مواطنان درجة ثانية.. لماذا يهاجم الاتحاد الفرنسي بنزيما وزيدان؟
مازالت أزمات المنتخب الفرنسي تلقي بظلالها على الأحداث الرياضية، منذ انتهاء بطولة كأس العالم، قطر 2022، والتي احتل فيها المنتخب الفرنسي مركز الوصيف، خلف المنتخب الأرجنتيني.
أزمة جديدة لاحت في الأفق بعد تصريحات نويل لو جرايت، رئيس الاتحاد الفرنسي لكرة القدم، عن زين الدين زيدان، المدير الفني السابق لريال مدريد.
لو جرايت قال لـ«راديو مونت كارلو»:" أعرف جيدًا أن زيدان كان دائمًا موجودًا، ولا يجب أن نصنع قصة. كان لديه الكثير من المؤيدين لأن يتولى تدريب فرنسا، وكان بعضهم ينتظر ديشامب يغادر للضغط من أجل استقدام زيدان، ولكن حقًا.. من يستطيع أن يلوم ديشامب؟"، طالع تصريحاته كاملة من هنا.
أميلي أوديا كاستيرا، وزيرة الرياضة الفرنسي، انتقدت لو جرايت قائلة: "تصريحات خارج السياق مرة أخرى، مع إضافة تضمنت عدم الاحترام المخزي الذي يسيء إلينا جميعا، و لأسطورة كرة القدم والرياضة".
وأضافت عبر حسابها على منصة “تويتر”: "لا ينبغي لرئيس اتحاد رياضي في فرنسا أن يقول ذلك.. الاعتذار عن هذه الكلمات الكبيرة تجاه زيدان من فضلك".
لماذا يتعرض بنزيما وزيدان لهذا الهجوم؟ وهل أخطأ بنزيما في حق ديشامب؟ «الدستور» يأخذكم في تسلسل زمني لأزمات المنتخب الفرنسي منذ انطلاق كأس العالم، وحتى تصريحات لو جرانت الهجومية ضد زيدان.
أزمة بنزيما والصيد في الماء العكِر
قبل يوم من انطلاق بطولة كأس العالم، قطر 2022، شعر كريم بنزيما بآلام في عضلات الفخذ بمران الفريق، وذهب لعيادة أسبيتار في الدوحة رفقة فراك لي جال، طبيب المنتخب، للخضوع للفحوصات الطبية، ليعلن بشكل رسمي في اليوم التالي استبعاده من قائمة المنتخب للمونديال.
وبعد تحقيق المنتخب الفرنسي الفوز في أول مباراتين ضد أستراليا والدنمارك، بدأ الهجوم غير المبرر من الصحافة الفرنسية على بنزيما، إذ أشارت صحيفة ليكيب إلى أن المنتخب يلعب بشكل أفضل بدون بنزيما، وأن غيابه عن المعسكر كان أحد الأسباب التي ساعدت الفريق على الانتصار، بالإضافة إلى ظهور أفضل نسخة من جريزمان وجيرو في غيابه وإزالة الضغوط عن غرفة خلع الملابس.
مما ظهر فيما بعد كأنها ضربة استباقية من الاتحاد الفرنسي لبنزيما، قبل أن يتم الكشف عن كواليس ما دار داخل المعسكر.
طوال مشاركة المنتخب الفرنسي في المونديال، تكرر سؤال لديشامب عن احتمالية استدعاء بنزيما مرة أخرى، وكانت إجاباته باردة، لدرجة إنه قال في مؤتمر مباراة تونس، إن الأمر لا يشغل ذهنه وأنه أبلغ بنزيما بكل شيء، طالع تصريحاته كاملة من هنا.
13 ديسمبر، صحيفة ماركا أكدت أن بنزيما كان في حالة ممتازة يوم 29 نوفمبر، وهو نفس اليوم الذي استبعد فيه ديدييه ديشامب، المدير الفني لمنتخب فرنسا، بشكل قاطع عودته إلى قطر، وكان جاهزًا للمشاركة بعد خوضه تدريبات بلا قيدو في الفالديبياس، مقر تدريبات ريال مدريد.
يوم 15 ديسمبر، شارك كريم بنزيما في مباراة ريال مدريد الودية أمام فريق ليجانيس، ولعب لمدة 30 دقيقة.
