«هوامش العميد».. جديد الناقد والأكاديمى أيمن بكر عن الهيئة العامة للكتاب
صدر حديثا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب "هوامش العميد.. ملامح التجربة المعرفية عند طه حسين" للناقد والأكاديمي الدكتور أيمن بكر.
وقال بكر في مقدمته للكتاب:
ما أصعب الكتابة عن شخصٍ/عَلَامةٍ، من أكثر وجوه الثقافة المصرية والعربية إثارة للجدل في أثناء حياته وبعد انتهائها مثل طه حسين؛ أستاذ أساتذتي الذي طالما نظرت نحوه بتهيبٍ وإجلال، ورغبة لا تنقضي في الفهم. كان التحدي المنطقي، قبل أن أبدأ العمل على هذا الكتاب، هو: ما الجديد الذي يمكن تقديمه عن العميد؟ وهل تكفي الرغبة في درسه والاحتفاء به لإنتاج معرفة حقيقية مختلفة تستحق وقت القارئ، أم ستتحول الكتابة إلى تسويدٍ باردٍ للصفحات بـأفكارٍ نيئةٍ أو مكرورةٍ؟ كدت أن أتراجع عن المشروع، حتى ظهر السؤال الذي منحني بعض الأمل: لماذا لا أختبر هوامش العميد لعلها تجود بما لا نتوقع؟.
تلك الهوامش المتمثلة في مقدمات الكتب وخواتيمها، والمقالات الصحفية القصيرة، والمقابلات، وإهداءات الكتب، وما كتبه حسين بالفرنسية، أي تلك الكتابات التي ينظر إليها عادة بوصفها حاشيةٌ على متنٍ، أو بوصفها، في أحسن الأحوال، مداخل يمكن المرور فوقها سريعا، باتجاه المنتج الأولى بالعناية؛ أي باتجاه أفكار شكلت أدبيات طه حسين التقليدية، التي دار حولها التقييم سلبا وإيجابا، أو تناولها التحليل الهادئ الراغب في الفهم وهو الأبقى.
تتبعت الفكرة، وقضيت وقتا طويلا أقرأ تلك الهوامش، بلا هادٍ من افتراض بحثي، أو فكرة جامعة يمكنها أن تمثل خيط اتصالٍ يسمح بإقامة بحثٍ، إلى أن لاحظت أن ملامح التجربة المعرفية لطه حسين تنتثر في تلك الكتابات التي أسميها الهوامش، بأكثر مما تظهر في متون كتبه. وأقصد بالتجربة المعرفية اختصارا؛ تلك القواعد التي تحكم توجه حسين نحو المعرفة؛ أي أسس تعامله معها، وطرائق تكون المعرفة وإنتاجها، ومدى تفاعلها داخل عقله، ومدى الشغف الذي يتصف به التوجه نحو اكتساب المعرفة، بما ينعكس كله على مواقف حسين وآرائه واختياراته المنهجية، وأخيرا مدى وعي العميد بتلك التجربة.
يتكون الكتاب بعد هذه المقدمة من أربعة فصول؛ يستجلي أولها، كما أشرت، مفهوم التجربة المعرفية، ويحاول بسط ملامحها عن طريق تحليل مقدمة طه حسين لكتاب "مع المتنبي" وخاتمته لهذا الكتاب.
ويتناول ثاني الفصول الجانب الشفوي الذي ميز عقلية طه حسين؛ بأثر من فقده البصر وتعليمه الأزهري، ما جعله يحتفظ بشخصية شيخ العامود في أدائه العقلي وأسلوب كتابته جميعا.
الفصل الثالث من الكتاب يناقش مقدمة "مستقبل الثقافة في مصر" في محاولة لتوسيع أفق الرؤية، ليجاوز الموضوع الذي تمت محاصرة الكتاب فيه وهو التعليم.
وأخيرا يركز الفصل الرابع على ما أسميته شذرات العميد؛ أي تلك الأفكار والمواقف التي تناثرت في كتابات طه حسين ولم تلق تحليلا وافيا؛ من مثل موقفه من تعلم اللغات الأجنبية والترجمة عنها، وكذلك يتعرض الفصل بالتحليل لمنطق الخصومة بين حسين والعقاد، ما يكشف عن جانب مهم في تجربة حسين المعرفية.