«هل ينتهى عصر الإبداع الإنسانى؟».. الذكاء الاصطناعى يُحاكى الروائع الفنية بمهارة
شهد الذكاء الاصطناعي في الأشهر الأخيرة طفرة استرعت انتباه العالم أجمع، لا سيّما المبدعين، إذ أتاحت تطبيقات حديثة للمستخدمين تحميل صورهم مقابل رسوم رمزية لتحويلها إلى نسخة أخرى منهم تنتمي إلى أي عصر يقع اختيارهم عليه.
في مقال نشرته صحيفة "الجارديان" منذ أيام، أثارت الكاتبة قضية مصير الإبداع الإنساني في ظل التطور المذهل لتطبيقات الذكاء الاصطناعي وقدرتها التي باتت غير محدودة على محاكاة الروائع الفنية لكبار الفنانين بسرعة وجودة فائقة ما قد يؤذن بتهديد حقيقي للإبداع الإنساني في المستقبل.
إبداع الذكاء الاصطناعي
أشارت الكاتبة إلى أنه يجرى حاليًا تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي على ملايين القطع من الصور المأخوذة من المحتوى المتاح للجمهور على الإنترنت، فضلًا عن إتاحة تحويل المحتويات النصيّة إلى صور فريدة ومبتكرة؛ إذ بات بمقدور أي شخص إنتاج صور ذات مظهر احترافي مصممة وفقًا لرغباته.
ورغم ما يعد به هذا التطور من إمكانات للكثيرين، فإنه يُشكل تهديدًا حقيقيًا لمن اعتاد كسب عيشه من التصاميم الفنية التي يبتكرها بنفسه.
تجاوز ثغرات الماضي
في وقت سابق، لم يكن لدى المصممين ما يخشونه من الأتمتة، لأنها كانت بعيدة عن الابتكار ولا تمتلك المهارات الخاصة لتصميم فريد لحملة تسويقية مرئية مقنعة لعلامة تجارية فاخرة على سبيل المثال.
كانت الصور الأولى التي أنتجها الذكاء الاصطناعي مليئة بالثغرات التي كشفت عن كونها مصنوعة آليًا. بينما في الوقت الراهن، جرى تجاوز هذه الثغرات، ما استرعى انتباه المبدعين وقلقهم. سواء كانوا فناني جرافيك أو رسامين.
صار الذكاء الاصطناعي مسئولًا عن وظائف إبداعية، فمؤخرًا، استخدم "باليه سان فرانسيسكو" مختبر الأبحاث المستقل "ميدجيرني" لإنشاء الحملة المرئية لباليه "كسارة البندق".
يأتي التهديد الآخر لسبل عيش الفنان من قدرة هذه الأدوات على إنشاء صور بنفس أسلوب فنانين محددين، فالقدرة الخارقة للذكاء الاصطناعي على محاكاة الأساليب الفنية دون حساب بات إشكاليًا وتهديدًا حقيقيًا لكل فنان.
الحلول القانونية
من جهة أخرى، قد لا يسفر لجوء الفنانين للقانون بهدف حماية حقوق الطبع والنشر الخاصة بهم عن نتيجة ملموسة. في الاتحاد الأوروبي، تنازع المحامون على شرعية استخدام الصور بموجب حقوق النشر لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، ونظرًا لأن المملكة المتحدة تسعى لتصبح رائدة في هذا المجال، اقترحت مشروع قانون للسماح بتدريب الذكاء الاصطناعي للأغراض التجارية، لكن ظلت حقوق النشر غير مطبقة نظرًا لصعوبة الحفاظ على حق المؤلف في عمل مرئي.
تطوير حلول
في حين أن هذه القضايا لم تحظ بالاهتمام العام إلا مؤخرًا، فثمة عدد من الفنانين توقعوا ذلك حينما كان المجال في مهده، وعملوا على تطوير الحلول، ومنهم "مات دريهيرست" و"هولي هيرندون" من برلين.
حاول الفنانان تطوير أداة بحث يمكن لأي شخص استخدامها لمعرفة ما إذا كان عمله قد استُخدِم من قبل الذكاء الاصطناعي، كما يحاولان مع غيرهم تطوير أداة تطلب الإذن من الفنان حول كيفية استخدام أسلوبه وعمله بواسطة الذكاء الاصطناعي.
تعزيز القوالب النمطية
تثار قضية أخرى في هذا الصدد تتعلق بنقل الذكاء الاصطناعي للتحيزات التي يحملها البشر بصورة غير مقصودة؛ فالذكاء الاصطناعي يلجأ إلى ترميز النماذج المتاحة ناقلًا معه القوالب النمطية والتمثيلات المغلوطة، مثل المبالغة في تمثيل الجسد الأنثوي، وتعزيز العنصرية تجاه أعراق بعينها.
في نهاية مقالها، تنوه الكاتبة بأن نوع الذكاء الاصطناعي الذي قد نتخيله ليحل محل الفنانين هو روبوت مبدع ومستقل تمامًا قادر على التخيل والتعبير مثل الإنسان، وهذا غير موجود بعد لكنه قادم. ومع انتشار الذكاء الاصطناعي في كل مكان، من المحتمل أن يتميز الفنان في المستقبل من خلال مقدرته على استخدام التكنولوجيا.