وِش المنطق
داخل الإنسان، بـ تتكون مشاعر تجاه اللي بـ يحصل (على الأدق: مشاعر تجاه ما يدركه من اللي بـ يحصل) ثم إنه المشاعر دي بعد ما تترستق، وتساهم في تغيير كيميا جسده بـ ما يناسبها، ييجي العقل يروح مدي المشاعر دي "وش منطق"، يعني يتولى وضعها في سياقينطلق من مقدمات ويصل لـ نتايج من خلال استدلالات.
"وش المنطق" دا اللي العقل بـ يديه لـ مشاعرنا أهميته برضه خاصة بـ المشاعر نفسها، لـ إنه بـ يخلينا نحس إنه مشاعرنا دي لها قيمة وأهمية ومعنى وغاية كلية، مش مجرد مشاعر عشوائية تجاه أحداث عشوائية، فـ إنت لما تحس كدا تقبل على ما تفعله مستعدًا لتحمل عواقبه وتبعاته.
طاه، فلاشباك بقى لـ أول الكلام: المشاعر دي بـ تتكون بناءً على إيه؟
مفيش! المشاعر دي هي خلطة مركبة من تلات حاجات مالهمش رابع، الاحتياجات والرغبات والمخاوف، والتلات حاجات ليها دافع واحد نهائي، هو حفظ البقاء لـ أطول فترة ممكنة، بقاء مين؟
هنا التيتة كلها في الموضوع، لـ إنه عندنا بقاء الإنسان الفرد، وعندنا بقاء البشر على الأرض كـ نوع، ودول مش نفس الحاجة، بل إنه أحيانا بـ يتضادوا، وكل ما نمشي في الزمن، التضاد دا بـ يزيدز
خلينا نفكر مثلا في حاجة بسيطة هي الأكل، الأكل ضروري لـ بقاء الإنسان الفرد، وكمان لـ النوع كله، لو مفيش غذاء هـ يموت كل واحد فينا، وهـ يفنى الجنس البشري كله في غضون أيام قليلة، لكن أي أكل؟
آآآآه، فيما مضى من الأزمان، كان الإنسان الفرد بـ يبذل جهد بدني كبير جدا، وكان الأكل مش كتير، فـ كان ضروري إنه ياكل حاجات فيها سعرات حرارية أعلى، زي السكريات والنشويات وهكذا أشياء، فـ بقى الإنسان بـ "يحب" هذه الأطعمة و"يجدها شهية" جدا، ثم إنه الحياة تطورت، لكن التطور ما كانش متكافئ في جوانبه المحتلفة، تطور الوجود الإنساني كـ كلكان أسرع من تطور الإنسان فيزيائيا بـ جسده، فـ الجنس البشري خلق وطور أنماط لـ الحياة، تحمي أفراده من أخطار كتير، وتوفر عليهم جهد كتير (أفراده هنا على المشاع، مش كل واحد على حدة).
دا فعلا تحقق على نحو كبير، وبقت أعداد الناس كتيييييير، وبقى فيه أعمال كتير مش محتاجة جهد بدني عالي، لكن على جانب آخر ما تطورش جسد الإنسان بـ حيث يتغلب على "رغبته الشديدة" في تناول الأكل زي السعرات الحرارية العالية، بل بـ العكس، هو تفنن في رحلة التطور دي إنه يخلق منها أشكال وأنماط وخلطات تزود شهيته تجاهها في الحلويات والمقليات وخلافه.
بت يعمل دا رغم إنها بقت خطر على بقاء كتير من أفراده، لكن الخطر ما وصلش لـ مرحلة تهديد النوع، اللي مش هـ يفرق معاه فقدان بعض أفراده بدري شوية، خصوصا إنه عوض عن دا بـ حفظ أفراد أكتر من طرق أخرى.
التضاد دا خلل، قد ينصلح مستقبلا وقد لا ينصلح، لكن فيه منه أشكال كتير، بـ تخلي الحياة أكثر تعقيدا وتركيبا، وكل ما تتركب الحياة وتتعقد، الإنسان بـ يبقى أكثر احتياجا لـ منطق يحكم أفعاله، فـ تزيد قدرة الإنسان الذهنية على إنه يبلف نفسه، ويضحك على روحه، ويقول لـ نفسه إنه مشاعره منطقية وهي مش كدا خالص.
الحكاية دي هـ توصل فين؟
مش عارف، أصل العملية كلها مالهاش مدير، فـ مفتوحة على كل الاحتمالات
يعني إيه؟
ما يعنيش، ما هو المقال دا كمان مالوش قيمة ولا معنى ولا غاية كلية، فـ فوكك، وقوم شوف كنت بـ تعمل إيه!