تعقيبا على توجيه الرئيس بإنشاء المكتبات.. مريم هرموش: الإنسان هو أثمن كنز
"الإنسان هو أثمن كنز"، بهذه الكلمات استهلت الروائية اللبنانية المقيمة في مصر، مريم هرموش، تصريحاتها الخاصة لـ «الدستور»، تعقيبًا علي توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي للبناء المكتبات.
وأشارت إلي أن: لا شك أننا بتنا نشهد نهضة عمرانية حقيقة متجددة يشعر بها الزائر في كل زيارة له وكذلك من يعيش على أرض الوطن، لكن، وسط غمرة البناء والتوسع العمراني، يجب ألا ننسى أن كل نهضة عمرانية لا تكتمل إلا بنهضة بشرية حقيقة، تقوم على بناء الوعي والفكر والتنوير الذي يحرر العقل من الجهل ومن ضيق الأفق ومحدودية الفكر..
وقد نلاحظ، أنه مع ازدياد التطور العمراني الذي نشهده هناك تراجع ملحوظ في الوعي الإنساني والثقافي، فنجد أن الدولة تبني والمواطن يدمر بلا وعي، لأنه لا يشعر بأنه معني بهذا البناء الذي يتوافق مع الواقع الذي يعيشه.
وأضافت "هرموش": إن ازدياد تطرف المجتمع وميوله المتصاعد الذي نشهده نحو العنف، ليس سوى نتاج طبيعي للتناقضات والمشكلات التي نعيشها، مما يستدعي مراجعتنا لأولوياتنا، فمن أراد أن يبني حضارة صحيحة، عليه أن يبني إنسان سليما وفاعلا.
وهذا يتطلب أولًا وقبل كل شيء: إعادة النظر في تطوير المناهج التعليمية وخروجها عن إطار الحفظ والتلقين، حتى يتسنى للفرد إعمال العقل والابتكار، فيجب أن يتلقى الفرد تعليمًا جيدًا وفقًا لأحدث النظم التعليمية وان يتلقى المعارف بحرية تامة من منابعها ليتعرف على كل ما يصدر في العالم من أدب وعلم وفكر وفن، فلا يمكن أن تحقق الثقافة الدور المأمول منها إذا لم يوضع العنصر البشري على رأس أولويات التنمية في أي مجتمع. ومن المهم العمل على البنية التحية للتنمية الثقافية، كالمسارح، والمعاهد الفنية، والمكتبات العامة، والمتاحف، وقاعات الفنون والموسيقى.
ومن الأمور الهامة، زرع قيمة العمل والإنتاج والابتكار في المجتمع، وذلك لن يكون إلا بالتركيز على تنمية مهارات الفرد والخروج من العباءة الأكاديمية التقليدية، فنحن نملك الآلاف من أساتذة الجامعات المتخصصين كل في مجاله، في حين أن المبدعين عددهم لا يتعدى أصابع اليدين.
ولفتت "هرموش" إلي: لا بد أيضًا من مراجعة كل ما ترسخ في الأذهان من مفاهيم خاطئة تحث على العنف وترفض فكرة تقبل الآخر من خلال أفكار مغلوطة توارثناها بنفس منطق الحفظ والتلقين وتغيب العقل، وزرع القيم التي تقوم على مبدأ أن الصدق والأمانة والإخلاص هم جوهر الإنسان الذي هو محور الارتكاز الحقيقي للتنمية.
وأخيرًا، لا بد أن تتضافر جميع الجهود المعنية لتصب في توعية الفرد وزيادة الوعي الثقافي وليس من حيث التركيز على الكم فقط ولكن الكيف والنوعية، حيث نلحظ أن هناك الكثير من الأنشطة التي تخلو من البعد الثقافي ويغيب عنها أهمية الآثار الوخيمة المترتبة على ذلك، وأهمها وقوع الشباب في قبضة المجهول الذي بدأ يزحف مؤخرا ويفاجئ منطقتنا عبر مسميات وأحداث لا تخلو من الغرابة، لذلك فان الحاجة باتت حتمية الى إعادة تفعيل وخلق أنشطة مبتكرة لاستقطاب الشباب تحاكي اهتماماتهم وتطلعاتهم.