«7 اتجاهات ثقافية للعام 2023».. كيف تقوم التكنولوجيا بتوجيه الثقافة؟
تعمل التكنولوجيا منذ سنوات على تغيير المُعطيات الثقافية بشكل مطرد، وفي المستقبل، من المتوقع أن تقود التكنولوجيا تغيرات جذرية وجوهرية بصورة أكبر.
في واستشرافه للمستقبل القريب، من العام 2023 وحتى 2026، يرصد موقع "exploding topics" سبعة تغييرات ثقافية ستشهدها تلك الأعوام والتي تلعب التكنولوجيا بها دورًا بارزًا في تشكيل ملامح مغايرة للثقافة.
سُلطة المؤثرين
يُسلط الموقع الضوء على استمرار نمو اقتصاد المبدعين بالسنوات المُقبلة؛ فقد أدى وجود منصات مثل "يوتيوب" و"انستجرام" إلى قضاء الأشخاص وقتًا طويلًا في متابعة محتوى ينشأه "أفراد مستقلون هواة" في مقابل تراجع الاهتمام بما يُنتَج بصورة احترافية في التلفزيون.
هناك أيضًا، عدد كبير من صانعي المحتوى الجُدد الذين أفرزتهم هذه البيئة، إذ تشير التقديرات إلى أن 50 مليون شخص حول العالم يعتبرون أنفسهم الآن "مبدعين"، ثمة تزايد مُستمر في صناعة المحتوى الرقمي إلى حد بات معه عمل "صانع محتوى" حلمًا يراود الأطفال في تصورهم لمستقبلهم حسبما أشارت أحد الاستطلاعات.
وتشير الإحصاءات إلى أنه اعتبارًا من عام 2020، كان هناك أكثر من 51 مليون قناة على منصة "يوتيوب"، وتأسست قنوات جديدة بمعدل 23٪ سنويًا، ولّدت هذه التغيرات تعزيزات في اقتصاد المؤثرين الصغار "الانفلونسرز" الذي لم يكن موجودًا قبل عشرين عامًا، وتبلغ قيمته الآن حوالي 16 مليار دولار.
لم تكن منصة "يوتيوب" الوحيدة الشاهدة على بزوغ نجم "الإنفلونسرز"، فهناك أفراد لديهم متابعون أقل، لكنهم يشكلون غالبية المؤثرين على المنصات الشعبية مثل "انستجرام"، تشير إحصاءات إلى أن أكثر من 46٪ تقريبًا من حسابات "إنستجرام" لديها أكثر من ألف متابع، وأن 15 إلى 100 ألف من حسابات المتابعين تُشكل 81٪ من المؤثرين "الانفلونسرز" على المنصة.
نشاط العلامات التجارية
لا يخفى على أحد أن عددًا متزايدًا من العلامات التجارية العالمية ينخرط في النشاط الاجتماعي، فقد أشارت
أحد الاستطلاعات إلى أن نشاط العلامات التجارية قد أثّر على السلوك الشرائي بما يفوق العوامل التقليدية مثل السعر والراحة.
من جهة أخرى، عزز هذا من الدور الذي تلعبه العلامات التجارية في القضايا الاجتماعية، وهو ما برز بشكل واضح في أثناء وباء كوفيد؛ إذ سارعت شركات وعلامات تجارية بارزة في تدشين حملات توعوية لنشر الوعي بالتباعد الاجتماعي، فيما اتجهت شركات أخرى إلى دعم قضايا المناخ من خلال إبراز الوعي، عبر موقعها على الإنترنت وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، بأهمية الحفاظ على البيئة، فضلًا عن التركيز على تصنيع عبوات قابلة لإعادة الاستخدام في خطوة عملية للمشاركة في ذلك الهم الاجتماعي.
سطوة النوستالجيا
يلفت الموقع إلى أن النوستالجيا بات لها دور متزايد الأهمية في صناعة الأفلام والمسلسلات والموسيقى، فبعض الأفلام الأكثر ربحًا في العقد الماضي كانت عبارة عن إعادة إنتاج أو إعادة تخيل لروائع أقدم، كما وجدت دراسة أن وباء كورونا عزز من نزعة الحنين إلى الماضي والتوجه نحو سماع موسيقى قديمة لدى أكثر من نصف مستمعي الموسيقى، وكذلك فإن مسلسل قديم مثل Friends كان أحد أكثر العروض مشاهدة على نتفليكس.
أدركت منصة نتفلكس أن الحنين إلى الماضي صار من تفضيلات المشاهدين ما جعلها تتجه نحو إعادة تقديم الروائع القديمة من الأفلام والمسلسلات الشهيرة فضلًا عن تقديم معالجات جديدة لأعمال قديمة بارزة.
الرقمية تخترق الحياة الواقعية
كل شيء في العالم المادي يتأثر الآن بما يحدث على الإنترنت، إذ أصبحت طريقة الاتصال الرقمية متأصلة في الثقافة. من 2016 حتى 2020، كان "تويتر" الشكل الرئيسي للتواصل مع رئيس الولايات المتحدة، وتحول موقع مثل"ريديت"من موضوع هامشي في منتدى عبر الإنترنت إلى مركز اهتمام الكونجرس.
