكل فرد الكتاب الذي يحبه من عائلتي، حتى لو كان هذا الكتاب متوفرًا على أبجد، وأكافئ بنات أختي حينما ينتهين من قراءة كتاب على أبجد، أشتريه لهم ورقيًا. الكتاب الورقي أحلى هدية".
لكن الكتاب الورقي ربما يصل لمئات الآلاف، وإنما الكتاب الإلكتروني يصل إلى قُراء بالملايين، بلا حدود، وبلا جمارك، وبلا رقابة، خاصة العرب الذين يقيمون في أمريكا وأوروبا قد تقابلهم مشكلة عدم إتاحة الكتب الورقية لهم بسهولة، فيفضلون قراءتها على المنصات الإلكترونية بشكل قانوني، بدلًا من قرأتها بشكل مقرصن، وهذا الشيء مؤذٍ للناشر والكاتب أيضًا.
لكِ تشبيه مميز للكتاب الورقي؟ فما يمثله لكِ؟
أشبه الكتاب الورقي، أنه محتوى، كالموسيقى والأفلام والمسرحيات، إنك تقدر تحضر المسرحية لايف، وده أحلي شىء، ولكن الكثير من الناس لا يستطيعون الحضور داخل صالة المسرح، فيحضرونها على التليفزيون، نفس الشىء الكتاب الإلكتروني، لازم دائمًا يكون فيه بدائل.
ما طموح إيمان حيلوز مستقبلًا لأبجد؟
نحن لسه ما وصلنا لـ5% من قُراء العالم الإلكتروني حول العالم، هدفنا أن نصل للقارئ العربي الذي يحترم الكتاب الإلكتروني، ولا يسرق، من خلال اشتراك شهري سيمكنه الحصول على الكثير من الكتب، من منا كان يحلم أن نصل إلى هذه المرحلة؟ إن الكتاب العربي يكون مثل نتفليكس متاحًا على كل الأجهزة.
ومع كل شهرة أبجد، ما زالت القرصنة أقوى منا بنسبة 90%، فنريد أن نكون أقوى ونصل للمزيد من الجمهور.
لا يوجد نجاح بلا تحديات.. ما هي المشكلات التي واجهتها إيمان حيلوز في "أبجد"؟
كانت دور النشر في حالة تخوف كبير من فكرة الكتاب الإلكتروني، منذ 2014 استطعنا أن نحل هذا التخوف ونتخطاه، أما في عام 2017 كانت هي بداية النجاح الحقيقية لـ أبجد، بعد الكثير من المحاولات، بدأ القارئ العربي يدفع حق المحتوى الإلكتروني، فكان يراه سابقًا أنه "كله ببلاش" فحتى تنقل فكرتك وتشرح له أهمية الكتاب الأصلي والقانوني وأنه مختلف عن المسروق، ووراءه تعب ومجهود واستثمار، هذا كان أمرًا شاقًا.
ونحن كشركة كانت لدينا تحديات كثيرة في التمويل وفي إيجاد فريق عمل موهوب بالتكنولوجيا والتسويق والمحتوى بالعالم العربي، وإقناع المستثمر أنه سيدخل بهذا المجال، الذي كان لا يزال يعلم عنه شيئًا.
هل التكنولوجيا والميتافيرس ستتدخل في طريقة قراءة الكتب مستقبلًا؟
نعم، مثل نظارة الواقع الافتراضي VR، وأنت تضعها على عينيك وكأنك سافرت إلى مكان آخر، أنا أشعر أن هذا الشىء لا بد من استغلاله في قراءة الكتاب، لمَ لا؟.