حرمة تهنئة المسيحيين بأعيادهم
الموضوع ليس مملًا لهذه الدرجة، بل إنه يساعد العديد من الموهومين على قضاء بعض الوقت اللذيذ خارج مساحة عقولهم المغلقة.
تخيل هذا الشخص الوحيد الذي لا يجد ما يفعله ولا أحد يهتم بوجوده يخرج على السوشيال ميديا قبل رأس السنة بقليل ليقول إن تهنئة المسيحيين بأعيادهم حرام، طبعًا سيحصل أخيرًا على اهتمام الناس والإعجاب والتهليل وسيجد الآلاف يعلقون على ما يقوله، وربما يتعرف على فتاة لطيفة ويتبادلان الحوارات أونلاين.
أخيرًا هناك من يشعر بوجوده.
أرجوكم لا تحرموه من هذه المتعة السنوية ولا تطلبوا منه أن يسكت، ألا يعتبر مسكينًا يستحق الدعم؟ هل سيظل طوال العام صامتًا حانقًا مكتئبًا؟ دعوه يفرج عن كربه قليلًا.
الحقيقة أننا المصريين عجيب أمرنا فعلًا، لا نمل من الأسطوانات المملة ولا نتعلم مطلقًا.
كل عام يخرج هذا الشخص بكلامه السخيف ويرد عليه الأزهر والأوقاف ووزارة الإعلام وربما وزارة الداخلية والناس على الفيسبوك والمسلمون في الشوارع الذين لا يكتفون بالتهنئة بل يحتفلون مع المسيحيين فعليًا، وقد نراهم يذهبون للتبرك من أبونا بمناسبة الأعياد.
مع ذلك ندور في الحلقة المفرغة والمزعج في الأمر أننا لا نتعلم أبدًا، وهذا الشخص يبحث كل عام عن لحظات من الخروج من وحدته الموحشة.
أما من يدعون أنهم شيوخ أو رجال دين ويقولون هذا الكلام فأنا شخصيًا أعتبرهم الشيوخ المذعورين.
يصحون من نومهم كل يوم وهم مرعوبون من الوحدة والانعزال وأن أحدًا لن يلتفت لهم، ثم لا يصدقون أن الله واسع الرحمة والمغفرة فيخافون من دخول النار، ولا يصدقون أن الله حين يحاسب الناس سيحاسبهم على قدر فهمهم وضعفهم، لذلك يفسد إفطارهم الصباحي وتسوَد عيشتهم فلا يجدون حلًا إلا بإمساك الموبايل وكتابة البوست الذي سوف ينقذهم (تهنئة المسيحين بأعيادهم حرام)، وتنهال تعليقات التأييد أو المعارضة، وهنا يرتاحون ويستطيعون أخيرًا بلع لقمتهم وشرب كوب الشاي المضبوط.
مساكين، فهمهم محدود رغم كل ما يقرأونه، ورغم قضائهم ردحًا من الزمن خلف شيوخ آخرين في مدرسة وهمية للفقه، وعصبيتهم لا تتيح لهم مجرد التفكير في وجود زاوية أخرى لقناعاتهم.
لا تحرموهم من هذا الاشتعال السنوي.
أعتقد أن هؤلاء بالذات لن يتغيروا، فربما الشخص العادي الذي يقول هذا الهراء يجد متنفسًا آخر لحياته البائسة، لكن الشيوخ المذعورين عيّنوا أنفسهم في هذه الوظيفة الوهمية للفقه والفتوى وسوف تحدث لهم مصيبة اجتماعية وعقلية إذا ظهروا على حقيقتهم وأصبحوا بلا فائدة.
تخيل معي هذا الشيخ ذا العضلات يكتشف بعد كل هذا الزمن أنه يعيش في وهم كبير، وأن الله سبحانه وتعالى يحب الناس جميعًا ويريد لنا جل شأنه أن نكون سعداء، سوف يصفر وجهه فورًا وتضمحل عضلاته وربما ينتحر.
كل عام والإنسانية كلها بخير.