رسائل لن تصل إلى عمر خورشيد.. الرسالة 19.. سحر الكتب
عزيزي عمر
أكتب لك الآن وأنا أستمع إلى لحن رصاصتك التي لا تزال في قلبي ..!!
أكتب لك ولحنك هذا الذي أحب أن يدغدغ مشاعري .. ويمدني بالقوة والحماس والقدرة على المواصلة والاستمرار وتخطي كل العقبات..؟!
أكتب لك وكلي شوق لأيام مضت، أجمل ما بها أشخاص لم يعودوا معنا...؟!
أكتب لك وداخلي تضارب في كل شيء، مشاعر متفاوتة، أرسم الابتسامة على وجهي، وداخلي شعور بالحزن أقوي فينعكس على ملامحي !
أضحك تارة، تارة أبكي..
وهكذا أتأرجح بين هذا وذاك..
حالة من انعدام الوزن، خلل أتمنى أن ينتهي- أن أتخطاه
- لأعود كما كنت. رغم استحالة ذلك!
. لأنني لم أعد كالسابق ولن أكون على ما يبدو...!
عزيزي عمر خورشيد
عشت طوال أيام حياتي أميل للهدوء، أبتعد عن الصحافة المقروءة وكل وسائل الإعلام.
أقاطع الفضائيات بالرغم من آرائي الجريئة الثورية من وجهة نظر الآخرين، إلا أنني كنت أعبر فقط عن مشاكل أراها ملموسة.. لا أختلقها.. هكذا عشت فترة طويلة من حياتي..؟!
ومن ثم أغلقت على نفسي في دائرة ضيقة جدًا.. دائرة الدراما الأجنبية والمسرح المترجم من خلال الكتب.. وهكذا انعزلت عن المجتمع تماماً.
ثم استيقظت فجأة على قرار الحكومة بإدخال خدمات الإنترنت لمصر.
هذا العالم السحري المجهول المدهش الذي نسمع عنه أعاجيب.. بدأت أتابع ما يقال عنه. لأن كل معلوماتي عن تلك الساحرة لم تعدُ كونها مختصرة في الدردشات كما أشاهد في الأفلام الأجنبية.!!
ومرت الشهور، وجاء يناير العظيم وانقلب السحر على الساحر، وبدأ الحلم يصبح حقيقة وتحققت معجزة كنت أظنها دربًا من الخيال.
لا أخفي عليك بالرغم من الأحداث الدامية وما تلاها من خذلان وانكسارات لا مجال لذكرها إلا أنه سيظل الـ18 يومًا اللاحقة لـ25 يناير أجمل وأنقى أيام حياتنا.
أيام لم ولن تنسى بحق.
أيام كلها أحلام بريئة ورغبة حقيقية في التغير السلمي، رغبة حقيقية للعبور بمصرنا العزيزة من النفق المظلم ..
كل من حولنا سبقنا ونحن وقفنا مكاننا..!!
مرت علينا أيام عصيبة لاحقة، ولا نزال ندور في نفس دائرة الضيق مع بعض الاختلافات!
نحن أبناء الشعب المصري نرغب في أن نلحق بركب الدول المتقدمة، أن نعود للصدارة في المجالات كافة.
نحاول ونحاول قدر استطاعتنا لكن بقايا الموروثات العتيقة، تعرقل تقدم أصحاب الهامات والمواهب.
لذا كنا نتأمل أن يكتمل حلم يناير ويجتز الفساد من جذوره.
رأينا فيها النقاء والفرصة للنهوض بالوطن.. رأيناها فرصة لإتاحة المجال لكل موهوب وليس إتاحة المجال لمن يقرب هذا وذاك!
أوقن أن كل البلاد بها محسوبية وجانب كبير من المجاملات، لكني كذلك أرى بلادًا نهضت بسواعد أبنائها المخلصين الموهوبين المتميزين.
باختصار يناير كانت حلما جميلا لم نتمكن من المحافظة عليه ولم نستطع المحافظة على نقائنا من بعده.
عزيزي عمر خورشيد
ما زال معرض القاهرة الدولي للكتاب قائمًا بفعالياته الثقافية.. شهد إقبالا لا بأس به قياسا بالأعوام الماضية. رغم حرص الجمهور على زيارته في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، ظاهرة إيجابية خاصة في ظل ارتفاع أسعار الكتب الجنوني!
لم تغفل الدولة هذا الأمر، كرست جهودها من خلال الأجنحة المتعددة التابعة لوزارة الثقافة المصرية وكافة هيئاتها.
إدراكا منها لأهمية دور ووجود الكتاب الورقي وسحره.
لا يزال الكتاب الورقي يتربع على عرش قلوب القراء ورعاة الثقافة في مصر.
رائحة الكتب لا تقدر بثمن، ناهيك عن محتوى كل كتاب ..!
سيظل الكتاب الورقي أغلى وأقيم هدية يتبادلها الأشخاص.
أدعو الجميع لزيارة المعرض وتنظيم رحلات عائلية تكون وجهتها هو.
اصنعوا ذكريات قيمة مع أبنائكم.. ازرعوا فيهم حب الكتب لا سيما الكتاب الورقي.. اجعلوهم يعتادوا زيارة المعرض كل عام حتى يظل في ذاكرة كل جيل كما فعل أباؤنا معنا.
انقذوا الكتاب الورقي من الاندثار، في ظل انتشار وسائل القراءة الحديثة المتنوعة- التي ستسحب البساط من تحت أقدام صناع الكتاب والكتاب الورقي.!
هذا الساحر الذي يحوي بين ضفتيه العديد والعديد من الأحلام والقيم والمتعة.
الكتاب الورقي له رونق خاص يكفي أن احتضانه اطمئنان ورائحته تصطحبنا في رحلة مع الذكريات...!
لا تدعوه يصبح ذكرى يدق في عالم النسيان..!
عزيزي عمر خورشيد
حاولت أن أنصت إلى ألحان أخرى لك علها تنسيني تعلقي بلحنك الملحمي الذي أحب لم أتمكن..
لم أستطع أن أستمع إليه بروحي كلحن رصاصتك الذي أعشق..
أيقنت أن لحن رصاصتك التي لا تزال في جيبك، كان رصاصة واحدة صوبتها لقلوبنا جميعا فاستقرت ولم تغادر قلوبنا إلى الآن وأظنها لن تغادر للأبد..
عزيزي عمر خورشيد
كن بخير لأكتب لك مجددا.