بعد مبادرات تقليل تكاليف الزواج.. خبراء اجتماع: نتمنى أن تكون عادة بين العائلات
على مدار السنوات والشهور القليلة الماضية انتشرت المبادرات التي تدعو إلى تيسير الزواج خاصة في قرى صعيد مصر، لما هو متعارف عليه هناك من المهور الغالية والأمور الأخرى المبالغ فيها الذي أصبح عبئاً ظاهرًا على المجتمع المصري وعلى كاهل الشباب المكافح.
إليك قائمة بالمبادرات التي تمت في صعيد مصر وحققت نتائج إيجابية.
محافظة سوهاج
في عام 2019 نظمت عائلة المجانين بقرية البارود التابعة لمركز المراغة محافظة سوهاج مبادرة تيسير الزواج، وكان ذلك في أعقاب غلاء أسعار الذهب والظروف المعيشية الصعبة.
بدأت المبادرة عندما وجد البعد مغالاة في المهور، وطلبات كثيرة من أهل العروسة للعريس، والذي أصبح عبئا على كاهل الشباب المكافح، خاصة وأن الصعيد لا تتهاون في مثل تلك الأمور بدعوى التقاليد والأعراف المجتمعية.
ونصت المبادرة على إلغاء النيش بكامل محتوياته، وإلغاء السفرة، إلغاء حجرة الأطفال، وإلغاء المهر أو لايزيد عن 8 آلاف جنيه، وكذلك إلغاء الطعام الذي يحضر في الفرح.
تضمنت قائمة المبادرة أيضًا إلغاء ليلة الحنة بكل مصروفاتها، والحد من السيارات التي تنقل جهاز العروسة لعش الزوجية، وشراء مايلزم العروسة فقط، والابتعاد عن إقامة الأعراس في القاعات بسبب المبالغ الضخمة.
تقليل أعباء الزواج
منذ أيام قليلة أيضًا، وفي مبادرة جديدة لتقليل أعباء الزواج في قرية اتحاد شباب برديس التابعة لمحافظة سوهاج تم الاتفاق على إلغاء النيش، السفرة خاتم أم العريس وغرفة الأطفال، وحقيبة للعريس للعروسة، وعشاء أهل العريس، والبهرجة التي تصاحب نقل جهاز العروس.
وأن تقتصر متطلبات الزوجية على الشقة وشراء أدوات المطبخ والأدوات الرئيسية الإلكترونية والستائر وغرفتي النوم والصالون.
إطلاق مبادرة شيخ الأزهر
ومن جهة أخري أطلق شيخ الأزهر بصفته رجل الدين في مصر ومعروف عنه السماحة مبادرة إجتماعية طيبة تجوب جميع محافظات مصر وعلى وجه الخصوص محافظات الصعيد بسبب المغالاة في المهور وتكاليف الفرح الباهظة التي لا يستطيع أي شاب أن يتحملها، وتسببت في ارتفاع نسبة العنوسة.
محافظة قنا
في محافظة قنا في جمعية الشباب والتنمية بقرية عزبة دنقل بشرق نجع حمادي اجتمع أهالي القرية والقرى المجاورة، لتدشين مبادرة لتخفيض نفقات الزواج.
واتفق أهالي القرية على إلغاء النيش والسفرة والفريزر والفرن الكهربائية ومخبوزات الزفاف، وغرفة الأطفال وهدية والدة العريس الذهب.
وقد نجحت المبادرة منذ أيامها الأولى في أن ترفع العبء عن الشباب، فقامت اللجنة المختصة بالمبادرة بوضع بنود وشروط يسير عليها الجميع ويلتزموا بها.
وكانت البنود على النحو الآتي:
- إلغاء النيش.
- إلغاء ما يسمونه "العلبة" أو ما يدفع لتكاليف ليلة الزفاف.
- الشبكة تقتصر على دبلة وخاتم.
- عدم المغالاة والإكثار في شراء الذهب.
- يتم عقد القران في أقرب مسجد أو عند المأذون.
- يقوم العريس بتجهيز شقة حسب إمكانياته ولا يشترط والد العروس عليه أشياء معينة تحمله ما لا يطيق.
- عدم اشتراط "سفرة أو حجرة أطفال".
- على العريس شراء الأدوات الكهربائية الضرورية اللازمة فقط.
- على العروسة عدم المغالاة في جهازها.
- عدم الإسراف في سيارات نقل العفش.
