حفيدات أمينة رزق وفاطمة رشدى يتوهجن على مسارح مصر
المرأة نصف الدائرة.. نصف الحياة.. نصف الحلم.. المرأة فاعلة ومشاركة ولاعبة أساسية فى كافة أنواع الفنون.. وكذلك كان لها دورها فى تطوير المسرح المصرى.. الدور الذى تجاهل البحث المسرحى توثيقه منذ نشأة المسرح الحديث فى مصر وحتى اليوم، خاصة دورها كصانعة للمسرح «كاتبة ومخرجة».. لكننا، وفى شهر المرأة، لن ننسى فاطمة رشدى «صديقة الطلبة» وإنصاف رشدى وأمينة رزق ودولت أبيض ونعيمة وصفى.. إلخ.
وتشارك «الدستور» فى الاحتفال بالمرأة فى المسرح بالإضاءة على بعض التجارب الهامة لنساء المسرح المعاصرات بدءًا من جيل التسعينيات وتعريف الجمهور بهن وبتجاربهن.
عبير على:
عبير على حزين، مخرجة مسرحـية ودراماتورج وسينوجرافر، ومؤسسة مختبر «المسحراتى» المستقل منذ عام ١٩٨٩، واسمها فى أفيش العرض المسرحى هو ضمان للجودة والجدية، فهى تاريخ طويل من العمل المسرحى على مشروعها فى التأريخ الاجتماعى/ الشعبى عبر المسرح، تجمعه من مصادره الشعبية المتعددة، ثم تعيد نسجه كغازلة ماهرة فى عروض فيها من الاسترسال والتناسق والجمال الكثير.
قامت عبير على بتصميم ديكور وملابس وكتابة وإخراج أكثر من ٢٥ عرضًا مسرحيًا، وصممت كثيرًا من برامج التدريب ودربت على حرفيات الحكى والمسرح وبناء وإدارة المؤسسات المسرحية، وحكّمت فى كثير من المهرجانات والمسابقات وحصلت على العديد من الجوائز والتكريمات المحلية والدولية.
وتقول عبير على عن تجربتها: «أغلب عروضى مُعدة بحرفية الدراماتورج عن حكايات البيوت وحكايات الحياة اليومية أثناء الأحداث الكبرى، هى حكايات الناس العادية فى مطابخهم وحجرات نومهم وليست حكايات الزعماء والقادة.. وعروضى بالعامية المصرية بقرار واعٍ منى، ومن منطلق فهمى ودراستى الفلكلور والتعريفات المختلفة للثقافة والمنتج الثقافى، فأنا أيضًا مشغولة بالفلكلور بصفته المنتج الإبداعى والتاريخ الذى ترويه الشعوب».
و«عبير» ليست مجرد فنانة مسرحية، فلها دور كبير فى تحسين بيئة العمل فى المجال الثقافى العام وإسهامها فى تطوير المسرح المصرى، والمسرح الحر على وجه الخصوص، سواء عبر التدريب والتكوين المسرحى، حيث شاركت فى بناء قدرات المئات من فنانى الأقاليم خلال العشرين سنة الماضية، الذين صاروا جميعهم يدينون لها بالفضل فى تكوينهم الثقافى والجمالى، أو عبر مشاريعها التى نفذت بالتعاون مع مؤسسات الدولة أو المجتمع المدنى.
معتزة عبدالصبور:
الفنانة معتزة عبدالصبور، إحدى أهم ممثلات المسرح المصرى المعاصر، تميزت عن مجايلاتها باطلاع واسع ومعرفة وعلم وعمل دءوب ومستمر على تطوير الذات.
اختارها المخرج الكبير جواد الأسدى فى بداياتها المبكرة لبطولة عرضه المسرحى الساحر «شباك أوفيليا»، ولعبت مع فرقة «الحركة»، التى أسسها خالد الصاوى أدوارًا فى عروض هامة مثل «أنطونيو وكيلوبطة»، و«اللعب فى الدماغ»، وحصلت على جائزة أفضل ممثلة فى المهرجان القومى للمسرح سنة ٢٠١٦ عن دورها فى عرض «ذاكرة المياه»، من إنتاج فرقة «القافلة» وإخراج عفت يحيى.
