«التخطيط»: مصر من أوائل الدول التى وضعت استراتيجية وطنية للتنمية المستدامة
قالت الدكتورة منى عصام، مساعد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية لشئون التنمية المستدامة، إن مصر كانت من أوائل الدول التي وضعت استراتيجية وطنية للتنمية المستدامة تمثلت في رؤية مصر 2030 التي أطلقتها الدولة المصرية في فبراير 2016، باعتبارها النسخة الوطنية من الأجندة الوطنية من الأجندة الأممية 2030.
وأضافت عصام، خلال فعاليات اليوم الثاني من المؤتمر رفيع المستوى لمشروع "دعم الحوكمة العامة والاقتصادية في مصر"، أنه في ضوء الطبيعة الديناميكية لعملية التخطيط التنموي، ونظرا لكون رؤية مصر 2030 وثيقة حية تتأثر بالمتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، فقد ارتأت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية في عام 2018 ضرورة تحديث هذه الرؤية، لعدد من الأسباب تتمثل في ضمان اتساق الأجندة الوطنية مع كل من الأهداف الأممية للتنمية المستدامة (أجندة 2030)، وكذلك مع أجندة إفريقيا 2063، التأكيد على ترابط الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة، حيث أن جميع الأهداف الاستراتيجية الرئيسية والعامة سوف تتضمن الثلاثة أبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية معا، كما طرأت قضايا ملحة في السياق المصري كان يجب تضمينها وبيان كيفية التعامل الاستراتيجي معها مثل الزيادة السكانية، ندرة المياه،.... إلخ، علاوة على مواكبة التغيرات التي طرأت على مؤشرات الاقتصاد المصري بعد تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي عام 2016، تعزيز سرعة الاستجابة والتعامل الفعال مع التحديات العالمية المستحدثة والتنبؤ السريع والاستعداد لأي مستجدات محلية وإقليمية ودولية، ورفع قدرة الاقتصاد على مواجهة الصدمات الخارجية (على سبيل المثال كوفيد 19، الحرب الروسية الأوكرانية وغيرها).
وأضافت عصام أنه منذ الخطوات الأولى من عملية التحديث، تبنت الحكومة ممثلة في وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، نهجا تشاركيا يضمن مشاركة كافة الأطراف المعنية في هذا الجهد الوطني لرسم مستقبل أفضل لأبناء مصر وتحقيق التنمية المستدامة لضمان حقوق الأجيال القادمة، وانطلقت عملية التحديث بمشاركة كافة الوزارات والجهات الوطنية وعدد كبير من الخبراء الوطنيين في مجالات الاقتصاد والاجتماع والبيئة والحوكمة، والذين قدموا إسهامات ومجهودات كبيرة في عملية تحديث "رؤية مصر 2030"، مشيرة إلى أن عملية التحديث بدأت بالاستعانة بعدد من الخبراء لرصد الفجوات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في النسخة الأولى من "رؤية مصر 2030" ومن ثم تم تحديد فرق عمل من مجموعة كبيرة من الخبراء لصياغة أوراق عمل لسد الفجوات المحددة، وبالتوازي، تم العمل مع الوزارات والجهات الوطنية لصياغة أوراق عمل قطاعية كخطوة أولية لعملية التحديث.
وتابعت عصام أنه مع انتشار جائحة فيروس كوفيد 19 وما ترتب عليها من تداعيات اقتصادية واجتماعية طالت دول العالم كافة ومن بينها مصر، كان لزاما إجراء مراجعة جديدة لأهداف الرؤية ومؤشراتها لتضمين التحولات التي طرأت على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية من جراء الجائحة، وتضمين آليات للتعافي السريع والقدرة على امتصاص الصدمات، وتلى ذلك عملية التجميع والمراجعة، حيث تمت الاستعانة بنخبة من الخبراء والأكاديميين في المجالات المختلفة، واعتمد الخبراء في عملهم على كافة مدخلات الوزارات والجهات الوطنية من أوراق عمل وكذلك الاستراتيجيات القطاعية المنشورة، كما تم تضمين التداعيات الناتجة عن تفشي جائحة كورونا.