- القائمة التي تكتب لا تقل عن ١٠٠ ألف جنيه ولا تزيد عن ٢٥٠٠٠ جنيه بحيث تعادل ٥٠ جرام ذهب
- إلغاء الكوافير والتصوير الفوتوغرافي الخارجي والاكتفاء بإحدى الفتيات بتجهيز العروسة داخل بيتها.
هل يمكن أن تمتد المبادرات العرفية لمحافظات أخرى في الحضر؟ علماء يكشفون
دائمًا ما تدشن محافظات الصعيد مبادرات تيسير الزواج، خاصة في الأوقات التي ترتفع فيها الأسعار وسعر الذهب بالتحديد، ولكن هل يمكن أن تمتد المبادرات العرفية لمحافظات أخرى في الحضر؟ هذا ما سيجيب عنه أخصائيين من علم النفس والاجتماع في السطور القادمة.
قالت الدكتورة أمل المنشاوي، الخبيرة النفسية، إن الأشخاص في الحضر لديهم معتقدات خلاف أهالي القرى، حيث إن أهالي القرى في المحافظات وخاصة محافظات الصعيد، حياتهم تتسم بالبساطة، وأهم ما يشغلهم أن ترتاح ابنتهم وتتزوج ولو بأرخص الأثمان وبجهاز بسيط، لكن الأمر في الحضر وخاصة القاهرة، يختلف الأمر، لأن الناس هناك عاشت على الترف والرفاهية، وكل شخص ينظر إلى غيره ما الذي جلبه إلى غيره، لذلك هناك من سيتقبل المبادرة لتخفيف أعباء الزواج وهناك من لن يتقبلها، حتى أن من سيتقبل الأمر ستكون فئة بسيطة للغاية.
وكشفت في تصريحات خاصة لـ "الدستور" أن الأشخاص في الحضر ينظرون لبعضهم، وكل واحد منهم يريد أن يكون أفضل من غيره، وكل أم تريد أن يأتي إليها "عريس" يرفع رأسها، لذلك الكثير منهم يعيش في المظاهر الكذابة، وهذا ما رسخ في ذهنهم منذ زمن بعيد.
وأوضحت أن من سيستجيب للمبادرة في الحضر لن يزيد عن 20%، ناصحة الأهل إلى التوجه لكتاب الله وسنة نبيه بالتيسير بتكاليف الزواج حتى لا ينحرف الشباب ويلجأون إلى طرق منحرفة.
من جانبه، طالب الدكتور علي عبد الراضي، استشاري الصحة النفسية، تكثيف مثل هذه المبادرات، مع احترام المقاييس الاقتصادية، موضحا أنه من قبل كانت الحالة الاقتصادية سيئة والزواج كان سهلا، لكن الآن الحالة الاقتصادية العامة في وضع أسوأ بكثير من ذي قبل، ولكن تكاليف الزواج أصبحت باهظة.
ولفت في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن بأنه يجد في كثير من الحالات، أنه كلما ارتفعت تكاليف الزواج، كلما كانت نسب الطلاق مرتفعة، حتى أن ذلك أثبتته بعض الدراسات، مدللًا على قوله بأن أهالينا في الماضي كانت تكاليف زواجهم قليلة، ولكن كان هناك ترابط أسري وتربية، ولكن عندما ارتفعت تكاليف الزواج وأصبح الناس لديهم مبالغة في تكاليف الزواج، جعل الناس تضع توقعات لطموح مرتفع أنه عندما يتزوج الإنسان سيجد السعادة كلها، ولكنه يتفاجئ بالواقع المرير للحياة العادية، فيقول في نفسه: أنا صرفت المصاريف دي كلها، وجبت كله ده وفي الأخير طلعت الحياة الأسرية فيها أعباء وضغوط؟"، لذلك مثل هذه المبادرات لابد أن تعمم على الريف والحضر وكافة محافظات مصر.
وتمنى أن تكون المبادرة موجودة في الحضر، وأن تكون عادة بين الأسر، مطالبًا القوى الناعمة بدعم هذا الأمر، من خلال عدم ظهور أي فنان أو شخصية مشهورة سيتزوج الفترة القادمة، لا يجب أن يبهر الجميع بالأفراح الفندقية، وإن أراد إقامته بهذا الشكل، لا ينشره على السوشيال ميديا، لأن ليس الجميع يستطيع إقامة مثل هذا الفرح.