قال عنها مدرب التمثيل الروسى الشهير يورى أيسكيدز، رئيس المركز العالمى لتدريب المسرح فى برلين: «معتزة ليست مؤدية فقط، معتزة فنانة»، مشيرًا إلى قدراتها المتعددة وموهبتها ومعارفها العميقة وحرصها المستمر فى العمل على تطوير أدواتها كممثلة.
معتزة عبدالصبور أيضًا هى إحدى أهم وأشهر مدربى التمثيل فى مصر والوطن العربى، حصلت على العديد من التدريبات والخبرات العملية التى حرصت على نقلها لزملائها الفنانين عبر الورش والتدريب، وكان لديها مشروع هام لتحديث مناهج تدريب الممثل واستدعت عبره عددًا من الخبراء الأجانب لكن لم يكتمل رغم نتائجه المبهرة.
أجرت «الدستور» هذا الحوار معها، الذى نعتبره دليلًا ومرجعية هامة جدًا نقدمها للممثل الراغب فى تطوير أدواته، لتقول الفنانة معتزة عبدالصبور عن منهجها فى التمثيل: «منهج التمثيل الذى أستخدمه يصلح لممثل السينما أو المسرح، لكن أحيانًا يكون هناك كورس إضافى للتمثيل أمام الكاميرا، فالممثل المحترف له أبعاد نفسية وأخلاقية وثقافية وجسدية لازم تتطور وتكون لديه القدرة على التحكم فيها».
وتضيف: «هناك من يعتقد أن التمثيل هو القدرة على البكاء والتأثير على الجمهور عبر الدموع، لكن كما يقول بابى لوز، وهو مدرب تمثيل مهم جدًا، (لو التمثيل مسابقة فيمن يستطيع أن يبكى أكثر لفازت خالتى بالجائزة الأولى)، فعلى العكس القدرة على التحكم هى ميزة الممثل المحترف، وقدرته على فهم أبعاد الشخصية وما الذى يصدر عنها من سلوك وما الذى لا تفعله، وكأنه إحلال أرواح، روح الممثل الذاتية تخرج أو تجنب وتدخل روح الشخصية، ولذا فهو أمر صعب جدًا، وهنا أنا لا أتحدث عن الممثلين الذين يمارسون التمثيل كمهنة يستهلكونها، ولكن أتكلم عن الممثل الذى يريد أن يكون ذا قيمة فى المهنة، من يريد أن يكون مثل أحمد زكى وسعاد حسنى ومحمود المليجى ونجيب الريحانى، ممثل يتطلع لأن يشاهد الناس أداءه بعد ٥٠ سنة بذات الدهشة».
صفاء البيلى:
الكاتبة المسرحية صفاء البيلى، هى كاتبة من طراز خاص، تميزت كتابتها بالدمج بين الواقعية والشاعرية، وهى دائمًا تبذل جهدًا كبيرًا فى البحث عن موضوعات تتماس مع هموم واقعنا المعاصر.
وصفاء البيلى هى أيضًا شاعرة وصحفية، حاصلة على ليسانس اللغة العربية كلية الآداب جامعة المنصورة، ثم حصلت على درجة الماجستير فى تخصص النقد الأدبى الحديث، نُشر لها العديد من الدواوين الشعرية، ومنها «رحلة افتراضية»، و«ليست سوداء بدينة»، و«على طراطيف الصوابع»، كما قُدمت لها على المسرح نصوص عديدة منها «استغماية» و«امرأة عنيفة» و«ماريونيت» و«السرير» و«الجنرال» و«الغرباء لا يتعلقون بالحبال».
حصلت صفاء البيلى على العديد من الجوائز، ومنها جائزة فى النص الموجه للطفل عن مسرحية «كوكب ورد» من الهيئة العربية للمسرح، وجائزة الإبداع الثقافى الألسكو عن النص المسرحى «الجنرال»، وجائزة «تيمور» المسرحية عام ٢٠٠٢.
