على خُطى أبيه وجده.. مكتبة وهبة تتحدى الدولة وتنشر وتوزع كتبًا لقيادة الجماعة الإرهابية
في الوقت الذي تجفّف فيه الدولة منابع الإرهاب وتصطاد أفراده في سيناء والجيوب الكامنة من التنظيمات التكفيريّة والمنبثقة عنها في أطراف وقلب أم الدنيا، فإن البعض لا يزال يروّج لهذه الأفكار (قناعة منه أو مدفوعًا بفكر مشوّش) لا يفرّق بين هذا وذاك في ظرف استثنائي تمر به الدولة المصرية لخلق بيئة آمنة للمواطنين في شتّى البلاد.
ففي وسط البلد، يقبع مكان رسم على مداخله يافطة عريضة حمل اسم "مكتبة وهبة" ما زالت تتحدى الدولة بشكل سافر، تطبع وتوزّع وتروّج لكتب جماعة الإخوان "الإرهابية" بعناوين صادمة للقارئ والمتابع للشأن السياسي منها كتاب "معوقات تطبيق الشريعة الاسلامية" للقيادي الإخواني منّاع القطان، وهو أحد الذين أشرفوا على تأسس تنظيم القاعدة، وكتاب "دراسة في آفاق دعوة حسن البنا ونظريات الحركة فيها"، للقيادي الإخواني السّوري سعد حوى، كتاب "من أجل خطوة إلى الإمام على طريق الجهاد المبارك"، و"جُند الله تخطيطًا"، للقيادي الإخواني سعيد حوى وكتاب "شريعة الله حاكمة" للقيادي علي جريشة، كما أن المكتبة تضم سلسلة حول ضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية، للقيادي الإخواني علي جريشة.
كما توجد بالمكتبة سلسلة للقيادي الإخواني عبدالمتعال الجبري أحد قيادات تنظيم سيد قطب، المعروف بتنظيم 65، كما تضم كل مؤلفات سيد قطب والقرضاوي بكميات ضخمة فى مخازنه وفي نشر هذه الكتب محاولة لبث السموم في عقول الشباب.
• تصريحات سلطان حسين
بدوره، خرج سلطان حسين، صاحب مكتبة وهبة في تصريحات صحفية منذ 7 أعوام أعلن فيها عن أنه يبيع كتب القرضاوي، قائلًا إن المكتبة لا تطبع إلا الكتاب المفيد الذي لا يناهض الدولة، مؤكدًا أن القرضاوي إمام الوسطيّة ويتصدى للعديد من القضايا الحرجة التي تخص الدولة، مستنكرًا فكرة مصادرة كتب "مفتي الإرهابية"، مشددًا على أن مباحث المصنفات قامت بتفتيش مكتبته ومصادرة ما فيها من إصدارات، بحسب زعمه حينها.
•• دُور النشر: إرهابي في بيتي!
كما أولت التنظيمات الجهادية وتنظيم الإخوان اهتمامًا كبيرًا وغير عادي بدور النشر، مع إصدار العديد من الكتب التي تحمل أفكارهم لبث سمومها في المجتمع، لتضطلع الدولة بدورها للقيام بمحاربة الكثير من هذه الدور كـ "الدار الدولية ودار الفلاح" وغيرهما وتم غلقها وكانت هذه التنظيمات تنفق عليها مبالغ طائلة في سبيل نشر أكبر عدد من الكتب في هذا الإطار.
◘ عمرو فاروق: مكتبة وهبة مصدر لكتب الإخوان
في السياق، أكد عمرو فاروق، الباحث والكاتب في شئون تيارات الإسلام السياسي، أن مكتبة وهبة ما زالت تقوم بتوزيع ونشر بعض الكتيبات الخاصة بجماعة الإخوان "الإرهابية"، لا سيما المتعلقة بالإطار الفكري والحركي.
أضاف فاروق أنه رغم كل ما تعانيه الدول المصرية وما تبذله الأجهزة الأمنية في ملف مكافحة الإرهاب، فإن ثمّة مجموعة من دور النشر، ومن بينها دار وهبة للنشر والتوزيع، تروّج للمنهج الفكري لمُنظّري الجماعات الأصولية ومن بينهم الشيخ مناع القطان وسعيد حوى وعبدالمتعال الجابري ومحمد علي العريشي ويوسف القرضاوي، وغيرهم.
أضاف الباحث في شئون الإسلام السياسي أن الخطورة تكمن في أن استهداف العقل الجمعي للقطاعات الشبابية التي تقع في فخ الجماعات المتطرفة، وفي مقدمتهم جماعة الإخوان، لا سيما أن النقطة الفاصلة في القضاء على مشروع الإسلام السياسي ليست مقتصرة على مواجهة التنظيم، إنما على تفكيك وتفنيد الإطار الفكري فالتنظيمات قابلة للتجدد والتحديث تحت عشرات اللافتات طالما أن الفكرة باقية وتتمدد.
واعتبر فاروق أن غياب الالتزام الأدبي من قبل القائمين على دور النشر والتوزيع، في التوقف عن الترويج للكتب الفكرية والحركية للجماعات الأصولية يمثل إهدارًا لجهود الدولة في تجفيف منابع التطرف والإرهاب، والقضاء التام على أية محاولة للعودة إلى المشهد السياسي والاجتماعي والدعوي، خاصة أن المنهج الفكري للجماعة يدعو لتكفير المجتمع والأنظمة السياسية والخروج عليهم بقوة السلاح تطبيقًا لفكرة بناء الدولة المنشودة وفقًا لما رسمه حسن البنا وسيد قطب.
وأكد فاروق أن جماعة الاخوان وتيارات السلفية التقليدية والسلفية الجهادية اهتمت جديًا بمشروع الطباعة والنشر سواء المكتبي أو الإلكتروني لما له من أهمية في استقطاب الشباب فكريًا، ومن ثم تجنيدهم تنظيميًا، وتوظيفهم في مشروع تدمير المجتمعات.
○ مكتبة وهبة: سطور عن النشأة والتكوين
أما عن مكتبة وهبة ففي 1946 أنشأ وهبة حسن وهبة مكتبة وهبة للطبع والنشر والتوزيع وكانت عبارة عن محل صغير بشارع محمد علي (القلعة حاليًا) من جهة العتبة وذلك بعد اعتقاله عام 1948.
وفي 1950، انتقل من المحل الصغير بشارع محمد علي إلى شارع الجمهورية بنفس الاسم، وتعرف في ذلك الوقت على أبوالحسن الندوي الذي طبع له "ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟"، وكتاب "مذكرات سائح في الشرق" وغيرها من الكتب، وتعرف أيضًا على السيد سابق الذي طبع له كتاب (فقه السنة) بأجزائه الصغيرة.
وخرج من السجن أواخر 1960 ليعيد نشاط المكتبة مرة أخرى من جديد؛ ثم زاول عمله مرة أخرى فترة حتى اعتقاله سنة 1965 حتى وفاة الرئيس جمال عبدالناصر.