ما حكم المديح والابتهالات النبوية وما مدى مشروعيتها؟.. الإفتاء تجيب
ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية يسأل صاحبه عن حكم المديح والابتهالات النبوية، وما مدى مشروعيتها؟ وأجابت الإفتاء عبر موقعها الإلكتروني، بأن مدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم سنة ثابتة منقولة بالتواتر.
وأوضحت أنه قربة من أعظم القربات أخذها الخلف عن السلف من غير نكير، وما زالت المدائح النبوية تُحَبِّبُ الناس في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عبر العصور، وتُرَغِّبُهُم في اتباعِ سنته والاقتداء بشمائله الشريفة وسجاياه الكريمة، وبها تَتَنَوَّر القلوب وتنشرح الصدور وتزكو النفوس.
وأكدت الإفتاء أن مدح الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم من أعظم القربات، وهو من أعظم ما يثبت حب الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم في القلوب، وقد صحّت الأحاديث بأنه لا أحد أحب إليه المدح من الله تعالى، وفي حديث الأسود بن سريع رضي الله عنه أنه قال: قلت: يا رسول الله مدحت الله تعالى بمدحة، ومدحتك بمدحة. قال: «هَاتِ وَابْدَأْ بِمِدْحَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ» رواه أحمد واللفظ له والنسائي والطبراني والحاكم وغيرهم.
ودللت الإفتاء بما يلي..
ولم يزل النبي صلى الله عليه وآله وسلم يُعجبه الشِّعر ويُمدَح به فيُثِيبُ عليه، وقد سَمِعَ مدحَهُ بأُذُنِه من حسّان بن ثابت، وعمه العباس، وأنس بن مالك، وعبد الله بن رواحة، وكعب بن زهير، وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين، ولم ينكر منه شيئًا، وتغنَّى المتغنُّون بين يديه بمديحه فُرَادَى كالثابت عن ابن رواحة وأنس رضي الله عنهم في الحداء، والثابت عن عائشة رضي الله عنها في حكمها بأحقيته صلى الله عليه وآله وسلم بما جاء من المدح في بعض شعر الشاعرين.. إلخ، كما تغنَّى المتغنُّون بين يديه بمديحه صلى الله عليه وآله وسلم جماعات كما حدث في استقبال الأنصار له، ولم يُحْفَظ عنه صلى الله عليه وآله وسلم إنكارٌ لهذا أو نسخٌ له، وكان يحب الصوت الحسن فقال لعبد الله بن زيد رضي الله عنه الذي رأى الأذان في منامه: «قُمْ مَعَ بِلالٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ، فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ» رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، وصححه ابن حبان والحاكم.
ولما أراد مؤذنًا له في مكة اختار أبا محذورة رضي الله عنه؛ لأنه حسن الصوت، وكان ينصب لحسان بن ثابت رضي الله عنه منبرًا في المسجد فيقوم عليه يهجو الكفار. أخرجه الترمذي عن عائشة رضي الله عنها.
وفي "الصحيحين" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: "أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه مَرَّ بِحَسَّانَ رضي الله عنه وَهُوَ يُنْشِدُ الشِّعْرَ فِي الْمَسْجِدِ، فَلَحَظَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أُنْشِدُ وَفِيهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فَقَالَ: أَنْشُدُكَ الله أَسَمِعْتَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ: «أَجِبْ عَنِّي اللهمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ». قَالَ: اللهمَّ نَعَمْ". وبوَّب عليه الإمام النسائي (باب الرخصة في إنشاد الشعر الحسن في المسجد).
وفي "صحيح مسلم" عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ لِحَسَّانَ رضي الله عنه: «إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ لا يَزَالُ يُؤَيِّدُكَ مَا نَافَحْتَ عَنِ الله وَرَسُولِهِ».