مبادرة المسرح المدرسى ضرورة تربوية لا رفاهية
سعدنا جميعًا بالإعلان عن مبادرة إحياء المسرح المدرسى وتدشينها عبر العرض المسرحى «تقدر»، الذى قُدم على مسرح دار الأوبرا بمشاركة عدد كبير من النجوم، ونستطيع أن نقول إن المبادرة كانت تتويجًا لمناشدات ومطالبات من المسرحيين على مدى عشرات السنين، وقد شرفت صفحة المسرح بـ«الدستور» بأنها كانت أحد المنابر الهامة التى وجهت تلك الدعوة، وأولت اهتمامًا كبيرًا وخصصت له الصفحة على مدى ثلاثة أسابيع للفت النظر لأهمية ودور مسرح الطفل والمسرح المدرسى فى تطوير الوعى والمهارات الإبداعية لدى الأطفال.
وقد نشرت حينها مقالًا بذات العنوان تقريبًا «المسرح المدرسى ضرورة تربوية لا رفاهية»، حيث المسرح على وجه الخصوص أحد أهم استراتيجيات التعليم والتعلم، كما أن دوره التربوى فى التنشئة وتعديل السلوك يفوق دوره التعليمى، حيث نستطيع عبره إكساب الطفل العديد من القيم. والتلازم هنا بين التثقيف والمتعة هو نقطة جوهرية جدًا حيث إن عناصر الجذب والإمتاع السلبية التى تحيط بأطفالنا عبر الواقع الافتراضى والفعلى كثيرة وأخطارها داهمة، وعلينا أن نعمل على طرح بدائل موازية وجاذبة.
لذا نرجو من القائمين على تلك المبادرة الانتباه إلى أهمية الاستعانة بأدوات الدراما الابتكارية فى بناء هذا المسرح والبُعد عن الأشكال التقليدية التى لم تعد تناسب طفل هذا العصر، فالدراما الابتكارية هى التى يقوم بها الطالب بذاته «تمثيل- ارتجال- تصميم حركة ومناظر وملابس» دونما نص مكتوب مسبقًا وبمساعدة مدرس محفز أو منشط لعملية الإبداع، حيث تكون الدراما «كلعبة» هى أحد أهم الفنون التى عن طريق ممارستها ينمو الأطفال وينضجون، وتنمو قدراتهم على الابتكار، سواء كان الابتكار ابتكارًا خالصًا «حين يرتجل الطفل قصة أو مشهدًا أو صورة» أو ابتكارًا مما هو قديم «كإعادة الحكى أو تقديم حكاية رواها لهم المدرس»، وكما يقول أ.ف النجتون فى كتابه «الدراما والتعليم»: «إن اللعب أساسى للإنسان، والأطفال ينمون ويتعلمون عن طريق اللعب».
ولكى تكتمل الرسالة نضع بين يدى القائمين على المبادرة عددًا من المشاريع الجادة التى حاولت إحياء وتفعيل المسرح المدرسى بجدية وبميزانيات واسترتيجيات بسيطة، لن تكون عبئًا على ميزانية الشركاء فى المبادرة، فقد عمل عدد من الفنانين على مشاريع معنية بدمج الفنون فى العملية التعليمية: مشروع مسرح الجرن للمخرج الكبير أحمد إسماعيل، ومشروع المسرح فى الفصل للمخرج طارق سعيد، ومشروع مسرح الحقيبة للمخرج محمد فوزى، وشرفت كذلك بتقديم ورقة عمل عن الدراما الابتكارية وكيفية توظيفها كأداة تعليمية وتربوية.
جميع تلك المشاريع تقدم حلولًا مبتكرة وجادة ولديها من المرونة ما يجعلها قابلة للممارسة والتفعيل خارج الفضاءات المسرحية. فلماذا لا نستعين بهم لإحياء المسرح المدرسى انطلاقًا من رؤية تتطلع لبناء وتنشئة جيل إيجابى قادر على الإسهام فى تنمية ذاته ومجتمعه ووطنه «طفل واعٍ - قادر - منتمٍ»؟.