تحمى نصف شواطئ العالم.. هل تنجح أشجار «المانجروف» كحواجز لمواجهة تآكل السواحل؟
تسعى وزارة البيئة لوضع حلول للحد من المشكلات التي تسببها التغيرات المناخية، وعلى رأسها تآكل السواحل البحرية ونحر البحر، التي تسببها الأمواج والمد والجزر فى البحار، وذلك من خلال تدشين حواجز بحرية تمنع انتشار هذه الظاهرة.
وأشارت الوزارة في بيان لها، إلى أهمية زراعة أشجار "المانجروف" الساحلية، التي تتحمل المعيشة في البيئات الشاطئية المالحة بخلاف النباتات الأخرى، وذلك في الوقت الذي تتعرض إليه نصف شواطئ العالم للتآكل بنهاية القرن الحالي، الأمر الذي يهدد الحياة البرية في مختلف دول العالم.
منافع بيئية
تطورت غابات "المانجروف" لتزدهر في المناطق الساحلية التي غمرتها الفيضانات، وتكيفت عدة أنواع منها مع المياه العذبة لتتكيف مع ظروف المياه المالحة على مدى مئات السنين، على الرغم من أن هذه الظروف ستجعل الحياة مستحيلة بالنسبة للعديد من النباتات الأخرى في المياه الساحلية، فقد اكتشفت أشجار المانجروف كيفية الازدهار وإنشاء أنظمة بيئية رائعة.
ومن جانبه، يوضح نيكولاس فيليب، الباحث البيئى بمبادرة المناخ والتنمية الإفريقية، أن المانجروف عبارة عن مجموعة من الأشجار التي تعيش في منطقة المد الساحلية، وتشكل غابات تنمو بشكل رئيسي في خطوط العرض الاستوائية وشبه الاستوائية بالقرب من خط الاستواء؛ لأنها لا تستطيع تحمل درجات الحرارة المتجمدة.
ويضيف: "تزدهر غابات المانجروف في المناطق ذات التربة منخفضة الأكسجين، حيث تسمح المياه بطيئة الحركة بتراكم الرواسب الدقيقة، وغالبًا ما يتم التعرف عليها من خلال التشابك الكثيف لجذورها الداعمة التي تجعل الأشجار تبدو وكأنها تقف على ركائز متينة فوق الماء".
ويقول "فيليب" في تصريحات لـ "الدستور"، إن الباحثين وجدوا أن هذه الأشجار الساحلية أكثر كفاءة من نظيراتها الاستوائية، حيث تخزن 5 أضعاف الكربون تحت الأرض، كمورد طبيعي فريد، وتوفر أشجار المانجروف حماية ساحلية ضد الطقس الذي لا يمكن التنبؤ به، والغذاء والمأوى لمختلف أنواع الحيوانات، وأيضًا عزل الكربون.
بحث شامل
وأجرى علماء البيئة بحثًا شاملًا حول مزايا غابات "المانجروف" ليكتشفوا أن الحفاظ على المزيد من أشجار المانجروف سليمة سمحت لهم بتجنب إطلاق حوالي 13 مليون طن متر من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وهذا يعادل إزالة 344000 سيارة من الطريق كل عام.
وتبين أن الفائدة الأساسية لغابات "المانجروف" هي قدرتها على العمل كمخازن فعالة للكربون، فضلًا عن أن تربة "المانجروف" غنية بالكربون الذي تمتصه الشجرة نفسها؛ مما يقلل من تعرض الكوكب للغازات الخطرة، بالإضافة إلى ذلك، تعتمد العديد من مصايد الأسماك على أشجار المانجروف كمناطق تكاثر.
وتابع العلماء، أنه في بعض الظروف، يمكن أن يعمل النظام البيئي لغابات المانجروف كمصدر طبيعي للدفاع عن الساحل المحلي؛ مما يقلل من التآكل، ويحد من تأثير العواصف، ويخفف من الأمواج، أما على المدى الطويل، يعتقد العلماء أن غابات المانجروف يمكن أن تساعد في الحفاظ على ارتفاع كتل اليابسة في مواجهة ارتفاع مستويات سطح البحر.
علاج مناخي
الباحث البيئى بمبادرة المناخ والتنمية الإفريقية، يقول إن التغيرات المناخية تؤثر على الحياة البحرية والبرية بشكل ملحوظ، وذلك يتسبب في نفوق العديد من أنواع الكائنات الحية النادرة، وبالتالي ستحدث مشكلات في التوازن البيئي بسبب تغير المناخ.
ويختتم: "الحل الجذري للتخلص من أزمة تآكل الشواطئ ونحر البحر، هو القضاء على مشكلات تغير المناخ من خلال تقليل نسب انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، حتى لا ترتفع درجات الحرارة على كرة الأرضية، ويحدث هذا الاختلال في التوازن، والتوسع في زراعة أشجار المانجروف داخل دول إفريقيا، كونها تمتص ثاني أكسيد الكربون من الهواء لتخزينه في جذورها وأغصانها بشكل مثير للإعجاب، ويمكنها أيضًا امتصاص ما يصل إلى أربعة أضعاف الكربون من الغابات المطيرة من نفس الحجم".