وتقول صفاء البيلى: «بدأت بالمسرح الشعرى، ثم اتجهت لكتابة المسرح بلغة شعرية، فروح الشعر فى كتابتى، وبعد الانتهاء من مشاهدة أحد العروض من تأليفى يلتصق بذهن المتفرج بعض العبارات والمقولات ويرددها، والكثيرون علقوا على هذا الأمر، وأقرب أنواع الكتابات المسرحية لقلبى هى (المونودراما)، ثم مسرح الطفل ثم مسرح الكبار، وأشعر بأن الكاتب المتصدى لكتابة المونودراما يجب أن يكون كاتبًا قويًا ممتلكًا أدواته، فالمونودراما هى فن الإيجاز والتعبير».
عفت يحيى:
عفت يحيى، مخرجة وكاتبة مسرح، تخرجت فى الجامعة الأمريكية عام ١٩٩١، وحصلت على ماجستير فى الإخراج المسرحى من جامعة ترينتى بأيرلندا عام ٢٠١٥، كما درست صناعة السينما فى أكاديمية الفيلم النيويوركية بأكسفورد فى بريطانيا، وأخرجت ٣ أفلام قصيرة، ودرست فى عدد من الجامعات مثل الجامعة الأمريكية وهليوبوليس وعين شمس.
وألفت عفت يحيى عددًا من المسرحيات مثل «الومضة» و«كان يا ما كان» و«يوميات فاطمة» و«تحت شجرة الليمون» و«مكتوب»، كما ترجمت وأعدت عددًا من العروض من المسرح العالمى، مثل «بنات قمة» لكاريل شيرشل و«لنارك» لألسدير جراى و«فى وحدة حقول القطن» لكولتس و«ذاكرة المياه» لستيفنسن.
وأسست فرقة «القافلة» فى أوائل التسعينيات، واهتمت بتقديم عروض مسرحية، تناقش قضايا المرأة، وأخرجت عبر فرقتها عددًا من المسرحيات من أهمها «اسكتشات» و«رمال متحركة»، و«الأستاذ» و«عـشى ليلى» و«التطريز»، كما أخرجت «فيرجينيا» و«صحراوية» و«ذاكرة المياه» و«يوميات فاطمة»، تناولت عروضها موضوعات مختلفة، مثل المرأة وعلاقتها بالجنس الآخر ومشكلاتها وصراعها مع التقاليد والمجتمع وبحثها عن هويتها وأحلامها، كما تناولت مواضيع أخرى عن الشباب وإجهاض أحلامهم، وحصلت على جائزة من المهرجان القومى للمسرح، عن إخراجها عرض «ذاكرة المياه».
وتقول «عفت»: «المسرح نتاج زمان ومكان واحتياج، والاحتياج للمسرح هو أصل الحكاية، والمسرح يغيّر من تركيب نفسه من أجل الاستمرار والتفاعل مع مستحدثات الحياة، مما يعزز الوجود والاستمرار فى العمل.. ومنذ أن بدأنا فى أول التسعينيات، لم يكن هدفنا المال أو الشهرة، ولكن كان احتياجنا لأن نقول شيئًا ما على المسرح، ولا يوجد شىء يقدم هباء، والمسرح فن الاقتصاد فى الحركة والكلمة، لذا حاولت ألا أكون مخرجة تقليدية، مستعينة بخبرات حياتية وثقافات مختلفة».
نورا أمين:
نورا أمين، روائية وكاتبة قصصية وممثلة مسرح مصرية، درست الأدب وحصلت على ماجستير فى الأدب المقارن بقسم اللغة الفرنسية جامعة القاهرة.
كما حصلت «نورا» على دبلوم إدارة الفنون من معهد فيلار، الملحق بمركز جون كينيدى للفنون الأدائية بالولايات المتحدة الأمريكية، وهى أول من درس دورات تدريبية فى الإدارة الثقافية فى مصر، ابتداء من عام ٢٠٠٤.