وذكر راديو مونت كارلو الفرنسي بتاريخ 17 ديسمبر، إن بنزيما رفض دعوة من رئيس الاتحاد الفرنسي لحضور المباراة النهائية لكأس العالم، وأرجعت ذلك لتوتر العلاقة بينه وبين ديشامب.
كريم بنزيما أعلن اعتزاله اللعب دوليًا في 19 ديسمبر الماضي لينهي رحلته مع المنتخب الفرنسي.
ثم في 21 ديسمبر، كشفت صحيفة آس الإسبانية عن تفاصيل خروج بنزيما من معسكر فرنسا، والتي جاءت كالآتي:
- في البداية اللاعب تعرض للإصابة وذهب للعيادة الطبية مع طبيب المنتخب للخضوع للفحوصات.
- ثم بعد خضوعه للفحوصات الطبية تأكد وجود إصابة في الفخذ الأيسر ولكنها لن تحتاج وقت طويل للشفاء، وأبلغ بنزيما الجهاز الطبي لريال مدريد.
- بنزيما كان يعلم ان إصابته لن تستغرق أكثر من 10 أيام، وقد يكون جاهزًا لمباراة دور الـ16، وكان يريد الاستمرار في المعسكر،
- فوجيء بنزيما بطبيب المنتخب ومعه ديشامب في غرفته والأول يطلب منه الخروج من المعسكر.
- خرج بنزيما من المعسكر بالفعل دون الحديث مع ديشامب -الذي كان صامتًا في تلك الليلة- ولكن الطبيب أخبره فيما بعد أن ديشامب هو من طلب منه إبلاغ بنزيما بذلك، لإفساح مجال لمشاركة جيرو أساسيًا.
25 ديسمبر، قالت صحيفة لو باريزيان، إن جاي ستيفان، مساعد ديدييه ديشامب، المدير الفني لفرنسا، كتب في مفكرته الخاصة: "لسوء الحظ تعرض بنزيما لإصابة عضلية وسيغادرنا في وقت مبكر إلى مدريد".
وأضاف: "نشعر بالأسف من أجله، لأن كأس العالم كانت هدفه، إنها ضربة قوية لمنتخب فرنسا، وذلك بالنظر إلى إمكانياته ولكن ليس لدينا خيار آخر، يجب أن نتعامل بإيجابية حتى لا نفشل".
ليخرج كريم الجزيري، المستشار المقرب لبنزيما، ويعلق: " بعد أسبوع من رحيله عن المنتخب استأنف بنزيما التدريبات لمدة 4 أيام، ولعب 30 دقيقة في مباراة ودية مع ريال مدريد".
وأضاف: "ولكن بالنسبة لستيفان لم يستطع المشاركة في البطولة، لكنه استمر في الكذب والحقيقة قادمة، يجب نشر سجل الطبيب لو جال، عدم الانتظار لمدة يومين أو 3 للتأكد من التشخيص هو سلوك ليس مهني أو أسوأ من جانبه".
وذكرت شبكة ريليفو الإسبانية في تقرير نشرته يوم 26 ديسمبر أن بنزيما سجل نفسه كمواطن مدريدي في بلدية مدريد، واشترى منزلًا في وسط العاصمة، في إشارة إلى احتمالية عدم عودته لفرنسا مرة أخرى.
وفي الـ27 من ديسمبر، كشف كريم جزيري، عن تقرير طبي يؤكد أن بنزيما كان بإمكانه المشاركة من الدور ربع النهائي.
ونشر جزائري فيديو لتشخيص حالة اللاعب، وعلق: "سأضع هذا هنا، ولكن قبل ذلك استشرت 3 متخصصين، وأكدوا لي أن بنزيما كان من الممكن أن يكون لائقًا من ربع النهائي على مقاعد البدلاء على الأقل لماذا طلبت منه المغادرة بهذه السرعة".
ثم هاجم جزيري الصحافة الفرنسية قائلًا: "الصحافة الفرنسية عندما تعلق على قصة بنزيما يصبح الأمر مزدحمًا ولكن عندما يتعلق بالتعامل مع المعلومات الحقيقية فلا أحد؟ هل من الصعب العثور على طبيب أشعة في فرنسا؟ أصعب من بيع الأكاذيب على مايبدو".