بالإضافة إلى ذلك، أصبحت العروض الافتراضية للأشخاص أكثر شيوعًا عبر الإنترنت، إذ ذكرت "سناب شات" أنه في يناير من عام 2020 استخدم 70 ٪ من المستخدمين النشطين يوميًا (147 مليون شخص) صورًا رمزية لتمثيل أنفسهم، كما أصدرت كل من "آبل" و"سامسونج"و"جوجل" شخصيات تستند إلى الرموز التعبيرية منذ عام 2018، وكذلك عزز "فيسبوك" من وجود الصور الرمزية "أفاتار" خاصة به، ما يشير إلى أن التجمعات الاجتماعية باتت رقمية بشكل متزايد أيضًا.
المجتمعات عبر الإنترنت
البشر لديهم حاجة للجماعة، وهذه الحاجة تُلبى أكثر من أي وقت مضى في التجمعات عبر الإنترنت، بدلاً من التقيد بالجغرافيا، يجد الناس الآن مجموعات من الأقران لديهم نفس الاهتمامات والهوايات، على سبيل المثال، أفاد موقع "فيسبوك" أنه اعتبارًا من عام 2021 يستخدم 1.8 مليار شخص مجموعات فيسبوك كل شهر، وهو الرقم الذي نما بنسبة 28٪ منذ عام 2019.
بالإضافة إلى ذلك، شهد موقع "ريديت"، أحد أكبر مراكز المجتمعات المتخصصة على الإنترنت، نموًا مذهلاً في عدد المستخدمين والمشاركة على مدار العامين الماضيين، كما شهد التطبيق المعتمد على الصوت "كلوب هاوس" نموًا كبيرًا في عدد المستخدمين في عام 2021، فلديه الآن أكثر من 10 ملايين مستخدم مسجل وأكثر من 10 ملايين مستخدم نشط أسبوعيًا.
الأمر ذاته ينطبق على أكثر من تجمع تشهده مواقع للتواصل الاجتماعي وتختص بتفضيلات مشتركة، مثل موقع "ليتر بوكسد" وهو موقع وسائط اجتماعية للأفلام والتلفزيون شهد اتساعًا في قاعدة مستخدميه التي قفزت إلى 3 ملايين في عام 2020 بعد النمو المطرد إلى 1.7 مليون منذ عام 2011، وهو ما حدث أيضًا في مجتمعات ألعاب الفيديو واللياقة البدنية.
انتعاش في شراء ألعاب الطاولة
رغم الاهتمام المتزايد بالفضاء الرقمي بصفة عامة، والألعاب الإلكترونية على وجه الخصوص، فقد أشارت بعض الدراسات إلى أن عددًا كبيرًا يتجه بشكل متزايد نحو شراء ألعاب الطاولة، ما يجعل من المتوقع أن يصل السوق العالمي لأوراق اللعب وألعاب الطاولة إلى 21.56 مليار دولار بحلول عام 2025.
ورغم ازدهار صناعات الترفيه الرقمي مثل ألعاب الفيديو وخدمات بث الفيديو، فإن ألعاب الطاولة تقدم شيئًا لا يوفره الترفيه الرقمي؛ استراحة من "إجهاد الشاشة".
تقدُم الثقافة الكورية
شهدت السنوات الماضية ازدهارًا ورواجًا للثقافة الكورية، سواء من خلال موسيقى البوب الكورية، لا سيما فرقتي "بي تي إس" و"بلاك بينك"، التي استحوذت معًا على ما يقرب من 100 مليون معجب حول العالم، كما حصلت كل واحدة على مشاهدات مرتفعة عبر منصة "يوتيوب".
من جهة أخرى، فالتلفزيون والفيلم الكوري يصنعان أيضًا طفرة، باتت الدراما الكورية جزءًا رئيسيًا؛ ففي عام 2018، أنفقت منصة "نتفلكس"36 مليون دولار لترخيص 24 حلقة من المسلسل الكوري Mr. Sunshine، وفي عام 2020، وقعت الشركة عقودًا لعدة سنوات مع استوديوهات إنتاج كورية لجلب أكثر من 40 دراما كورية إلى منصة البث، فضلًا عن ذلك، فقد تشهد السينما الكورية لحظة فاصلة خاصة بعد أن فاز الفيلم الكوري Parasite في العام الماضي بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم.
بالإضافة إلى ذلك، فقد يصير المؤثرون "الانفلونسرز" من كوريا هم الاتجاه القادم الذي سيسيطر على الغرب، مع وجود شركات كورية تدفع بنموهم سواء كانوا نجوم بوب وممثلين وعارضين افتراضيين، كما تتأثر صناعة ألعاب الفيديو أيضًا بالاتجاهات الكورية، فكوريا الجنوبية قادت سوق الرياضات الإلكترونية العالمية لعقود من الزمن، ومن المتوقع أن ينمو هذا السوق بنسبة 60٪ بحلول عام 2023 وأن يحقق إيرادات بنحو 1.6 مليار دولار في ذلك العام.