عام 2022.. انطلاقة قوية فى العلاقات المصرية الجزائرية
سطّر عام ٢٠٢٢، أحداثًا وفعاليات فارقة في تاريخ العلاقات المصرية- الجزائرية، وشهد هذا العام زخمًا جديدًا على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية وأيضًا الثقافية والرياضية يضاف لحجم العلاقات الثنائية التي تضرب جذورها أعماق التاريخ.
فعلى الصعيد السياسي، شهد مطلع العام الجاري زيارة مهمة للرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، إلى القاهرة في ٢٤ و٢٥ يناير الماضي، تلك الزيارة حملت- بحسب آراء المحللين الجزائريين لوكالة أنباء الشرق الأوسط- دلالات عديدة أهمها الرغبة السياسية المشتركة لتعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات وصولًا إلى شراكة حقيقية.
فمنذ انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيسًا لمصر في عام ٢٠١٤، شهدت العلاقات المصرية- الجزائرية دفعًا كبيرًا، حيث اختار الجزائر لتكون وجهته الخارجية الأولى بعد انتخابه.
كما ثمَّنت الرئاسة الجزائرية زيارة تبون للقاهرة واصفة إياها بأنها زيارة "عمل وأخوة"، وتشكل فرصة لتعزيز العلاقات التاريخية والسياسية بين البلدين، وتوسيع مجالات التعاون الثنائي، وكذلك مواصلة التنسيق والتشاور حول أهم القضايا العربية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك.
واتفق الرئيسان المصري والجزائري، خلال هذه الزيارة، على دفع أطر التعاون الثنائي بين البلدين من خلال تفعيل آليات التشاور والتنسيق بينهما على كافة المستويات، وأكدا حرصهما على مواصلة العمل على تطوير علاقات التعاون الاقتصادي بين البلدين، ووجها في هذا السياق بعقد الدورة المقبلة للجنة العليا المشتركة بين مصر والجزائر برئاسة رئيسي وزراء البلدين، وتفعيل آلية التشاور السياسي على مستوى وزيري الخارجية، خلال النصف الأول من هذا العام.
كما أعرب الرئيسان المصري والجزائري عن حرصهما على مواصلة العمل على زيادة الاستثمارات المتبادلة وتعظيم الاستفادة من المناخ الجاذب للاستثمار في البلدين، فضلا عن زيادة معدلات التبادل التجاري، وتعزيز الشراكات وتبادل الخبرات في مختلف المجالات بما يدعم جهود الدولتين في تحقيق التنمية والرخاء، وزيادة معدلات التبادل التجاري، وتحسين أداء الاقتصاد.
ووجَّه الرئيسان بتكثيف التنسيق خلال الفترة المقبلة لتفعيل آليات العمل العربي المشترك في إطار جامعة الدول العربية.
وفي مارس الماضي، تشكل مجلس رجال الأعمال المصري- الجزائري في إطار الحرص على تعزيز حركة التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة والتعاون الصناعي بين البلدين خلال المرحلة المقبلة، خاصة في ظل العلاقات المتميزة التي تربط حكومتي وشعبي البلدين، حيث تضمن التشكيل الجديد عددا من الكفاءات والخبرات في القطاعات التي تمثل الركيزة الأساسية للتعاون الاقتصادي والتجاري المشترك بين مصر والجزائر.
أما في ٢٩ و٣٠ يونيو الماضي، انعقدت اللجنة المشتركة العليا برئاسة رئيسي حكومتي البلدين، وهو أول اجتماع للجنة مشتركة عليا تباشرها الجزائر منذ بدء جائحة كورونا، حيث حل رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي في الجزائر على رأس وفد وزاري رفيع المستوى لرئاسة وفد مصر في اجتماعات الدورة الثامنة للجنة العليا المشتركة بين البلدين.
وجاءت هذه الدورة، التي انعقدت تتويجا لتعليمات قائدي البلدين الرئيس عبدالفتاح السيسي ونظيره الجزائري عبدالمجيد تبون، خلال قمتهما بالقاهرة في يناير الماضي، بعد انقطاع دام ٨ سنوات، وشكلت فرصة لدراسة مختلف السبل الكفيلة بتطوير العلاقات الثنائية، وفتح آفاق جديدة للتعاون والشراكة الثنائية.
وأشاد رئيس الحكومة الجزائرية- خلال كلمته آنذاك- بمناسبة تدشين هذه اللجنة بالسجل الحافل من الإنجازات الذي يجمع الجزائر ومصر في مجالات شتى كالطاقة والتجارة والاستثمار، والتي جعلت من مصر- عربيًا - ثاني شريك تجاري للجزائر وثالث شريك في مجال الاستثمارات.
وتوجت أعمال هذه اللجنة بالتوقيع على ١٣ اتفاقية ومذكرة تفاهم وتعاون في مختلف المجالات كالصناعة والتجارة والبحث العلمي والتعليم العالي والبيئة ودعم وتنمية المشاريع المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر والمؤسسات المصغرة وريادة الأعمال، والقوى العاملة، والبورصة، والرقابة المالية، فضلا عن تعزيز الاستثمار، وتنمية الصادرات.