أزمة كريم بنزيما مع المنتخب الفرنسي قد يبدو أنها انتهت باعتزال اللاعب دوليًا، ولكن بنزيما كان يأمل في فصل جديد في مسيرته الدولية بأمم أوروبا 2024، في ظل الحديث عن اقتراب زيدان من تولي تدريب الديوك.
زين الدين زيدان.. مواطن درجة ثانية
التقارير الصحفية منذ مطلع العام الماضي أكدت وجود رغبة متبادلة بين زيدان من ناحية، والاتحاد الفرنسي لكرة القدم من ناحية أخرى، لإسناد مهمة تدريب المنتخب الفرنسي للمدرب ذي الأصول العربية.
زين الدين زيدان، فرنسي من أصول جزائرية ولد في مدينة مارسيليا الفرنسية، ونجح في قيادة منتخب بلاده للتتويج بكأس العالم للمرة الأولى في تاريخهم، بالإضافة إلى التأهل لنهائي مونديال 2006، وقبله نهائي أمم أوروبا 2000 والفوز باللقب على حساب إيطاليا، بالإضافة إلى العديد من الألقاب رفقة نادي ريال مدريد الإسباني، والذي أنهى مسيرته الكروية بقميصه.
وبعد تمديد عقد ديشامب، خرج نويل لو جرايت ليهاجم زيدان قائلًا إنه لا يهتم إذا كان سيدرب المنتخب البرازيلي أو أي فريق آخر، وشدد أنه لم يكن ليجيب على زيدان إذا اتصل به من قبل.
فى بيان رسمى.. ريال مدريد يرد على تصريحات رئيس الاتحاد الفرنسى بشأن زيدان
وكذلك دافع كيليان مبابي، مهاجم المنتخب الفرنسي، عن زين الدين زيدان في تغريدة عبر حسابه الشخصي على “تويتر”: "زيدان هو فرنسا، وليست هذه طريقة احترام الأساطير".
أزمة زيدان مع الاتحاد الفرنسي قد يكون لها أبعاد سياسية، إذ أن إيمانويل ماكرون، الرئيس الفرنسي، طلب استمرار ديشامب في منصبه، وأكد ذلك في تصريحاته عقب المباراة.
ولكن الأمر قد يبدو أكبر من ذلك، خاصة أن زيدان وبنزيما كلاهما يشتركان في الأصول العربية الجزائرية، وهو ما قد يعيد للأذهان الاتهامات العنصرية ضد المهاجرين العرب في فرنسا، وماعانوه خلال السنوات الماضية من هجوم عنصري وصل إلى الاعتداءات الجسدية.
وأحد الأدلة على العنصرية الموجودة لدى الجماهير الفرنسية والتي يبدو أنها طالت المسئولين عن اللعبة أيضًا، هو الهجوم على كنجسلي كومان، وأوريلين تشواميني، لاعبي المنتخب من الأصول الإفريقية، بعد إهدارهما ركلتي ترجيح في المباراة النهائية ضد الأرجنتين وصلت إلى المطالبة بترحيل كومان إلى إفريقيا، في احتقار لأصوله الإفريقية وبشرته السمراء.
اعتذار لو جرايت.. ضغوطات سياسية لإنقاذ الموقف
خرج نويل لو جرايت، اليوم، واعتذر عن التصريحات التي خرج بها بالأمس ليشير إلى أن تفوه ببعض الكلمات الخرقاء “على حد وصفه” ومشيرًا إلى أن زيدان وديشامب كلاهما من عظماء الكرة الفرنسية.
تصريحات جرايت جاءت بعد الهجوم الشرس الذي تعرض له منذ خروج تصريحاته بالأمس، والذي وصل إلى مطالبة وزيرة الرياضة الفرنسية له بالاعتذار عما بدر منه ضد زيدان، لكن بالنظر لما قاله لو جرانت أمس، وما دار حول أزمة بنزيما، فإن الأمور تتضح شيئًا فشيئًا أن المسئولين عن الكرة الفرنسية لا يريدون تألق المزيد من المهاجرين وخصوصًا العرب، رغم أن النجم الأول للمنتخب الفرنسي هو كيليان مبابي، لأب كاميروني وأم جزائرية.