خواجة
لحد بداية القرن العشرين مكنش المصريين يعرفوا حاجة اسمها "مصري" ولا "عربي".
معرفش بالظبط الكلام دا بدأ إمتى، لكن اللي أعرفه كويس، إنه لو المقصود بـ"مصري" إنه عنده الجنسية المصرية، ففكرة الجنسية نفسها مكنتش موجودة، ولو المقصود الهوية والثقافة، فكان محسوم إنه مفيش حاجة اسمها الهوية المصرية.
الهوية كانت بتبقى على أساس طبقي أو ديني أو قبلي، ولو طبقي ديني قبلي يبقى عنب العنب، زي الوضع في كتير من قبائل الصعيد الكبيرة، مالك الأراضي المسلم الهواري مثلا، والنصارى اللي بيشتغلوا في الحساب أو مستخدمين، فهم زي موظفين، وطبعه مش هوارة.
بالتالي، مثلا واحد زي سليم تقلا، اللي هو أسس جريدة الأهرام، محدش كان بيفكر هو مصري ولا لأ، كان بينصهر في المجتمع، لكن يفضل إنه رجل أعمال، ويفضل إنه مسيحي، فرجل الأعمال المسيحي دا تصنيف، يتساوى مع جروبي، يتساوى مع أي رجل أعمال مسيحي مصري كان ولا شامي ولا أوروبي.
الكلام عن "مصري" و"مش مصري" بدأ على استحياء في القرن الـ19، في أواخره تحديدا، وفضل يتصاعد لحد ما وصل الذروة سنة 1919، وفضل لحد 1956 موضوع مصر والمصري والمصريين هو القضية الأبرز عند المثقفين، لحد ما دخلت العروبة على الخط 1958 مع الوحدة، أو ما يسمى الوحدة.
فيه كلمة تركية، دخلت مع العثمانلي، هي كلمة "خاجة" نطقها زي "حاجة"، بس خاء بدل الحاء، الكلمة دي المصريين هيحرفوها ويقيفوها تقييفين غير بعض.
الأول الكلمة معناها "السيد المحترم"، بس اللطيف إنها هناك في تركيا هتبقى خاصة بالخصيان اللي بيعلموا ولاد الأكابر، وفي سلسلة "مسرح العبث"، هنشرح أكتر دول الأغوات دول، إنما في مصر الكلمة خدت مسارين تانيين خالص.
الأول هي كلمة "خوجة"، وبقت بتتقال للمدرس النظامي الميري الرسمي، يعني مدرس في مدرسة حكومية، مش مدرس خاص في البيت، يعني مش "المعلم" في المطلق، إنما المعلم المعين من قبل الدولة.
المسار التاني هي كلمة "خواجة"، اللي هتفضل تتقلب، لحد ما تبقى بتوصف الشخص "المسيحي الأجنبي رجل الأعمال"، بعدين تتطور تتطور لحد ما تبقى بمعنى الأجنبي، لكنها مش لكل الأجانب، يعني لو واحد إندونيسي مثلا مش خواجة، بقت مرتبطة أكتر بالأجنبي اللي جاي من الشمال، المستعمر المحتل.
الشحنة الدلالية للكلمة دي فيها مشاعر متناقضة، بين إحساس بتفوق الخواجة دي، والدونية تجاهه، لكن في الوقت نفسه الشكاية منه باعتباره ظالم مستبد مغتصب، يمكن دا يفسر تعبير "عقدة الخواجة"، اللي هو شعور بغيض مش مريح، لكنك مش قادر تتخلص منه.
الغريب إنه في بعض البلاد، خصوصا في الصعيد، الكلمة خدت منحى تاني خالص، وبقت بتتقال للمسيحيين في العموم، يعني في بلدنا «بني محمد – أسيوط» كان الشخص المسيحي نقول عليه خواجة، مع إن الاستخدام دا مكنش مستخدم في مدينة أسيوط نفسها، وكانوا يستغربوه.
إيه علاقة الخواجة بالمسيحي؟
آه
علشان هناك مفيش أجانب، فبقت تتقال لـ"الموظفين"، اللي كان أغلبهم مسيحيين بيشتغلوا في الأمور الحسابية.
يا دين النبي ع اللفة!
آه يا عم
لغة يا عم، لغة
إنت لسه شفت حاجة