رسائل لن تصل إلى عمر خورشيد غرائبيات
مر أسبوع آخر من عمرنا وعمر رسائلنا التي قد تصل يوماً..
جئتك اليوم وكلي شوق للتحدث معك..
لا أخفي عليك أشعر هذه الأيام بسعادة لا سبب واضحا لها..!
قد تكون بسبب الأجواء الأوروبية التي تميز هذه الأيام..!!
لم تمطر منذ بدأ فصل الشتاء وها نحن في النصف الثاني من فبراير ورغم ذلك لم تجود السماء بالأمطار على حيينا؟!
لست أدري لماذا؟
تمطر في كل شبر حولنا ولسوء حظي يحدث دون أن أكون متواجدة في النطاق الجغرافي الممطر..!
بالفعل تمطر في كل بقعة على شبر مصرنا الحبيبة خصوصا المحافظات الساحلية والدلتا إلا نطاق بيتنا..؟!
يبدو أن الطقس لا يعتبرنا ضمن النطاق الجغرافي للدلتا والقاهرة أو مصر ذاتها..!
يبدو أننا نعيش داخل صوبة زجاجية، تبعد السحب عنا..!
رغم ذلك تسعدني تلك الأجواء الغائمة الباردة..!
تحتجب شمس الشتاء خلف كتلة سحاب تغطي القرص فقط وبعيدا عنا..
مؤامرة من نوع ما.. لعلمهم أن يقيم هنا شخص شتوي يتوق للركض واللعب تحت الأمطار...!
لا أريد أن اصدم عشاق فصل الصيف لكن أعيش أسعد وأزهى أيامي بفضل البرودة الشديدة التي تجمد الأطراف..!
عزيزي عمر خورشيد
بالحديث مع الآخرين، اكتشفت أن هناك من هم مثلي، ممن يتألمون بصمت لا يعلم عن وجعهم غير قلبهم الذي يرفض فكرة تصديق أن هناك أعزاء رحلوا وتركوا دنيانا للأبد.!
أخبرني الصديق العزيز الدكتور محمود أنه مثلي تماماً.. أخبرته أنني ما زالت غير مصدقة أن أمي لم تعد بيينا..!
علمت أنه عاني هذا الوجع مع أقرب وأغلى ثلاثة أشخاص لقلبه والديه وأخيه التؤام الذي توفي حديثاً..!
لم أكن أعلم أننا ننسي وجع بوجع أكبر وفراق بفراق أعظم..!
عندما فقدت أمي الحبيبة.. همش ألمي على فراق أبي العزيز.!!
وحدها أمي من تشغل حيزاً كبيراً من قلبي وتفكيري..
ما يثير الدهشة أكثر هو أنني لست وحدي وإنما إخوتي ذات الشيء..!
عزيزي عمر خورشيد
ربما لأنها لم تكن أمي أمًا عادية.. رغم شخصيتها القوية واعتدادها بنفسها إلا أنني ما زلت أشعر بالخوف عليها وكأنها ابنتي الصغيرة التي تاهت مني في زحام الحياة...!!
يذكرني خوفي على أمي بموقف حدث مؤخراً في إحدى الدول المنكوبة، التي ضربها الزلزال المدمر منذ ما يقارب الأسبوعين أو يزيد..
شهد أحد عمال الإنقاذ حادثة مثيرة للتعجب والدهشة..!
بعد وقوع الزلزال بخمسة أيام، وقفنا أمام إحدى البنايات المهدمة نواصل عمليات الإنقاذ.
نبحث في جانب محدد تتجمع المعدات وجموع المنقذين متطوعين وخلافه..
قدمت امرأة وأخذت تتوسل إلينا أن نخرج ولديها من خلف احد الجدران والتي توجد في الجهة المقابلة بعيدا عن منطقة عملنا...!
تؤكد أن أولادها خلف هذا الجدار تحديدًا.. لم نعرها اهتمامًا وواصلنا عملنا..!
توسلت إلينا.. ركعت باكية وهي تشير لذات الجدار.. ابحثوا هنا.. أولادي هنا خلف هذا الجدار.. أرجوكم أنقذوهم ..!
انتقلوا للبحث خلف الجدار ليخرجوا أطفالها احدهم عمره 13 عامًا والآخر سبع سنوات.
بحثوا عنها كي تطمئن وتصطحبهم معها.. لم يجدوها.. بحثوا عنها كثيرا.. اختفت..!
سألوا أبناءها عن أمهم ليجيبوا أمنا متوفاة منذ أربع سنوات..!
لسنا في زمن المعجزات باللغة أهل العلم كذلك لسنا في آخر الزمان حتى تترك الأم أبناءها وتتخلى عنهم حتى ولو كانت تحت التراب..!
لم أتعجب رغم أن القصة يقشعر لها الأبدان.
ليقيني أن الأم قادرة أن تنهض من تحت التراب لتنقذ أبناءها.. الأم قادرة أن تعبر البحار وأن تسير في النيران منأجل أبنائها. حبها تجاههم حب غير مشروط وضعه الله في قلبها بالفطرة يصعب بل يستحيل اقتلاعه...!
تابعت ما قيل بخصوص هذا الحادث تنوعت التأويلات وتأرجحت بين مصدق ومكذب..!!
كالعادة نتجاهل أي شيء جميل يقودنا لطريق الهدى والنور..!
لفت نظري أن هناك شبه إجماع أن هذا ملاك ممن يحمي الأطفال تجسد في صورة الأم.
وآخر قال إنه جن مسلم موكل بحماية الأطفال وكأن أطفال المسلمين فقط هم من يسخر لهم كل شيء...!!
بعيدا عن أي تفسيرات طائفية أو منطقية
أرى أن للأم على وجه الخصوص قدرات خارقة، ولنا في الحيوانات عبرة. القطط تقفز بأبنائها فوق الأسطح لحمايتهم من الغرباء والمتطفلين..!
تذكرت قصة أخبرتني بها أمي.. وكانت أحد الشهود على فصولها...
أثناء جلوس جارتهم وهي ترضع طفلها قام أخيها بتنظيف سلاحه،
خرجت طلقة طائشة استقرت في صدرها فأردتها على الفور!
يقسم الجيران بمن فيهم أمي أنهم يرونها ليلاً تركض في الشارع كلما بكى الطفل؟!
عادت لأخذ رضيعها ...!
في البداية ظنوا أن ما يرونه وهمًا..!
حتى اكتشفوا أن الرضيع يؤخذ ليلًا من مكانه وينتقل لأعلى
البناية كل يوم...!
ثم توفي بشكل مفاجئ وفور وفاته اختفى ظلها...!
لم يعد يراها أحد
نامت قريرة العين برفقة رضيعها..؟!
أخذت ما تريد وتركت عشرات الأسئلة تشغل الأذهان لوقتنا هذا؟!
لذلك لم أتعجب أو أندهش من رواية أم طفلين الزلزال.!!
عزيزي عمر خورشيد
أنت ذاتك اتهمت أن لك علاقة بالعالم الغرائبي وأن هناك من توقع طريقة رحيلك؟!
لذا لا أنتظر منك أن تبدي تعجبا أو تصفنا بالجنون؟!
عزيزي عمر خورشيد
إذا استفضت بالحديث عن الأم وقدراتها والظواهر الخارقة التي تحيط بنا من كل جانب لن نجد كتبًا تكفي ما يقص وما يحكى؟!
عزيزي عمر خورشيد
كن بخير لأكتب لك مجددًا.