قناة السويس فى قلب مصر
لم أصدق لثانية واحدة الشائعة التى استهدفت قناة السويس.. أقصد لم أفكر لثانية فى أن تكون صحيحة.. وإن كنت فكرت فى استمرار حرب الشائعات ضد مصر.. هناك قاعدة يحفظها بعض عتاة الفاسدين.. وهى أن من يعمل يكون عرضة للهجوم الدائم.. وأن من لا يعمل يكون فى مأمن من أى نقد.. لأن أعداءه لن يجدوا ما ينتقدونه من أجله.. هو لا يفعل شيئًا من الأساس.. أعتقد أن هذه القاعدة تنطبق أكثر ما تنطبق على الرئيس السيسى.. فهو يعمل طوال الوقت.. ويتابع المشروعات بنفسه.. ويسافر ليضع مصر فى جمل مفيدة لها وللعالم.. فهو يحضر قمة عربية أمريكية ثم قمة صينية أمريكية ثم قمة إفريقية أمريكية ثم مؤتمرًا للتعاون مع بغداد والأردن بحثًا عن فائدة مشتركة كبيرة لهذه الدول العربية الكبيرة والهامة.. نفس الأمر ينطبق على الطموحات الكبيرة فى التنمية والبناء وما تستدعيه من خطوات جريئة وإقدام على استثمارات واسعة لم تعتدها مصر منذ عدة عقود لأننا كنا نفضل سياسة عدم العمل تلافيًا للأخطاء والاعتراضات والشائعات وهى لم تقدنا إلى الأمام كثيرًا وأدت إلى ضجر الناس واعتراضهم وخروجهم إلى آخر ما نعرفه جميعًا بغض النظر عن التفاصيل والنوايا والنتائج والأحكام.. آخر خطوة لعقاب الدولة على بحثها عن تعظيم للإيرادات كانت شائعة حول نية الدولة بيع قناة السويس.. وهى شائعة غير قابلة للتصديق فى ظل وجود رئيس ينتمى للقوات المسلحة المصرية التى قدمت آلاف الشهداء على ضفتى قناة السويس ودفاعًا عنها وسعيًا لتحريرها.. ولا يحتاج ذو العقل للكثير من التفكير ليدرك أن ماكينات اللجان الإرهابية هى من تقف وراء الشائعة تلو الشائعة من خلال بحث دءوب فى البرامج والأحداث ومواقع الصحف.. وقد كان وقود الشائعة نقاشًا منحصرًا بين اثنين من النواب استضافهما أحد البرامج ورغم إيمانى الكامل بأن النقاش مكانه مجلس النواب لا ساحات البرامج.. إلا أننى موقن أيضًا بسوء نية من استغلوا الشائعة.. ولم أكن فى حاجة لسماع شرح النائب المؤيد لفكرة وجود قانون بتأسيس صندوق خاص بقناة السويس لأن الفكرة شرحها مسئول رفيع المستوى من قبل.. وهى أن يُخصص جزء من أرباح هيئة قناة السويس للتوسع فى مشروعات الهيئة وزيادة الأصول التابعة لها وبالتالى تحقيق المزيد من الأرباح عبر زيادة رأس المال.. ولتقريب المعنى من الأذهان فإن الرئيس السيسى عندما وافق على مشروع ازدواج المجرى الملاحى للقناة فى ٢٠١٥ اكتشف أن ميزانية الهيئة لا تسمح بتمويل هذا المشروع الهام وأن خزائنها فارغة رغم تحقيقها أرباحًا سنوية.. وبالتالى تم اللجوء لتمويل التوسعات من شهادات قناة السويس.. فكرة الصندوق أن تحتفظ الهيئة بجزء من أرباحها لإعادة استثماره فى مزيد من التوسعات تجذب مزيدًا من الأرباح.. وهى فكرة تختلف كليًا عن معنى الشائعة.. ولا مانع من أن نناقش هذه الفكرة على أرضية وطنية واقتصادية وأن يعرض كل فريق وجهة نظره فى مجلس النواب وأن يستدعى الآراء الفنية المؤيدة لما يقول.. ولكن الرافضين والمؤيدين معًا يعرفون أن الهدف من تأسيس الصندوق بعيد كل البعد عن الشائعة التى أطلقتها اللجان الإلكترونية الإرهابية.. ورغم أننى لست متخصصًا فى الاقتصاد إلا أننى ألاحظ اتجاه الدول لتأسيس صناديق الاستثمار السيادية والخاصة ضمانًا لمرونة الاستثمار وسعيًا لتحقيق المزيد من الأرباح والمرونة فى الإجراءات، ينطبق هذا على دول عربية ودول أوروبية ودول آسيوية.. ولا يستطيع عاقل اتهام هذه الدول كلها بأنها تسعى لبيع أصولها أو التفريط فيها لمجرد أنها لجأت لوعاء ملكية حديث يتماشى مع أدوات الاستثمار الحديثة فى العالم وأشكاله المختلفة.. وأذكر أن الرئيس السيسى ضرب مثلًا يشرح به وجهة نظره فى أمر شبيه حين قال إنه رفض طلب وزير المالية بأن تدخل عائدات بيع الأراضى التى تقوم بها وزارة الإسكان فى موازنة الدولة وأنه فضل أن تبقى فى موازنة الوزارة حتى تمول مشروعات سكن كريم وحياة كريمة وكافة المشاريع التى تضطلع بها وزارة الإسكان والتعمير ضمن المشروعات القومية المختلفة.. وهى وجهة نظر إدارية لا أستطيع أن أمدحها أو أذمها لأننى غير متخصص.. لكنها بكل تأكيد لا علاقة لها من قريب أو من بعيد ببيع أصول الدولة.. وهو نفس ما ينطبق على قناة السويس.. فوجود صندوق سيادى خاص تابع الدولة يزيد قناة السويس أو بعض أصولها لا يختلف فى شىء عن إدارة هيئة قناة السويس الحالية لها، وإنما هو شكل استثمارى وإدارى جديد.. تستطيع- إذا كنت اقتصاديًا متخصصًا- أن تقبله أو ترفضه.. لكنه فى كل الأحوال ليست له علاقة من قريب أو من بعيد بشائعة مثل التى أطلقتها اللجان الإرهابية.. لذا لزم التنويه.