حدث هام فى بداية العام
هناك حدث هام ينتظر مصر فى بداية العام الجديد.. تم الانتهاء من تطوير مسار زيارة العائلة المقدسة لمصر بعد ثمانى سنوات من العمل.. هذا حدث كبير جدًا ومفيد جدًا.. إذا أحسنا استثماره.. العائلة المقدسة كما نعرف جميعًا هى السيدة العذراء وطفلها عليه السلام وخطيبها يوسف النجار وقد فروا إلى مصر هربًا من بطش الرومان فى فلسطين.. رحلة قصيرة بحساب الزمن لكن كتب لها الخلود.. ثلاث سنوات ونصف واصلت فيها العذراء الفرار من رفح فى الشمال الشرقى إلى أسيوط فى الجنوب الغربى.. مرت بأماكن نعرفها جميعًا ويقيم فيها الأقباط والمسلمون أيضًا موالد العذراء احتفالًا بمرورها فيها.. شجرة مريم فى المطرية.. كنيسة العذراء فى سمنود غربية.. كنيسة سخا فى كفرالشيخ.. دير جبل الطير أعلى الجبل فى المنيا.. دير المحرق فى أسيوط ودير درنكة أيضًا.. أربعة أديرة فى وادى النطرون فى الصحراء الغربية.. إحدى عشرة نقطة توقفت فيها العائلة المقدسة فى رحلتها إلى مصر التى ذكرها الله فى الإنجيل «خذ الصبى واهرب إلى مصر».. بحسب ما فهمت من تصريحات منسق المشروع عادل الجندى لزميلى فى «الدستور» رامى حسين فإن المشروع تم الانتهاء منه فى ثمانى سنوات بناءً على طلب الرئيس السيسى بعد أن كان مقررًا له أن ينتهى فى عشرين عامًا.. المشروع ينطوى على تطوير الأماكن التى مرت بها العائلة المقدسة عمرانيًا وتطوير الأماكن المحيطة بها ورفع كفاءتها مع تدريب أهالى المناطق المحيطة على إدارة المشروعات الصغيرة استعدادًا لحالة الرواج السياحى المنتظرة.. كل هذا جميل جدًا وإيجابى.. ما أريد أن أتوقف عنده ما قاله منسق المشروع حول توجيه الدعوة للفاتيكان والمؤسسة الإعلامية التابعة له ورؤساء خمس كنائس إنجليزية لوضع المشروع على خريطة زيارتها.. إن هذا يبدو من وجهة نظرى أقل بكثير مما يستحقه المشروع.. إننا يجب أن نقيم افتتاحًا عالميًا يوجه فيه الرئيس الدعوة لبابا الفاتيكان ورؤساء كنائس العالم وكبرى وكالات السياحة لافتتاح المشروع.. لا يهم أن نقيم احتفالات كبيرة أو مكلفة.. الافتتاح فى حد ذاته حدث كبير جدًا ودعاية كبيرة جدًا لمصر.. هذا حدث أهم من أن نخاطب بعض الكنائس لنضعه على برنامجها وكفى.. الافتتاح رسالة تعايش وسلام تعلن المعدن الحقيقى لمصر.. وتعلن أننا فى طريقنا للقضاء على شوائب التعصب للأبد وهو دعاية سياسية وسياحية مفيدة لمصر وتحتاجها الدول دائمًا.. لقد حققنا خطوة كبيرة فى الشهر الماضى حين سجلنا الاحتفالات الشعبية التى تقام فى مسار العائلة المقدسة «موالد العذراء» كممارسة شعبية مصرية تنتمى للتراث غير المادى.. وها نحن نستعد فى نهاية هذا الشهر للانتهاء من تطوير التراث المادى الخاص بالمشروع.. وهذا شىء رائع جدًا ينبغى أن نستثمره بأفضل طريقة ممكنة.. الانتهاء من المشروع بداية وليس نهاية.. فالمهم أن نسوق مسار العائلة المقدسة وأن نضعه ضمن مقاصد السياحة العالمية وأول خطوة هى أن نضيفه لبرنامج الحجاج المسيحيين الذين يزورون كنيسة القيامة فى القدس.. فمسار العائلة المقدسة هو الجزء المكمل لزيارة القدس لدى الحجاج المسيحيين للقدس وهم عدد كبير لا يستهان به. وقد لفت نظرى أن منسق المشروع قد صرح بأن تحديد الجهة التى تتولى إدارة المشروع ما زال خطوة تالية للانتهاء من أعمال التطوير بنهاية هذا الشهر.. وأنا أجتهد وأقول إن الإدارة يجب أن تسند لشركات القطاع الخاص المختصة بهذا النوع من السياحة، بمعنى أن نعطى العيش لخبازه ليحقق لنا أهدافنا ويحصل على جزء من الأرباح ونحصل نحن على الفوائد التى نحددها ماديًا ومعنويًا وسياسيًا وسياحيًا.. إن نجاح المسار سياحيًا من شأنه أن يغير من طبيعة المناطق التى تقع داخله وأن ينقلها اقتصاديًا إذا نجحت الفكرة التى تستحق منا كل دعم واهتمام.. إن السياحة الدينية نوع هام جدًا تملك مصر مؤهلات كبيرة له لكننا للأسف لم نكن نستغل هذه المؤهلات وبقيت السياحة لدينا أسيرة السياحة الشاطئية فى شرم الشيخ والغردقة وسياحة الآثار فى الأقصر وأسوان.. الرئيس السيسى انتبه لأهمية السياحة الدينية ووجّه بضغط الوقت للانتهاء من مسار العائلة المقدسة وبتطوير مزارات آل البيت.. لكن التطوير وتنفيذ توجيهات الرئيس ليس كل شىء.. نحتاج لعقلية مبدعة تتولى مسئولية إدارة هذه المشروعات وتحقق بها ومنها أقصى نجاح ممكن فى أقل وقت ممكن.. الوقت ضيق ونحن نستحق النجاح ونحتاج له.. فهل نستعد لاحتفالات عيد الميلاد وافتتاح مسار العائلة المقدسة كما ينبغى؟.