التقارب التركى
بمجرد نشر الصورة التي جمعت كلًا من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في افتتاح فعاليات مونديال كأس العالم لكرة القدم بقطر، قامت الدنيا ولم تقعد في دهاليز قيادات وقنوات الجماعة الإرهابية.. بدأنا نستمع منهم أن المصافحة التي تمت اضطر لها الرئيس أردوغان محرجًا وأنه لا يزال يرفض أي تقارب مع مصر تحت القيادة الانقلابية الدكتاتورية، كما كان يزعم في السابق.
ثم ازدادوا اضطرابًا وبلبلة بعدما صرح الرئيس التركي بمنتهي الوضوح بأن مصر شعب شقيق، مشيرًا إلي أن بلاده لا يمكن أن تكون في حالة خصام معه وعلينا ضمان الوفاق معه في أسرع وقت ممكن ونحن نسعي للمزيد من التقارب مع مصر وقيادتها.
ثم جاء تصريح سردار تشام نائب وزير الثقافة والسياحة التركي، عبر حسابه على موقع "تويتر"، بأن التطورات السياسية في العالم ومصالح الدول هي ما تحكم التغيرات في مواقفها، وقال إن ما حدث في عام 2013 في مصر صدمة كبيرة لنا كأتراك لكن سياسات الدول لا يمكن أن تدار بالعواطف وحدها، والتجربة كشفت عن توازنات مختلفة للحالة المصرية والتغيرات التي حدثت في العالم تفرض تعديل الخطوات، فما كان صالحًا أمس ربما لم يعد صالحًا اليوم وحركة الإخوان فقدت مكانتها بسبب الانقسامات واخترقتها جماعات عنف.
وقال إن هناك أسبابًا كثيرة تبرر السعي لعلاقات جيدة مع مصر، مثل قربنا التاريخي من 100 مليون مصري، وحقيقة أن علاقتنا الاقتصادية والتجارية لا تزال مستمرة.
ولم تمض أيام قليلة إلا ورأينا أحد أكبر المذيعين في قناه الشرق الإخوانية التي تبث من تركيا "عماد البحيري" في حالة انهيار تام بعد أن أوقف عن العمل بتعليمات تركية وطلب منه مغادرة البلاد.. علمًا بأن المذكور جواز سفره المصري منتهي الصلاحية ولم يحصل علي الجنسية التركية.. هذا المذيع كان يبث سمومه ويحرض ليل نهار علي الثورة ضد النظام المصري، في ١١/١١ صرح بأنه لن يتعرض للشأن المصري من قريب أو بعيد إطلاقًا بعد اليوم.
وإزاء هذا التحول التام في سياسه تركيا قرر قادة الجماعة وبشكل رسمي وقف أي انتقادات لمصر قد تؤثر سلبًا على التقارب المحتمل حدوثه بين القاهرة وأنقرة، ومنعًا لأي إحراج للقيادة التركية قد يجهض مساعيها نحو التطبيع بين البلدين.
وكخطوة إيجابية أخري.. أصدر الرئيس التركي أردوغان قرارًا برفع تمثال رابعة من كل ميادين تركيا، وتم البدء بالفعل في التنفيذ الفوري.
أتوقع أن تشهد الأيام المقبلة المزيد من التقارب بل وإعادة تبادل السفارات المصرية والتركية بعد أن تدارك الرئيس التركي أخطاء وأخطار سياساته في التسع سنوات الماضية، وتعلم درسًا قاسيًا من الخط الأحمر الذي رسمه الرئيس المصري في ليبيا.
حفظ الله مصر وشعبها وصلابة رئيسها وصبره.