اللجنة المصرية العراقية العليا
مع بدء المائة يوم الثانية من توليه رئاسة وزراء العراق، زار محمد شياع السودانى، القاهرة، أمس الأول الأحد. وبعد أن استقبله الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى قصر الاتحادية، وتبادل معه وجهات النظر حول عدد من القضايا العربية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، ترأّس معه الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، جلسة مباحثات موسعة شارك فيها عدد من الوزراء وكبار مسئولى البلدين.
العلاقات المصرية العراقية شهدت تطورًا ملموسًا خلال السنوات الأخيرة، سواء على المستوى الثنائى أو عبر آلية التعاون الثلاثى مع المملكة الأردنية. وبلسان رئيسها، أكدت مصر «دعمها الثابت» لأمن واستقرار العراق وحرصها على تفعيل وتنويع أطر التعاون الثنائى فى مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية، والإسراع فى تنفيذ المشروعات المشتركة، وفقًا لاحتياجات الشعب العراقى. كما تعهدت بمواصلة العمل على تعزيز آلية التعاون الثلاثى، التى تم إطلاقها، سنة ٢٠١٩، من القاهرة.
بلسان رئيس وزرائها، أيضًا، أعربت مصر عن تطلعها إلى «توسيع أطر التعاون المشترك فى كل ما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين فى إطار ما يربطهما من علاقات تاريخية، وأُخوة ووحدة مصير، وأهداف مشتركة»، وأكد أن مصر والعراق عازمتان على توسيع أطر التعاون المشترك، و«العمل من أجل زيادة معدلات التبادل التجارى التى لا ترقى حاليًا إلى مستوى إمكانات البلدين»، بحسب البيان الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء، الذى استوقفتنا إشارته إلى «مخرجات الدورات السابقة للجنة العليا المشتركة بين البلدين»، بينما يقول الواقع إن هذه اللجنة، التى تم توقيع اتفاقية إنشائها منذ ٣٥ سنة، لم تعقد إلا دورة واحدة ووحيدة!.
جرى توقيع اتفاقية إنشاء «اللجنة المصرية العراقية العليا المشتركة» فى ٥ يوليو ١٩٨٨، وفى ٢٨ أكتوبر ٢٠٢٠، أى بعد ١٠ شهور تقريبًا من انتصار العراق على تنظيم «داعش» الإرهابى، عقدت اللجنة أولى دوراتها، برئاسة رئيسا وزراء البلدين، وانتهت بتوقيع ١٥ اتفاقية ومذكرة تفاهم فى مجالات التخطيط والاستثمار والتعدين والبترول والنقل البحرى والطرق والكبارى والموارد المائية والرى والإسكان وحماية البيئة والعدل والصحة ومكافحة الإغراق والتعاون الصناعى والمعارض الدولية، و... و... وفى أول نوفمبر التالى أقيم ملتقى اقتصادى تجارى، شارك فيه الوزراء المعنيون ورؤساء اتحاد الغرف التجارية فى البلدين.
هذه الدورة الوحيدة، استضافتها العاصمة العراقية، وكان تكليف الرئيس السيسى لرئيس الوزراء، والوفد المصرى المشارك فيها، هو بذل كل الجهد لتعزيز العلاقات مع العراق، وتسخير كل الخبرات والإمكانات المصرية فى خدمة الأشقاء العراقيين. وهنا، قد تكون مهمة ، أن المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء الأسبق، مساعد الرئيس للمشروعات القومية والاستراتيجية، كان أول مسئول عربى، أو أجنبى، يزور مدينة الموصل بعد تحريرها من براثن «داعش»، ونقل لأبنائها، ولكل الشعب العراقى، تهنئة الرئيس السيسى بتحريرها، كما ناقش خلال زيارة بغداد، أواخر يناير ٢٠٢٠، التى رافقه فيها عدد من الوزراء ورجال الأعمال، ملف إعادة الإعمار مع الرئيس العراقى ورئيس الوزراء وكل الوزراء والمسئولين العراقيين تقريبًا، وأكد استعداد مصر الكامل لنقل خبراتها وتسخير كل إمكاناتها لتحقيق التنمية فى الدولة الشقيقة.
المهم، هو أنه يجرى حاليًا الاستعداد لعقد الدورة الثانية للجنة العليا المشتركة، المقرر أن تستضيفها القاهرة فى مايو أو يونيو المقبلين، واتفق رئيسا وزراء البلدين على أن يقوم الوزراء المعنيون من الحكومتين بتكثيف العمل خلال الفترة المتبقية، على تفعيل مذكرات التفاهم القائمة بين البلدين، بالتوازى مع الإعداد الجيد لاجتماعات هذه الدورة حتى تخرج بنتائج تلبى طموحات الشعبين الشقيقين فى التنمية والازدهار.
.. وتبقى الإشارة إلى أن دور مصر «البارز» فى «تعزيز آليات العمل العربى المُشترك، لمواجهة الأزمات والتحديات الراهنة بالمنطقة»، أشاد به رئيس الوزراء العراقى ورآه «نموذجًا يحتذى به فى الحفاظ على الاستقرار والنهوض بالأوضاع التنموية والاقتصادية والاجتماعية» فى المنطقة، كما أعرب عن تقديره الجهود المصرية الداعمة للعراق على كافة الأصعدة، وأكد حرصه على تعزيز أطر التعاون والاستفادة من الخبرات والكفاءات المصرية فى مختلف المجالات.