«بين الترحيب والتحذير».. كيف استقبل المثقفون روبوت «شات جي بي تي»؟
منذ أن أُعلن عن روبوت المحادثة "شات جي بي تي" في نوفمبر من العام الماضي، ولم يتوقف الجدل حول ما سيقدمه من منافع في مقابل كثير من أوجه الخطورة.
يستخدم "شات جي بي تي" قواعد بيانات كبيرة ويجيب على أسئلة المستخدم وينشئ محتوى آخر حول مجموعة واسعة من الموضوعات تتضمن المقالات والاستشارات القانونية والأجوبة على ما يوجه من أسئلة.
مستقبل الإبداع
من الموضوعات المهمة التي أثيرت على خلفية بزوغ نجم هذه الأداة الجديدة للذكاء الاصطناعي؛ مستقبل الإبداع في ظل ما أتاحه شات جي بي تي من إمكانية كتابة القصص والشعر والموضوعات حول فكرة أو قضية محددة.
في تقرير نشره موقع ‘niche pursuits’، أُشير إلى أن الذكاء الاصطناعي وأدواته المختلفة لن يقضي على الإبداع البشري؛ فمستقبل الكتابة سيكون مزيجًا من الذكاء الاصطناعي والمهارات البشرية، فمثلما ستصير مولدات الذكاء الاصطناعي أكثر تعقيدًا، سيستمر الكُتّاب في إبداعهم، ولتحقيق أقصى استفادة من الطرفين سيكون الحل بإيجاد التوازن المثالي بينهما.
ولفت التقرير إلى أن شات جي بي تي لا يزال بحاجة إلى مؤلفي المحتوى لإضافة الإبداع الذي تفتقر إليه نماذج الذكاء الاصطناعي عند إنشاء المحتوى، ما يعني أن الذكاء الاصطناعي سيحل محل بعض أشكال الكتابة البشرية فقط لتحرير الوقت البشري لمهام الكتابة المهمة الأخرى.
إعجاب بالغ
كان بيل جيتس، المؤسس المشارك لشركة مايكروسوفت، من المتفائلين والمرحبين بالتطورات الأخيرة التي شهدها الذكاء الاصطناعي، فاعتبر أن "شات جي بي تي" سوف يغير العالم بشكل جذري.
وفي مقابلة له مع صحيفة ألمانية، قال جيتس: "حتى الآن، يمكن للذكاء الاصطناعي القراءة والكتابة، ستجعل البرامج الجديدة مثل شات جي بي تي الكثير من الوظائف المكتبية أكثر كفاءة من خلال المساعدة في كتابة الفواتير أو الخطابات، وهذا سيغير عالمنا".
وأضاف أنه معجب بإبداع شات جي بي تي في كتابة القصائد، قائلًا: أنا دائمًا مندهش من قدرة "شات جي بي تي" على الإبداع، وبعد أن أقرأ قصيدة كتبها، لا بد لي من الاعتراف بأنني ليس بمقدوري كتابة مثلها.
التحدي الكبير
في مقال بصحيفة "وول سترتيت جورنال"، لهنري كيسنجر وإريك شميت ودانيل هاتنلوشر، مؤلفي كتاب "عصر الذكاء الاصطناعي ومستقبلنا البشري"، أشار الكُتّاب إلى أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يمثل تحديًا فلسفيًا وعمليًا على نطاق لم يتم اختباره منذ بداية عصر التنوير.
وأوضحوا أنه في وقت سابق، مكنت المطبعة العلماء من مشاركة نتائج بعضهم البعض بسرعة، ما أدى إلى إنشاء المنهج العلمي، وتقويض تفسير القرون الوسطى للعالم على أساس الإيمان الديني بشكل تدريجي، والوصول إلى حدود جديدة للفهم البشري.
بالمثل، سيفتح الذكاء الاصطناعي التوليدي آفاقًا ثورية للعقل البشري وآفاقًا جديدة للمعرفة، لكن هناك اختلافات قاطعة عن حالة التنوير السابقة؛ فالمعرفة في عصر التنوير تحققت تدريجياً، وكانت كل خطوة قابلة للاختبار، أما في حالة مثل "شات جي بي تي" فهناك الكثير من المواد النصية على الإنترنت وعدد كبير من الكتب والاحتفاظ بهذا الحجم من المعلومات يتجاوز القدرات البشرية.
مخاطر على التعليم
في المقابل، كان نعوم تشومسكي من المحذرين مما قد يحمله المستقبل جراء الاعتماد على روبوت "شات جي بي تي" لا سيما في مجال التعليم، واصفًا إياه بأنه يقدم "انتحال بتقنية متقدمة".
وقال تشومسكي، إن الانتحال هو المساهمة الوحيدة التي يمكن أن يقدمها روبوت محادثة مثل "شات جي بي تي" في مجال التعليم، فعلى الرغم من اعترافه بأن ثمة قيمة تكمن وراء استخدامه، فإنه أشار إلى أن مخاطره أعظم.