من «العشق الممنوع» لـ «أزمة منتصف العمر».. «آنا كارنينا» رواية روسية ألهمت الدراما العالمية
أثار مسلسل "أزمة منتصف العمر" الذي يُذاع على منصة "شاهد"، ضجة واسعة، بين إشادات وانتقادات الجمهور للعمل، سواء من الناحية الفنية أو المعالجة الروائية، أو أداء الممثلين بالعمل.
وكان لقصة العمل دورًا كبيرًا في إثارة هذا الجدل بين المشاهدين، كونها صادمة لعادات المجتمع وقيمه - كما يرى البعض - وهو الحال نفسه الذي يثيره أي عمل يتم اقتباسه من تيمة رواية "آنا كارنينا" للكاتب الروسي الشهير "ليو تولستوي".
"آنا كارنينا" صراع المشاعر
وتعد "آنا كارنينا" الرواية الأشهر على الإطلاق لـ"تولستوي"، فهي تمس مشاعر كل من يقرأها، فالكاتب جرد نفسه الانحياز لأي طرف خلال كتابتها، وقدّم كل شخصية في الرواية دون ملائكية زائفة أو شيطانية مبالغ بها، فأبطال "آنا كارنينا" بشر يخطئون ويصيبون.
الخلطة التي قدمها "تولستوي" في "آنا كارنينا" كانت وراء نجاحها الواسع، حتى تم ترجمتها بالعديد من اللغات ونشرها في كل أنحاء العالم، كما أن الرواية التي تم إصدارها في عام 1878، تم معالجتها درامياً وطرحها في 11 فيلم عالمياً بداية من عام 1914.
وفي عام 1960 قدمتها سيدة الشاشة العربية "فاتن حمامة" في فيلم "نهر الحب"، وآخر نسخة سينمائية تم طرحها في عام 2012، حيث لعبت بطولتها النجمة الشهيرة "كيرا نايتلي".
كما تم تقديمها على خشبة المسرح العالمي ثلاث مرات، وفي الدراما تم معالجتها في المسلسل التركي "بهلول وبهتار" والمعروف عربياً بـ"العشق الممنوع"، وأخيراً "أزمة منتصف العمر".
الزواج بفارق العمر
وتدور أحداث "آنا كارنينا" حول فتاة شابة جميلة تدعى "آنا"، تتزوج من رجل يكبرها في العمر بأكثر من 20 عاماً يدعى "كارينين"، لكي تساعد شقيقها في بناء مستقبله.
ترزق "آنا" من زوجها الذي يصبح لاحقًا وزيرًا مخضرمًا بصبي، وعندما يمر على زواجهما قرابة 10 سنوات، تقابل شاب في نفس عمرها فتقع بحبه، وتقيم معه علاقة سرية بالرغم من استمرار زواجها، حتى يعلم زوجها بعلاقتها، وفي البداية يسعى للتكتم على الأمر، خوفاً على سمعته ومكانته الاجتماعية، كما يخشى على سمعة ابنه ومستقبله، ولكنه في النهاية يتخذ قرار بطلاق "آنا"، التي تذهب للعيش مع عشيقها، حتى يصيبهم الملل وتشتعل بينهم الخلافات التي تنتهي بالانفصال، ولا تستطيع "آنا" العودة لابنها فتناجي ربها وتطلب المغفرة.
معالجات درامية مختلفة
في الغالب يتجه صناع الأعمال الفنية إلى إضافة تفاصيل للحبكة الدرامية، وذلك للتجديد وإضفاء طابع من الإثارة، وعلى سبيل المثال في فيلم "نهر الحب" ظهر الزوج الثري "طاهر باشا" والذي لعب دوره النجم زكي رستم، رجل متسلط وظالم، لكي يمنح صناع العمل الزوجة مبررًا في النفور منه والاتجاه إلى خيانته، وهو نفس المعالجة التي قدمها "أزمة منتصف العمر" للزوج "عزت"، على الرغم من أن "كارنين" الزوج الاصلي بالرواية، رجل يتسم بالشرف والكرم وكان يعطف على "آنا"، وهو نفس الطرح الذي قدمه مسلسل "العشق الممنوع" التركي.
نجد أيضًا في مسلسل "العشق الممنوع"، أن صنّاع العمل أظهروا الشاب الذي يقيم علاقة مع "آنا" هو قريب لزوجها، لتظهر المعالجة أن الخيانة لم تكن للزوج فقط ولكن خيانة الشاب لعمه أيضًا، وهو ما ذهب إليه أيضًا صناع "أزمة منتصف العمر"، كون عمر وقع في حب "فيروز" أم زوجته بالتبني.
كما أن "العشق الممنوع" و"نهر الحب" اجتمعا في نفس النهاية، حيث تقدم البطلة على الانتحار والتخلص من حياتها، بعد خسارة كل شيء، فيما انهى "تولستوي" روايته بتوبة البطلة وزهدها الحياة، نظرًا لطبيعته كمؤلف متدين بالأساس.
كل هذه المعالجات الفنية التي انبثقت عن "آنا كارنينا" جاءت تأكيدًا على ملحمية الرواية التي كتبها الكاتب الروسي "تولستوي" وتم وضعها في قائمة أفضل 100 كتاب في العالم، بحسب مكتبة بوكلبن العالمية، لما تحتويه من مشاعر إنسانية متناقضة، ورسائل أبرزها عدم نجاح الزواج عندما يقام على فارق بالعمر أو اختلاف في الثقافات.