وأوضحت عصام أن فريقا متخصصا من وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية قام بوضع إطار لمتابعة تنفيذ الرؤية المحدثة تتضمن عددا من المؤشرات الاستراتيجية ومستهدفاتها، كما تم عقد جلسات تشاورية افتراضية مع مجموعة من الخبراء البارزين في المجالات المختلفة لمناقشة مستهدفات المؤشرات المتضمنة في رؤية مصر 2030 المحدثة لمراجعتها وتنقيحها وكذلك لضمان قابليتها للتحقق في ضوء الخبرات الأكاديمية والعملية للخبراء، وتم إرسال مسودة النسخة المحدثة من "رؤية مصر 2030" والمستهدفات الخاصة بها إلى كافة الجهات الوطنية لإبداء الرأي، وبعد إجراء التعديلات المطلوبة وفقا لمدخلات الجهات الوطنية، تم طرح النسخة المحدثة من "رؤية مصر 2030" لمناقشتها ضمن جلسات الحوار الوطني.
وأشارت عصام إلى أن النسخة المحدثة من رؤية مصر 2030 تتضمن أربعة مبادئ حاكمة تمثل الركائز الاستراتيجية وهي، الإنسان محور التنمية، وتحقيق العدالة والإتاحة، وتعزيز المرونة والقدرة على التكيف، وتحقيق الاستدامة. ويمثل قلب الرؤية ستة أهداف استراتيجية ينبثق عنها الأهداف العامة، وتتمثل الأهداف الاستراتيجية في الارتقاء بجودة حياة المواطن وتحسين مستوى معيشته، والعدالة الاجتماعية والمساواة، ونظام بيئي متكامل ومستدام، واقتصاد متنوع معرفي تنافسي، وبنية تحتية متطورة، والحوكمة والشراكات. ولتسريع تحقيق الأهداف تم تحديد سبعة ممكنات وهي توفير التمويل، وتحقيق التقدم التكنولوجي والابتكار، وتعزيز التحول الرقمي، وإنتاج البيانات وإتاحتها، وتهيئة بيئة تشريعية داعمة، وتوفير منظومة قيم ثقافية مساندة، وضبط الزيادة السكانية.
وتطرقت عصام إلى أوجه الاختلافات الرئيسية بين النسخة الأولى والمحدثة من رؤية مصر 2030، حيث اعتمدت النسخة الأولى من الرؤية على الفصل بين الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة (الاقتصادية والاجتماعية والبيئية)، بينما في الرؤية المحدثة، يعكس كل هدف استراتيجي وهدف عام من أهداف الرؤية الأبعاد الثلاثة مجتمعة، كما تم تقسيم الرؤية المحدثة إلى مجموعة من المبادئ الحاكمة التي تمثل الإطار العام للرؤية ويتوجب وضعها في الاعتبار عند تحقيق الأهداف الاستراتيجية والعامة للرؤية، إلى جانب تحديد مجموعة الممكنات التي تسهم في التسريع من تحقيق الرؤية الوطنية، إلى جانب الربط بين الأهداف الاستراتيجية للرؤية بكل من الأجندة الأممية 2030 وأجندة إفريقيا 2063، مضيفة أن الرؤية المحدثة تركز على وضع تصور استراتيجي للدولة المصرية وصولاً إلى عام 2030 إلى جانب مستهدفات كمية لقياس مدى التقدم المُحرز، على أن تتولى الجهات الوطنية وأصحاب المصلحة عملية تنفيذ الرؤية من خلال استراتيجياتهم القطاعية وخطط عملهم التي يجب أن تتوافق مع الرؤية الوطنية (رؤية مصر 2030)، في حين حددت النسخة الأولى البرامج والمشروعات اللازمة لتحقيق الأهداف.
ومن جانبها، أشارت آية نوار، نائب رئيس وحدة التنمية المستدامة بوزارة التخطيط، إلى أهمية ربط خطط الوزارات بالخطط طويلة المدى ومتوسطة المدى، كما يجب مراعاة الموارد المالية المتاحة عند إعداد الخطط السنوية للوزارات.
وجمعت الجلسة ممثلين من وحدات التنمية المستدامة في الوزارات ومسئولي التنمية المستدامة في المحافظات لمناقشة امكانية تعزيز التنسيق بين المستويات الحكومية المختلفة لتنفيذ رؤية مصر 2030، بما في ذلك الاهداف المتعلقة بالمساواة بين الجنسين وتمثيل الشباب والشمول.
وبعد إلقاء الكلمة الرئيسية للجلسة، تم تقسيم الحضور إلى مجموعات عمل للمشاركة في المناقشات من
خلال أسئلة توجيهية باستخدام نموذج "المقهى العالمي" للمشاركة، وتم تحديد مقرر من كل مجموعة لعرض استنتاجات المجموعة في المناقشة الختامية.