«عملت شيالًا وكومبارس لمدة 3 سنوات».. حكايات من دفتر معاناة جميل راتب
نشأ جميل راتب في عائلة أرستقراطية، ووسط اجتماعي راق، وانتمى إلى عائلتين كبيرتين، عائلة "راتب باشا" من ناحية والده، وعائلة "سلطان باشا" من ناحية والدته.
أشار الفنان جميل راتب في حواره لجريدة "الأهالي" 1987، إلى أن نسب العائلتين يعود إلى أكثر من 150 عامًا، منذ هاجرا من تركيا وقبلها الجزيرة العربية، وكان العائلتان إقطاعيتين، ليس في سلوكهما الاجتماعي فقط، بل موقفهما الطبعي كذلك، ورغم ذلك شارك والده وأعمامه في مقاومة الاحتلال البريطاني، وكانت عمة والدته هدى الشعراوي.
انعكس هذا التكوين على عائلته، لكنه رفض الشكل الإقطاعي والبورجوازي من طفولته، كان يشعر أنه يعيش في وسط ليس له به أي علاقة، إذ كان خجولًا ومنطويًا على نفسه، والذي دفعه إلى التمثيل "الخجل" والرغبة في إثبات ذاته.
جميل راتب يعالج نفسه من الانطواء بالمسرح
كانت السينما بالنسبة للفنان جميل راتب، عالمًا مبهرًا يهرب منه إلى الحقيقة، وعندما وقف للمرة الأولى على خشبة المسرح وهو لا يزال طالبًا في الثانوية العامة أحس لأول مرة أنه هناك من يريد سماعه في المصحات النفسية الحديثة، حيث يعالجون الأمراض النفسية بالدراما، وأضاف: "كنت أعالج نفسي من الانطواء بالمسرح".
والد جميل راتب قطع عنه المصروفات الدراسية لعمله في الفن
كانت عائلة جميل راتب ترفض اتجاهه لعالم الفن، وبدأت الحكاية عندما مثل في فيلم "العرسان الثلاثة"، وفي الوقت الذي رشح لأعمال أخرى اكتشفت عائلته الأمر، فطالبت بحذف مشاهده التي ظهر فيها في الفيلم.
وتحدث جميل راتب بشكل أكثر تفصيل عن نشأته ومعاناته ومطالبة العائلة بحذف مشاهده من الأفلام والأعمال السينمائية، يقول في حوار له مع جريدة الأخبار عام 1988: "بعد مطالبة العائلة بحذف مشاهدي فكرت في مغادرة مصر، لأنه لن يوجد مخرج واحد يعرض على دورًا بعدما حدث، ووافقت العائلة على سفري بسرعة لضمان عدم عودتي للفن مرة أخرى، وهناك في فرنسا التحقت بالجامعة لدراسة الاقتصاد والعلوم السياسية، والتحقت في نفس الوقت بمعهد التمثيل، وكان أن علم والدي بمحاولتي فقطع عني المصروفات".
يكمل: "اشتركت مع زملائي في المعهد في تكوي فرقة مسرحية، ولكن دخلنا من الفرقة لم يكفي نفقاتي، فعملت كومبارس وشيال في سوق الخضار، وعملت في بعض المطاعم، كما عملت مترجمًا لفترة، حقيقي لقد زاولت كل المهن على مدار 3 سنوات هي مدة دراستي بالمعهد، وبعدها أمضيت 30 عامًا من عمري، وأنا أعمل في فرنسا، وقمت ببطولة 70 مسرحية من التراث العالمي، كما اشتركت في أفلام وأعمال تليفزيونية، ومن هذه الأفلام التي مثلتها كانت هناك أفلام لها قيمة مثل فيلم "السيرك"، أمام بيرت لانكستر وتوني كيرتس وجينا لولو بريجيدا، كما قدمت دورًا في فيلم "لورانس العرب" مع عمر الشريف.
العودة إلى مصر
أما عن العودة إلى مصر فيقول جميل راتب: "جئت إلى مصر عام 1951، مع فرقة الكوميدي فرانسيز لأمثل في مصر وسوريا وتركيا وإيطاليا، وخلال وجودي في القاهرة مع الفرقة الفرنسية كتبت الصحف المصرية عن وجود ممثل مصري مع الكوميدي فرانسيز، فاتصلوا بي في باريس واتفقوا معي من أجل العودة إلى القاهرة للقيام ببطولة فيلم "أنا الشرق" أمام كلود جودوار وكانت ملكة جمال باريس في ذلك الوقت".
يواصل: "لم ينجح الفيلم وسافرت إلى باريس من أجل المسرح، ولم أنس مصر، فقد كنت أزورها كل عام أو كل عامين، وحدث أن طلب مني صديقي سعد أردش أن أقدم سهرة درامية للتليفزيون، واخترت الفنانة سناء جميل لتشاركني السهرة التي ألفها الفريد فرج وكانت باسم "الزيارة" وبعد ساعات من تصوير دوري كنت في طريقي إلى باريس".
يواصل: "في عام 1975 كان لا بد من قضاء بضعة شهور متواصلة في مصر لإنهاء بعض الالتزامات العائلية الخاصة بأوراق يستغرق الانتهاء منها مدة طويلة، وفي هذه الفترة قدمت مسرحية البيانولا مع محرم فؤاد وعفاف راضي"، ومضيت في عالم الفن.