الناقة
عارف إنت الجمل، سفينة الصحراء، أبوسنام دا اللي بيركبوه في الهرم والأماكن السياحية وخلافه، أهو الجمل دا واخد مساحة في الثقافة العربية ما خدهاش غيره حيوان أو إنسان أو جان.
الجمل كان أكتر حاجة موجودة ومفيدة وضرورية، يتاكل، يتشرب لبنه، لا مؤاخذة يتركب، تسافر بيه، تقاتل عليه، تستخدم وبره، وهو بيستحمل ويستهلك مية أقل من غيره كتير، وصبور على صاحبه، ومش محتاج ترويض، هو أساسا أليف جاهز، حاجة في منتهى المنتهى.
تعبيرات كتير جاية من الجمل، يعني مش هاكلمك عن الأمثال المباشرة زي "صبر الإبل"، أو "فلان جمل حمول" وغيرهما، إنما ميت حاجة مش ممكن تتخيل علاقتها بالحيوان الحبوب دا، إنما هي متاخدة منه.
عندك مثلا: عشوائي، وعشوائيات، وعشوائية، كل دا جي من "العشواء"، العشواء حضرتك هي الناقة اللي عندها عشى ليلي، اللي هو مرض أو عيب في العين يخلي النظر ضعيف، خصوصا في الليل. في اللغة العربية بنستخدم وزن أفعل للمواصفات الجسدية ميزات كانت أو عيوب، خصوصا العيوب:
أعرج، أعمى، أبكم، أعسر، أهتم، أكتع، .... إلخ إلخ، فاللي عنده عشى ليلي هو "أعشى"، وكان فيه شاعر عربي مشهور نظره شيش بيش، فكان لقبه الأعشى، واسمه الأصلي اتنسى.
المؤنث بتاع كل الصفات دي على وزن فعلاء: عرجاء، عمياء، بكماء، عسراء، .... إلخ إلخ، فلأعشى حضرتك مؤنثه عشواء، فالست اللي نظرها شيش بيش هي عشواء. لكن من بين كل الإناث اهتم العرب بالناقة العشواء، لأنها لو اتسابت بالليل ترعى مع نفسها كدا، هترجع بعد ما تهد لها خيمتين تلاتة.
لذلك، العرب عبروا عن الحاجة اللي مالهاش منطق أو نظام، بأنه "خبط عشواء"، ولسه لحد دلوقتي ناس بتقولها كدا: "خبط عشواء"، لكن في الأغلب وقعت كلمة خبط، وبقت عشواء كدا بس، ثم نسبنا لها: عشوائي، عشوائيا… إلخ إلخ.
البخت، اللي هو الحظ، كلمة أساسا مش عربية، مالهاش جذر عربي، ولا فعل، ولا أي تصريفات، إنما هي دخلت اللغة العربية من زمان أوي، قبل الإسلام نفسه، عن طريق الفرس، لأن البخت هو نوع معين من الجمال، جي من فارس، وكان يتميز عن بقية الجمال بأنه أبيض وشكله حلو، فبقى البخت = الحظ، والشخص البخيت أو المبخوت = المحظوظ.
الشخص اللي بيتحرك من غير حساب، ويتصرف من غير عقلانية، هو شخص أهوج، وزي ما شفنا إن أفعل مؤنثه فعلاء، فالأهوج مذكر هوجاء، والهوجاء هي الناقة شديدة النشاط، اللي بتبقى السيطرة عليها صعبة، ومش بتمشي بعقل زي بقية القافلة.
الفحولة، اللي هي الذكورة، جاية من الفحل، والفحل هو الجمل الذكر اللي بيبقى مخصص لتخصيب النوق، فبقت بعدين صفة للراجل اللي بيتميز بوفرة الذكورة، والفحولة بقت مرادفة للذكورة.
بمناسبة مرادف، المرادف هو الشخص اللي بيركب ورا شخص تاني على الجمل، وبيتقال عليه مرادف، ورديف، فبقت بمعنى الملازم أو اللي بييجي وراه، فلو فيه كلمة معناها شبه كلمة تانية بتبقى مرادف ليها، ومن كل دا جيه الردف اللي هو ....
إحم إحم
بدأنا ندخل في مراحل حرجة شوية
فنكتفي بهذا القدر