خبراء سودانيون لـ«الدستور»: جهود مصر لمساعدة أطراف الأزمة السودانية تدعم الاستقرار
انطلقت، اليوم الخميس، أعمال ورشة عمل سياسية تحت عنوان "آفاق التحول الديمقراطي نحو سودان يسع الجميع"، بمشاركة العديد من القوى السياسية السودانية الفاعلة، في القاهرة.
وتعقد ورشة العمل وسط تطلعات أن تمثل هذه الفعالية منبرًا سودانيًا خالصًا لمناقشة القضايا السياسية العالقة للوصول إلى توافق سوداني سوداني بشأن مسار العملية السياسية.
وفي هذا الإطار قال الخبير العسكري السوداني اللواء أمين إسماعيل مجذوب، إن المفاوضات الحالية بين أطراف الأزمة هي مفاوضات بين جسم سياسي هو الحرية والتغيير والمكون العسكري وقد وصلت المفاوضات إلى مبادرات إقليمية ودولية إلى أن تم توقيع اتفاق إطاري يحدد هياكل الحكم في السودان ويحدد طريقة تشكيل الحكومة المدنية وكانت هناك بعض القضايا التي تم تأجيلها إلى الاتفاق النهائي.
وأوضح مجذوب في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن المشاورات السودانية مدعومة برعاية الآلية الرباعية والأمم المتحدة والاتحاد الافريقي لكن امتنعت بقية القوى السياسية من الانخراط في الاتفاق الإطاري ويعتبر هذا نقطة ضعف رئيسة للاتفاق الإطاري وهناك قوي تتمثل فى الجبهة الثورية وحركتي العدل والمساواة وجبهة تحرير السودان وبقية القوى السياسية التي تتخوف من الاتفاق الإطاري مثل حزب البعث العربي الاشتراكي والحزب الشيوعي ولجان المقاومة هذا هو الموقف حتى الآن في لجان المفاوضات وربما اتجهت الكتلة الديمقراطية المعارضة الي اتجاه اخر باعتبار أنها تمثل قوى أخرى معارضة للاتفاق الإطاري.
وأضاف أن الجهود المصرية في مساعدة أطراف الأزمة السودانية هي جهود مقدرة تقوم بها دولة شقيقة للسودان، فمصر تعتبر الشقق الأكبر للسودان وتعتبر العلاقات تاريخية وثنائية ولديها علاقات أفقية وراسية مع أطراف الأزمة في السودان وهذا الدعوة تأتي في إطار إحساس مصر أن هناك بعض الإشكالات في الاستقرار السياسي بالسودان والذي يؤثر بدوره على الاستقرار في مصر باعتبار أن البلدين يتأثر كل منهم كل ما يدور بالآخر وايضا تحاول مصر أن تلعب دور إقليمي لحل الأزمة ومن حقها هذا الأمر فقد كانت تمارسه في الماضي.
وأضاف: "ربما يتعقد الموقف في السودان ويؤثر على الأوضاع في مصر سواء كانت سياسياً أو أمنيا أو اقتصاديا ولذلك جاءت هذه الدعوة باستضافة الفرقاء السودانيين بالقاهرة في شكل ورشة عمل وفي تقدري أن هذه الورشة ربما تصل إلى نتائج مهمة أهمها تطوير الاتفاق الإطاري بإدخال الكتلة الديمقراطية أو بإدخال بعض التعديلات أو الخروج بمبادرة جديدة أو اتفاق سياسي جديد يدعم الاتفاق مع المكون العسكري".
وأكد مجذوب أن الدور المصري يأتي من رغبة المساعدة وجمع الأشقاء في السودان من أجل إحداث استقرار في المنطقة، مشيرا إلى أن نجاح الشقيقة مصر في تقريب وجهات النظر وإيجاد حل للأزمة السودانية يمكن أن ينجح بدرجة كبيرة، ويجب على مصر التنسيق مع الآلية الرباعية (الإمارات، السعودية، الولايات المتحدة، بريطانيا) ومع الآلية الثلاثية حتى لا تعدد المسارات ويحدث نوع مع الاختلاف في المبادرة .
وشدد الخبير السوداني على أن مصر هي الأقرب للسودان جغرافيا ووجوديا وأيضاً هي التي تعلم خفايا المجتمع السياسي السوداني والاقتصادي والامني وبالتالي تساهم بشكل كبير في إيجاد حلول.
