الكنيسة الكاثوليكية تحتفل بذكرى القديس إليجو أسقف نويون
تحتفل الكنيسة الكاثوليكية في مصر، بذكرى القديس إليجو أسقف نويون، و قال الأب وليم عبدالمسيح سعيد الفرنسيسكاني، أنه قد ولد في قرية كاللاك قريبة من مدينة ليموج بفرنسا، ومنذ نعومة أظفاره وضع بيد معلمين ماهرين ليثقفوه في العلوم والفضائل، ثم تعلم مهنة صياغة الذهب وأتقنها، ووصلت شهرته لملك فرنسا فاتخذه أول صائغ في قصره وسلمه قطعاً من الذهب والفضة تكفى لصوغ حلي جليل بديع، فصاغ منها حليين يعادل وزن كل منهما وزن ما تسلمه من الذهب والفضة، فعجب الملك من ذلك، وأيقن فيه كرامة ربانية، فعظم قدر إليجو لديه، فاتخذه من أهل قصره وجعله من خواصه .
و تابع الأب وليم عبدالمسيح سعيد الفرنسيسكاني، كان يتحدث معه في أمور الديانة والتقوى. أما إليـﭼـو فما زال يتحفظ مجتهداً على نفسه لئلا تشغله ملاهي القصر الملكي وبلبلة أحواله عن التفرغ لعبادة الله، وأخذ يقضي أوقاته كلها في الصلاة والتوبة والبكاء على خطاياه وبلغ من التفكير والتأمل والتوغل في فظاعة الخطايا وعظمها أقصى غاية بحيث أن الشيطان توصل إلى أن يوقعه في الياس وقطع الرجاء من الخلاص.
وأضاف "الفرنسيسكاني" فبقي في قلق مغموماً مهموماً مدة إلى أن سمع يوماً صوتاً من السماء يؤمنه ويؤكد له مغفرة خطاياه. ثم حكى ما حدث له لأحد اصدقائه من حواشي الملك وكان أسمه أوين، فاتفقا كلاهما وعزما على هجر ملاهي الدنيا والاعتكاف على عبادة الله.،وكان الملك ينشرح صدره بمجالسته ومؤانسته جداً، فأجزل عليه الهدايا الجليلة النفيسة والعطايا، فأنفقها إليـﭼـو كلها في خدمة الفقراء والمرضى، وشرع هو بنفسه يقوم بعلاج المرضى ويضمد جروحهم. فكان يجود الله عليه بعض الأحيان فيبرئهم منها عند لمسه إياها.
- مساعدته للفقراء
وكلما احتاج إلى بعض الدراهم ليوزعها على الفقراء ولم يتيسر له فباع أثاثه وأمتعته وثيابه لذلك.،وكان خدام الملك وأعوانه أنفسهم يسخرون به بسبب أعماله الخيرية فلم يبال بقولهم وانعكف مواظباً على إماتة النفس والتقشف، من ذلك أنه ربما بقى مدة ثلاثة ايام لم يتناول أي طعام، وكان طعامه غالباً خبزاً يابساً لا غير ولم يتناول أي لحوم طوال حياته، وكان ينام على الأرض ويلبس المسوح على جسده، ويسهر طوال الليل في الصلاة والقراءة والتأمل، فأرسله يوماً ملك فرنسا إلى ملك إنجلترا لكى يطلب منه الصلح، وكان هذا قد نوى مباشرة حرب مع ملك فرنسا، وبهمته وصواب رأيه ودرايته نال منه المقصود وكفى الأهالي عاقبة الحرب.
وبذلك انتشرت شهرته أيضا في البلاد البعيدة القاصية، أما هو فكانت افكاره في وسط هذه النعمة والجلالة متجهة إلى السيرة النسكية، وما زال يتوقع الفرصة ليهجر العالم والقصر الملكي ويختلى في الصحراء، غير ان الله كان يريده أن يصبح فلاحاً هماماً في كرم بيعته المقدسة فلما لاحت له مشيئة الله، نهض لإنذار الناس وجذبهم إلى الصلاح، وخرج من تحت يده عدة قديسين مشهورين، ومن أعماله ايضا انه أقام عدة أديرة وايضا احال داره في باريس إلى دير للعذارى، وبلغ عددهن إلى نحو ثلاثمائة عذراء. وكان يزور الرهبان ويكرمهم جداً ويقبل اقدامهم ويخدمهم عند الطعام. فإنه بإشارة الصليب اقام عدة اشخاص من الموت وشفى كثيرين من أمراضهم واسقامهم، وجد فى مقاومة الهراطقة بكل قواه وردعهم ومنعهم من زرع الزوان في حقل الكنيسة.
- تنصيبه قاصداً باباوياً على بلاد فرنسا
وسعى كثيراً لدى الملك في عقد مجمع بمدينة ارلينس لاستئصال رذائل كثيرة ولا سيما بدعة السيمونية، فلما اضحى فى اعظم منزلة من القدر والجاه نصب اسقفاً على مدينة نويون، وقاصداً باباوياً على بلاد فرنسا وفلندرا وبلاد أخري . وكانت عبادة الأوثان موجودة في تلك النواحى ، فبذل جل مجهوده فى محو رسوم الوثنية منها . وعمد أهاليها جميعاً .
ثم نصب فيها عدة أديرة وحول هياكل الأصنام إلى كنائس فاخرة فأثار الشيطان بعضاً من الوثنيين لقتله ثم عاد إلى فرنسا وأصلح أحوالها ونظم أمورها وأظهر حرصه على الشرائع والقوانين، ثم لما دنا وقت مجازاته على أتعابه وأعماله الحسنة، مرض وأنبئه الله بقرب رحيله فدعا الكهنة وحثهم على المحبة وحسن القيام بخدمة الرب، وختم كلامه معهم بقوله : " اطلق الآن يارب عبدك بسلام " . ثم أسلم روحه في الأول من ديسمبر عام 665م، ورثاه اهل فرنسا باجمعهم ، فدفن في نويون باحتفال عظيم وتكاثرت المعجزات بشفاعته من بعد موته .