رسائل لن تصل إلى عمر خورشيد (15)
عفوًا خورشيد إنها أمي
عزيزي عمر خورشيد
تجدد اللقاء رغم كل شيء
معك نبدأ عامًا جديدًا، أسأل الله أن تحمل أيامه كل الخير لنا ولمصرنا العزيزة.
مر عام من عمرنا، مرت أيامه الحافلة بالأحداث بسرعة كبيرة.
مر بكل ما به من حُب وسخط وحزن وتخبط وألم.
مر رغمًا عنا، كعادة الحياة...!
لا أخفي عليك أحب هذه الأيام بشكل خاص.
أشعر أن الكون يتزين رغمًا عن كل ما يعانيه البشر من أزمات وحروب وعقبات.
أيام يتحد فيها الجميع بشكل فطرى. يتحدون الواقع بفرع نور يتراقص على جدران منازلنا المنهكة التي أرهقتها الأيام وأدمتها الهموم!
أحرص كل عام على قضاء لحظاته الأخيرة برفقة ابني فارسي الذي أخذ على عاتقه مهمة إسعادي وإخراجي من دوامة الحزن.
لا يريد أن يراني أسيرة للحزن مرة أخرى..
عانى معي مراحل انكساري بعد رحيل والدي الحبيب، الذي لم يكن والدًا فقط، بل صديقًا مقربًا وناصحًا أمين.. جمعتني به علاقة فريدة لا يعلمها إلا المقربون..
قد يأتي يوم وأفرد لها رسالة بأكملها.. ففي حياة كل فتاة حُب أول وكبير بطله والدها.. رحم الله كل من فارقنا بجسده وبارك في أعمار من يزين الكون وجوده.
عزيزي عمر خورشيد
تزينت الشوارع بأفرع النور على غير العادة استعدادا لاستقبال العام الجديد. هكذا أرى، لست أدري لماذا انتابني هذا الشعور...؟!
ربما لأن حينها أحتفى ببداية العام بشكل جديد!
أستقبل حينًا العام الجديد استقبالًا مختلفًا، قامت المحال والفنادق الكبرى بتزيين الشوارع الجانبية بأقواس مضيئة بطول الطريق!!
هذه الأضواء لم تكن فقط أضواء صناعية وإنما لوهلة تخيلتها ابتسامات البشر التي تعكسها أمنيات بانتظار أن تتحقق خلال عام نشهد ميلاده من جديد.
شعرت بالبهجة رغم التوتر الذي يسبق كل عام؟!
ترقب وخوف مما هو آتٍ، وفرحة بانقضاء عام وبداية آخر..!
قد نكون اجتهدنا في البحث خلاله عما يسعدنا ويضيف لرصيدنا في الحياة، لا سيما القلوب..!
عام أتممنا فيه عدة جولات، عام أنهينا فيه كل أهداف كانت في استطاعتنا.
لا أخفي عليك كان عامًا مليئًا بفضل الله، رغم ما تضمنه من حزن وفراق لأغلى الناس أمي الغالية. رحمها الله.
تظل هذه المحن منحًا ربانية، بها نعيد ترتيب حياتنا وأولوياتنا فمع كل محنة رحمة من نوع ما.
لا أريد أن أسترسل في سرد ما يثير الأحزان..
قد عاهدتك أن أتذكر أجمل ما في أيامي تلك رغم الألم والخوف.
عندما كنا نزور أمي وهي بداخل الرعاية المركزة كنا نخبرها أننا معها ونقف بالخارج، وأن ما عليها إلا أن تقول جزر مثل الفيلم الشهير.
لنكون طوع يديها.!
لتخبرنا بمرح "أمس قولت جزر، وخيار، وطماطم،...وما شابه".
أخبرتها أننا لم نتمكن من رؤيتها لتعنت مسئول الأمن.
لتبتسم بهدوء.. دون تعقيب.
أكثر ما يؤلمني حقًا هو عدم تمكننا من تلبية رغبتها الوحيدة والأخيرة ألا وهي العودة للمنزل!!
ما زلت أتذكر إصرارها على العودة للمنزل ومحاولاتنا المستميتة لإخراجها أو نقلها لمكان آخر، ورفض الأطباء القاطع بهذا الأمر لسوء وضعها الصحي.
لا أخفي عليك أن هناك أمورًا تحيرني تجعلني أقف لحظة مع النفس وأتأمل أبطال هذه المواقف.. من رحم كل معاناة يوجد شعاع من النور يضيئ لنا الطريق..
لعل أجمل ما في هذه المحنة، هي قلوب الطيبين، التي تتذكرني بالدعاء وتتذكر أمي كذلك.. أخبرهم أن يكثفوا الدعوات لها يخبروني أن الأمهات كافة قطعًا ستدخل الجنة.
وأن من في أمس الحاجة للدعوات هو نحن..!!
أعجز عن الرد، وأشكر الله على نعمة وجودهم، وعلى نقاء قلوبهم، وأدعوا أن تظل أرواحهم صافية للأبد، ومعطاءة لأبعد مدى..!
عزيزي عمر خورشيد
مع بداية العام الجديد أتمنى أن تكون بخير، كما أرجو أن يكون عامًا مختلفًا، كله حُب وترابط وتماسك ونجاح وستر وصحة علينا جميعًا.
لا أخفي عليك اعتدت أن أحتفل كل عام بقدوم العام الجديد بطريقتي الخاصة، لا أشعر أن العام الجديد قد بدأ إلا بالاستماع لأغنية "شيرين وفضل شاكر"- العام الجديد.
أغنية مرحة، لحنها مبهج، وكلماتها تقطر سعادة تصل حد السماء.. هكذا أراها وهكذا أشعر عندما أسمعها...!
عزيزي عمر خورشيد
عاهدتك أن أبثك كل ما هو مفرح.. لا أخفي عليك حدث إنجاز جديد قد لا يكون خاصًا بي لكنه يخص فارسي شمس!
شارك بمهرجان رياضي في "بطولة للفروسية" للمرة الأولى، حقق فيها مركزًا متقدمًا.
أذهلني قدرته على إحراز هذا التقدم رغم ما نمر به من أزمة فقد كبيرة.
حرصت على الحضور وعلى دعمه بالكامل، حادثته تعلقت عيني به وقلبي يدعوا الله أن يوفقه.
ليقيني لأهمية هذه التجربة الجديدة وتأثيرها الكبير على حياته ومستقبله ونفسيته.
لا أخفي عليك شعرت أن نجاحه نوع من المواساة الإلهية، إن هناك ما يفرح في هذه الحياة. وأن هناك من يجب أن نتمسك بهم وأن وجودنا حياة بالنسبة لهم تمامًا كما كانت أمي بالنسبة لنا وكما سيكون هو مع أبنائه وهكذا..
عزيزي عمر خورشيد
الحياة جميلة حقًا.. حقيقة لا يمكن إغفالها، ربما يكون سر جمالها ما بها من عقبات.. من يدرك هذه الحقيقة فليلين..!!
قليلون هم من يدركون أن وراء كل حزن انفراج، وبعد كل ظلام نور، وعقب كل ليل نهار..
أخيرًا وليس آخرًا..
كن بخير حتى نلتقي، وإلى اللقاء.