وأكد أن البنود العالقة هي بند خاص بشأن المشاركة السياسية، فهناك خلاف في وجهات النظر وتغير المجلس المركزي وهناك بعض القوي السياسية التي دعمت قرارات ٢٥ اكتوبر وهناك قوي عملت مع النظام السابق وهذا القوي تريد إغراق الاتفاق الإطاري من الداخل وهذا بند خلافي كبير جدا وأيضاً هناك بنود خاصه للقضايا التي يتم مناقشتها الآن والتي تسمي القضايا العالقة وهم خمس قضايا: قضية تفكيك النظام، قضية هيكلة وتطوير الأجهزة النظامية، ملف العدالة الانتقالية، فتح إتفاق جوبا للسلام، ومسار الشراكة، وهذه هي الخلافات المطروحة الآن باعتبار أن الكتلة الديمقراطية لديها أيضاً وجهات نظر في مسألة المشاركة.
وقال مجذوب إن هناك بعض الأحزاب الموجودة في الاتفاق الإطاري عملت مع النظام مثل حزب الاتحاد وأيضا حزب الأمة لديه مساعد في رئاسة الجمهورية في النظام السابق وهذا هي نقطة فيها جدل كبير جدا، وأيضا نقطة جوهرية وهي تشكيل الحكومة الجديدة تكون من الكفاءات وهذا ما تخاف منه الحركات المسلحة وليس لديها أحزاب أو كفاءات ترشحها للحكومة وتريد أن تجلس على طاولة المفاوضات كقيادات مسلحة، وإذا تم تجاوز هذه النقاط يمكن أن نصل إلى اتفاق ويمكن الوصول إلى الحد الأدنى من الاتفاق الأدنى السوداني التي يحقق المصلحة القومية السودانية .
من جهته؛ قال الإعلامي السوداني البشير دهب، إن السودان يعيش حالة من عدم الاستقرار السياسي بعد قرارات 25 أكتوبر 2021 بعد فض مجلس السيادة الشراكة مع القوى السياسية عدا القوى الموقعة على اتفاق سلام جوبا عقب حالة الانسداد في الأفق السياسي.
وأوضح دهب، في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن بنود الإتفاق الإطاري السياسي الموقع ديسمبر الماضي أفضى إلى فترة انتقالية مدنية تنتهي بانتخابات مع إبعاد الجيش من الحياة السياسية بجانب إصلاحات بنيوية في هياكل السلطة التشريعية و التنفيذية والقضائية في حين رفضت "الكتلة الديمقراطية" وقوى سياسية ومدنية أخرى الاتفاق.
وأضاف: "القوى الموقعة على الاتفاق متمسكة به وقد اجتمعت بقاعة الصداقة في 31 من يناير 2023 لمناقشة عدة قضايا أبرزها السلام والحكم الرشيد والعدالة الاجتماعية، ويتزامن هذا مع دعوة القاهرة الأطراف السياسية لمائدة من أجل حل الأزمة".
وأشار دهب إلى أن دعوة القاهرة استجابت لها بعض الأطراف السودانية رغم تأكيد القاهرة بأنها مسهل فقط للمشاورات بين السودانيين، فيما رحبت الكتلة الديمقراطية وقوى مدنية أخرى بالمبادرة المصرية واعتبرتها بادرة طيبة من الأشقاء في مصر لتسهيل عملية الوفاق بين السودانيين.
وأضاف: "من المتوقع أن تؤجل القاهرة مبادرتها على الأقل في الوقت الحالي لجمع المزيد من الأطراف، وجهود القاهرة لتوفيق وجهات النظر بين الأطراف في السودان ليست وليدة وإنما قديمة حيث جمعت بين السيدين عبدالرحمن المهدي ومحمد عثمان الميرغني عقب الاختلاف الشهير في فترة الديمقراطية الثانية في السودان".
وتابع: "بالتأكيد وجود حالة الاستقرار السياسي والأمني في السودان أو عدمه يلقي بظلاله على مصر وهذا يفسر زيارات المسؤولين المصريين للخرطوم، وقبلها زيارتي الفريق عبد الفتاح البرهان ومحمد حميدتي للقاهرة للقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي".
واعتبر السياسي السوداني أن من المعوقات الحاضرة في المشهد السوداني تدني الثقة بين الأطراف السياسية وقضية استحقاقات اتفاق السلام وملف العدالة الاجتماعية.