الطب التقليدى ينتشر بصورة متزايدة فى الصين لمواجهة كوفيد-19
صينيون كثر يرفضون تلقي أدوية مركبة كيميائيًا أو يرغبون في تناول مكملات غذائية، ويلجأون إلى الطب التقليدي لمواجهة الموجة الراهنة من كوفيد-19 في الصين، فيستخدمون كبسولات الأعشاب أو المشروبات الساخنة العشبية أو تقنيات كالوخز بالإبر.
ويروّج الرئيس شي جينبينغ باستمرار للطب الصيني التقليدي، فيما تثني السلطات على دوره في مواجهة كورونا، في حين لا يزال الطب الحديث إلى حد كبير الطريقة المفضلة لتلقي الرعاية الصحية في الصين.
ويشتمل الطب التقليدي على ممارسات مختلفة يتم اللجوء إليها منذ آلاف السنين، بينها تناول أدوية عشبية ومعادن ومستخلصات حيوانية، بالإضافة إلى تقنيات بينها التدليك والوخز بالإبر وحركات تاي تشي.
ويعتبر منتقدو هذا الطب، وهم كثيرون في الصين، أنّه علم زائف وغير فعّال، مؤكدين وجود دراسات علمية محدودة تثبت فعاليته المحتملة.
إلا أنّ ملايين الأشخاص يعتمدونه في الصين، ويشيدون بعدم تسجيله آثارًا جانبية كالتي يعاني منها المريض بعد تناول الأدوية التقليدية المسمّاة "غربية" (تعب أو اضطرابات في الجهاز الهضمي أو في الغدد الصماء).
وبعدما أصيب يو لي (38 عامًا)، وهو موظف في شركة استشارية في بكين، بالحمى خلال فترة إصابته بكوفيد-19، حضّر مشروبًا ساخنًا يُعرف بخصائصه كمضاد للالتهاب ويحتوي على القرفة الصينية وجذور الفاوانيا وعرق السوس والعناب والزنجبيل.
ويقول لوكالة فرانس برس "انخفضت درجة حرارة جسمي خلال الليل بعدما تناولت المشروب".
أما المدافعون عن الطب التقليدي، فيؤكدون أنّ الأدوية الصينية تعمل بشكل أبطأ لتنظيم درجة حرارة الجسم وإخراج مسببات الأمراض عن طريق العرق أو البول أو البراز.
ويقول يو لي "غالبًا ما يلجأ أفراد أسرتي إلى الطب الصيني التقليدي. نحن نفضله على الأدوية الغربية التي تعالج الأعراض ونادرًا ما تعالج مصدر المشكلة".
وعادة ما تكون "الأدوية الصينية" عبارة عن مستخلصات مغلية يشربها المرضى استنادًا إلى وصفة من طبيب متخصص، إلا أنّ عددًا كبيرًا من الصينيين أصبحوا يشترون من الصيدليات عقاقير من دون حيازة وصفة طبية وتأتي بأشكال مماثلة لتلك الغربية (كبسولات، حبوب، مساحيق).
ويقول الأستاذ في علم الأوبئة لدى كلية الصحة العامة التابعة لجامعة هونغ كونغ بن كاولينغ "لا نُدرك ما إذا كانت هذه العلاجات فعّالة لأنها لم تخضع لتجارب سريرية"، مضيفًا "لا أستبعد احتمال أن يحمل بعضها فعالية، لكننّي لا أستبعد أيضًا احتمال أن يكون بعضها ضارًا".
وتوصي منظمة الصحة العالمية فقط بالعلاجات القائمة على العقاقير الكيميائية لمواجهة كوفيد-19.
في حديث إلى وكالة فرانس برس عن الطب الصيني التقليدي، أوصت المنظمة بصورة مقتضبة الدول بـ"جمع إثباتات وبيانات موثوق بها في شأن الممارسات والمنتجات الخاصة بالطب التقليدي".
ولا يزال الطب الغربي مفضلًا إلى حد كبير من السكان والمستشفيات في الصين.
إلا أنّ السلطات الصحية وخبراء طبيين يظهرون في وسائل الإعلام، يؤكدون باستمرار أنّ الطب التقليدي وذلك الغربي يمكنهما أن يلعبا "دورًا تكميليًا" لمعالجة الحمى وآلام المفاصل والسعال والتهاب الحلق.
ويتشارك عدد كبير من الصينيين الذين يتولون معالجة أنفسهم، عبر مواقع التواصل، علاجات لجأوا إليها كالحقن أو التدليك أو الوخز بالإبر.
ويخز لي وين (68 عامًا)، وهو اختصاصي في تقنية الوخز بالإبر، نفسه ببعض الإبر لمواجهة الإنفلونزا التي أُصيب بها.
ويرى أنّ "الأدوية الصينية مفيدة في التعامل مع الفيروس، إلا أنها عاجزة عن التخلص منه".
وتتناول داني (39 عامًا) المتحدرة من بكين مشروبًا يحوي مستخلصات نباتية لمعالجة السعال.
وتقول "لا أتناول هذا المشروب لأنني لا أجد الأدوية الغربية" التي يعاني الصينيون أحيانًا للعثور عليها في الصيدليات منذ الارتفاع الكبير في حالات كورونا، بل "لأنها فعّالة ومهدئة".
وتضيف "أحضّر حساء من الإجاص والماء الساخن بالليمون لتسكين آلام الحلق وللحصول على فيتامين سي أيضًا".
أما كاي يونغماو (70 عامًا)، فيتناول عقارين صينيين يتمتعان بخصائص مضادة للالتهابات.
ويقول "أحضّر مرق الكراث والثوم والزنجبيل لتسكين آلام الحلق".
ويتابع "أستخدم النباتات منذ عقود لمعالجة نزلات البرد والسعال وأمراض الجهاز التنفسي. استمررت في ذلك لأنني راضٍ عن النتائج وغالبًا ما تثني وسائل الإعلام على فوائدها".
إلا أنّ صينيين كثر يظهرون عدم اقتناع بالوصفات التقليدية.
وتقول غرايس هسيا (30 عامًا) "نحن الشباب لا نعرف سوى القليل عن الطب التقليدي، ونفضّل الأدوية الغربية لأن نتائجها سريعة".
وتقول لي نا (36 عامًا) من جانبها "تناولت الباراسيتامول لمعالجة الحمى وكانت فعاليته سريعة جدًا"، معتبرةً أنّ "الأدوية الصينية غير فعّالة، ومَن يلجأ إليها يتناولها بكميات كبيرة لطمأنة نفسه وإقناعها بأنه تناول علاجًا ما".
ويرى لان جيروي، وهو طبيب متخصص في الطب الصيني ببكين، أنّ الشكوك المحيطة بفعالية هذه العلاجات تعود أساسًا إلى التطبيب الذاتي، مضيفًا "هو نفس منطق الطب الغربي: ففي حال اشترى الشخص الدواء استنادًا إلى وصفة طبية سيكون هذا العقار فعّالًا على الأرجح، أما إذا اشتراه المريض بصورة عشوائية من الصيدلية، فربما لن يحمل أي فعالية".