ولتفعيل مسار هذه الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، افتتح رئيسا حكومتي البلدين، في اليوم التالي من اختتام أعمال اللجنة، منتدى رجال الأعمال المصري- الجزائري، وذلك لبحث سبل تعزيز الشراكات الاقتصادية بين رجال الأعمال في البلدين استنادا إلى علاقة (رابح- رابح).
كما حرص الرئيس الجزائري على استقبال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي الذي قدم له عرضا حول نتائج أعمال اللجنة المشتركة.
ومن القاهرة، استهلت الجزائر توجيه دعواتها لمشاركة القادة العرب في القمة التي استضافتها في الأول والثاني من نوفمبر الماضي، حيث سلم وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة أولى دعوات بلاده للرئيس الفلسطيني محمود عباس من مقر إقامته بالقاهرة، والرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي أكد حرصه على المشاركة والمساهمة شخصيا في دعم الجهود التي تبذلها الجزائر لضمان تكليل هذا الاستحقاق العربي المهم بنتائج تكون في مستوى تطلعات الشعوب العربية.
وحرص الرئيس عبدالفتاح السيسي، على تلبية دعوة نظيره الجزائري عبدالمجيد تبون، الذي حرص على استقباله استقبالًا حارًا بمطار هواري بومدين وعند مركز المؤتمرات الذي احتضن القمة، وهو الاستقبال الذي كان محل ملاحظة وإشادة من قبل جميع الأوساط الإعلامية والشعبية.
وعلى مستوى الزيارات الثنائية بين مسؤولي البلدين، شاركت مصر ممثلة في وزير القوى العاملة السابق محمد سعفان في أعمال رابطة المجالس الاقتصادية والاجتماعية العربية والهيئات المماثلة لها المنعقدة بالجزائر في ٢٠ يونيو الماضي.
وأكد سعفان خلال مشاركته ضرورة التواصل المستمر والدائم مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الجزائري، والموازي له في الدولة المصرية للاطلاع على القوانين والقرارات التي يتبناها ودراستها وتوحيد الرؤى لبدء البرامج والأنشطة المشتركة.
كما زارت الرئيس التنفيذي السابق لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر نيفين جامع مع وزيري الصناعة الجزائري أحمد زغدار والتجارة كمال رزيق في افتتاح فعاليات النسخة الأولى من المؤتمر والمعرض العربي الدولي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، الذي نظمته الجزائر بالتعاون مع الاتحاد العربي لتنمية الصادرات الصناعية، اعتبارًا من ١٢ حتى ١٤ نوفمبر الماضي، تحت شعار "فرص وتحديات الثورة الصناعية الرابعة".
وقامت بعقد مباحثات حول تعزيز آليات التعاون الثنائي مع وزراء التجارة والصناعة واقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة، وكذلك السياحة والصناعات التقليدية في الحكومة الجزائرية.
كما شارك رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار بولس فهمي إسكندر في الملتقى الدولي الأول، الذي نظمته المحكمة الدستورية الجزائرية حول "حق المواطن في الوصول إلى القضاء الدستوري"، والمنعقد في ٥ و٦ ديسمبر الجاري، وبمشاركة لفيف من رؤساء المحاكم الدستورية العربية والإفريقية والدولية.
وحرص الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون على استقبال رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار بولس فهمي إسكندر برفقة رؤساء المحاكم الدستورية العربية والإفريقية والدولية المشاركين في هذا الملتقى.
أما على صعيد الفعاليات الرياضية، حرصت مصر على المشاركة في مختلف الفعاليات الرياضية التي استضافتها الجزائر على مدار العام الجاري وأهمها الاستقبال الجماهيري الحار الذي حظي به فريق النادي الأهلي لمواجهة فريق وفاق سطيف الجزائري في مباراة الإياب بالدور نصف النهائي من دوري أبطال أفريقيا في مايو الماضي.
كما شاركت مصر في النسخة الـ19 من دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط التي قامت بوهران في الفترة بين 25 يونيو و5 يوليو الماضيين، بأكبر بعثة رياضية في هذه الدورة.
وعلى صعيد الفعاليات الثقافية، أحيت الأوركسترا السيمفونية المصرية حفلا كبيرا في المهرجان الثقافي الدولي للموسيقى السيمفونية في نسخته الثانية عشرة المنعقد بدار الأوبرا بالجزائر خلال الفترة من ١٥ إلى ٢٠ أكتوبر الجاري.
وأوضح محافظ هذا المهرجان عبدالقادر بوعزازة أن الحضور الجماهيري الجزائري الغفير خلال عرض أوركسترا القاهرة السيمفوني دليل على التقارب الثقافي والفني الكبير بين البلدين والشعبين.
وتابع أن المعهد العالي للموسيقى في الجزائر والذي يحمل اسم الموسيقار المصري الراحل محمد فوزي الملحن التاريخي للنشيد الوطني الجزائري يظل منبرًا منيرًا لنشر الموسيقى والتقارب بين الشعوب.
وبهذا كان عام ٢٠٢٢، حافلًا بالعديد من الفعاليات وتبادل الزيارات الثنائية الهامة بين البلدين الشقيقين، ليشكل انطلاقة جديدة للعلاقات نحو آفاق أرحب وأشمل.