وأسست فرقة «لاموزيكا» عام٢٠٠٠، التى طورت من خلالها أسلوبها فى تصميم الرقصات، والجمع بين المسرح والرقص والتمثيل الإيمائى، كما أنشأت وأشرفت على مهرجان دولى للمسرح بعنوان «جدايل للفنون المستقلة» وأُقيم لأول مرة فى القاهرة عام ٢٠٠٢.
وأخرجت وأنتجت أكثر من ٣٧ مسرحية ورقصة وإنتاجًا موسيقيًا، تتناول النسوية ودور المرأة المصرية وتفاصيل حياتها اليومية وما تعانيه من بعض القيود المجتمعية.
وتقول «نورا»: «قررت أن أؤسس فرقة لاموزيكا المستقلة، لربط الصوت والكلام والحركة، أى معرفة كيف نمثل ونتكلم ونرقص فى نفس التوقيت، ومعرفة كيف يكون جسدنا بأدائه الحركى وحضوره، مرتبطًا جدًا بالآلة الصوتية وما نقوله من كلمات، وارتباط ذلك بالنفس، الذى يعد جذر التمثيل»، وتضيف: «يجب أن يختلف مستوى النفس عند أداء كل شخصية، وإيجاد الوحدة العضوية لجسد المؤدى، ومنها الوحدة العضوية لجسد الإنسان».
وتكمل: «المكان الوحيد الذى أنتمى إليه هو خشبة المسرح، والمكان المرتبط بالتروما، وهذا يعنى طريقة تحويل مسار الأشياء من خلال الخيال والتمثيل، وأن الجسد الواحد يمكنه أن يعيش الحرية والقهر والألم والسعادة».
وتضيف: «جسدى عاش ذكريات كل الفرق، وكل هذا التاريخ يقطن فى جسدى ولم يمر. أنا عملت منتجة فى العروض المستقلة التى لا تتبع إنتاج الدولة، وقدمت عروضًا بتمويل من جهات دولية وجهات من داخل مصر، مثل معهد جوته أو المعهد البريطانى وغيره، كنت أؤدى دور المنتجة ومديرة الفرقة، وأؤدى كل الأدوار، وهو ما يعد بمثابة الانتحار».
شيرين حجازى:
شيرين حجازى، راقصة ومصممة رقصات، بدأت حياتها بدراسة الهندسة لتلقى القبول الاجتماعى والأسرى، ثم انضمت إلى فرقة «رضا»، بمجرد أن أعلنت عن احتياجها إلى راقصين، ذاهبة وراء شغفها.
كما شاركت بعرضها المسرحى «يا سم» فى عدد من المهرجانات الدولية داخل مصر وخارجها، وأسست فرقة «عوالم خفية»، وهى الأولى من نوعها للرقص البلدى المعاصر، وشاركت بالتصميم والتدريب فى العديد من الاحتفالات الهامة، أهمها احتفالية «نقل المومياوات».
وتقول: «دائمًا أرى كل شىء يرقص، كلما أسمع الموسيقى أراها ترقص فى الفراغ، كل حركة بالنسبة لى هى حركة راقصة، عينى تحوّل كل شىء تلقائيًا إلى خطوط وألوان تتراقص».
وتضيف: «أنا أحب الرقص وأحترمه، والرقص أنقذنى فى فترات مختلفة من حياتى، وقد أسست فرقة (عوالم خفية) وهو مشروع أعمل عليه من سنتين، وتتكون من نحو ١٢ بنتًا، ونحن نرقص ما يسمى بـالرقص البلدى المعاصر» وهو امتداد لرقص المعبد، وهو رقص طقسى للكاهنات فى المعابد القديمة لتكريم «منبع الحياة» وهو «رحم السيدات»»، وتكمل: «لذلك تتركز الحركات حول منطقة الحوض بشكل فيه إجلال وتكريم»، وتقول: «فرقتنا تعمل على نطاقين أساسيين، الـسوشيال ميديا والواقع الفعلى، عبر المشاركة فى الأحداث والاحتفالات».