رسائل لن تصل إلى عمر خورشيد..!
عزيزي عمر خورشيد
كتب الله لنا اللقاء من جديد.
أجمل ما في الحياة ما يحدث دون ترتيب أو حسابات.
والأجمل- أن تأخذك الصدف- لمكان عشت به- أجمل أيام- مرت بحياتك- أيام لم تكن تملك فيها إلا الحب والحلم.
تحقق الحلم!
وما زلت أبحث عن الحب؟!
هذا الحب الذي فقد وتاه وسط صخب الحياة.. هذا الحب الذي لا وجود له على سطح كوكبنا المدهش..!
لا أخفي عليك، لن أكف عن البحث عنه، حتى أجده، وأمسكه بيدي وأطبق عليه، وأخفيه عن أعين الجميع، حتى ينمو ويكبر ويصبح كأشجار جامعتنا التي شهدت ميلاده.
شهدت حكايات تروى عن حبيب أسطوري جملته دقات القلوب، ورفعته لمكانة خاصة فوق البشر وأظنه يستحق. يكفي أنه يظل وساما يضيء أرواحنا حتى ولو لم يكن معنا بذاته.!!
شهدت أسوار جامعتنا أيضًا ما لم أستطع عليه صبرا.!!
عزيزي عمر خورشيد
أسعدني الحظ، حيث تواجدت ضمن حدث ثقافي، برعاية الدولة في نطاق الجامعة. أرحب بأي حدث ثقافي يستهدف جمهور الجامعة، لأني أوقن أن هؤلاء يملكون أحلاما كبيرة وطموحات جمة وقدرات هائلة، لا حدود لها..! لديهم القدرة على تحويل الرماد لحياة.
بل القدرة على تحويل الصحراء لجنة.
يكفي ما يملأ قلوبهم من حب صافٍ ونقي لم يُلوث بعد.!!
راقني الوعي الذي لمسته في أسئلتهم وتجاوبهم ونقاشاتهم الثرية. كذلك ثقافتهم واطلاعهم رغم حداثة السن ورغم التكنولوجيا التي تتفنن في القضاء على ما تبقى بداخلنا من إنسانية..
لعل سبب سعادتي الأكبر هو طموحهم ليكونوا نماذج مشرفة تليق بهم وبوطننا الحبيب مصر.
لم أكتفِ بتلك النماذج الواعية الهاوية للقراءة والدائمة البحث والاستكشاف وإنما قابلت نماذج أخرى منهم.
شاب وفتاة غاية في الاجتهاد والود.. يرتدي الشاب ملابس تاريخية عثمانية ربما لأنه يبيع حلوى تركية.
والفتاة تبيع السوشي، مازحتها كثيرًا، وحاورت الشاب ليخبرني أنه وأخاه تعلما صنع هذه الحلوى من أحد المواقع، وأن أخاه يبيعها في مكان آخر، وأن هناك من تحدث عنه أيضاً..
لم يتحدث عن نفسه، كل حديثه عن أخيه.. إيثار وحب نادر، اختفى وسط رتم حياتنا السريع. لم يجمل نفسه لم يدّعِ أو ينسب بطولات لنفسه وإنما استرسل وهو يحكي عن أخيه ومشواره.
راقني هذا الشاب المكافح..
راقتني كذلك جراءته وإصراره على أن يصبح ذا شأن.. لم ينتظر مساعدة من أحد، لم يتذمر من الوقوف وسط ضوضاء السيارات والشارع، لم يشعر بالخجل كونه الوحيد الذي يقف يبيع بهذه الهيئة.!!
ممتنة للظروف التي قادتني للتعرف عليه.
عزيزي عمر خورشيد
بالحديث عن الإيجابيات دعني أخبرك عن نافذة ثقافية، أسعدني وجودهم على أرض الواقع رغم عدم تسليط الضوء على مجهودهم الثقافي والريادي الهام.
"سفارة المعرفة" هذا الكيان الثقافي الكبير التابع لمكتبة الإسكندرية، الذي يغطي 22 جامعة على مستوى الجمهورية، يتبنى نشاطات ثقافية جمة.
يرحب بالعديد لإلقاء المحاضرات ولمن يبحث عن مكان يمكنه من الولوج لأكثر المنصات البحثية حول العالم وبلا مقابل مادي.
مجهود يحسب لهم.. أشكر الدولة لأنها أتاحت لنا فرصة للتواصل المباشر مع الأجيال الجديدة.
عزيزي عمر خورشيد
كلما لاحظت شيئا إيجابيا تجدني أهرول لأخبرك به.
فأنت صديقي الصدوق الذي لم يتغير.
عزيزي عمر خورشيد
لا أخفي عليك، أحب أن أقضي أغلب وقتي مع دائرتي المقربة.
لا سيما صديقة الممر وشمس ورفاقه.
قمت بزيارة سريعة لمنزل صديقتي الحبيبة وبعدها انضممت لرفاق شمس على المقهى.
راقني أحاديثنا التي دارت خلال هذه الزيارة المفاجئة وغير المعد لها مسبقاً.
لم نترك موضوعا إلا وتطرقنا إليه.. سواء كان منطقيا أو غير ذلك.!!
ما يعيب هذه اللقاءات أنها تنتهي سريعاً لأنه ينبغي أن أغادر لتأخر الوقت..!
لو كان بيدي ما تركتهم لما لأحاديثهم من ثقل وقيمة وأهمية كبيرة على المستوى الإنساني والمعرفي..!
كلما قابلت هؤلاء أشعر بالاطمئنان.
هناك بصيص من الأمل يلوح في الأفق، يكفي أن قلوبهم لا تحمل ضغينة تجاه أحد.
كل هدفهم تحقيق حلمهم والبقاء مع من يحبون..
يذكروني بنفسي وأنا في مثل عمرهم لم أكن أملك إلا حلمي وحبي..
لو تمكنت من المحافظة عليهما وما استجبت لطعنات القدر، ربما كنت غيرت العالم وليس عالمي فقط.. عزيزي عمر خورشيد..
كن بخير لأكتب لك مجددا.