خطاب الرئيس مادورو
فلنضع حدًا للضرر الذى لحق بالطبيعة الأم
قبل 30 عامًا حذر الزعيم الكوبى فيدل كاسترو، فى خطابه الشهير فى ريو دى جانيرو فى قمة ريو بالبرازيل 1992، قائلا: "هناك نوع بيولوجى مهم مُعرّض لخطر الزوال بسبب التصفية السريعة والتدريجية لظروفه المعيشية الطبيعية وهو الإنسان"، وأضاف غدا سيكون قد فات الأوان لفعل ما كان يجب أن نفعله.
وفى قمة كوبنهاجن عام 2009، أشاررئيس جمهورية فنزويلا البوليفارية، هوجو شافيز، إلى أن السبب فى التغيرات المناخية وتدمير البيئة هو التفكير المادى والتقدم اللامتناهى للدول الرأسمالية الكبرى باستخدام تقنيات يمكن من خلالها استنزاف جميع موارد الأرض بمحدودية، قائلا بكل شجاعة: "دعونا لا نغيرالمناخ، دعونا نغير النظام".
وفى قمة المناخ "كوب 27"، المقامة بشرم الشيخ بجمهورية مصر العربية «6- 18 نوفمبر 2022»، جاء زعماء أمريكا اللاتينية بخطابات محددة لإنقاذ كوكب الأرض، منهم رئيس دولة فنزويلا، ورئيس دولة البرازيل المنتخب حديثا لويس إيناسيو لولا دا سيلفا.
وأكد الرئيس البرازيلى التزام بلاده بجميع تعهداتها لمواجهة التغير المناخى، مشيراً إلى وقف قطع أشجار الأمازون والتدهور الذى يحدث فى الأمازون، وفى كلمته فى يوم "التنوع البيولوجى" فى القمة قال دا سيلفا: "إن السنوات الماضية شهدت اتخاذ الحكومة البرازيلية السابقة عدة قرارات مدمرة لحقوق الإنسان، كما تخلفت عن الوفاء بالتزاماتها لوقف النزيف الذى كان يتعرض له ملف التغير المناخى".
وتعهد لولا دا سيلفا ببذل قصارى جهده لحماية غابات الأمازون، وتابع قائلا إن هناك 28 مليون شخص يعيشون فى الأمازون، سيتم تحقيق الإدماج الاجتماعى لهم والتنمية الاقتصادية، دون التفريط فى البيئة، وأضاف أنه لا بد من تفعيل صندوق الأمازون من أجل اتخاذ التدابير اللازمة لحماية أكبر غابات استوائية فى العالم.
وفى نفس القمة المنعقدة فى شرم الشيخ بمصر دعا الرئيس مادورو، فى خطابه، إلى حماية الأمازون وتحمل المسئوليات كسكان أمريكا الجنوبية فى إنقاذ الغابة والتنوع البيولوجى فى الأمازون، وقال: "لقد تركت آلاف السنين من الوجود آثاراً لا يمكن محوها فى منطقة الأمازون، لكننا نعتقد أن الشعوب الأصلية هى التى يجب أن تعلمنا كيف ننقذ الطبيعة وكيف نتعايش معها".
واستعرض الرئيس «مادورو» عدة نقاط هامة فى خطابه، حيث أشار إلى أن التفاوت الهائل فى بلدان العالم الأول، مقارنة ببقية دول العالم، قد ازداد وتعمق فى العهود الأخيرة، على نفس وتيرة تدمير البيئة، وأن هناك علاقة بين الأزمة البيئية وأزمة عدم المساواة التى تولد الفقر، حيث إن الاستغلال العشوائى لموارد البيئة هو المسئول أيضا عن البؤس الاجتماعى.
كما أشار إلى أن فنزويلا مسئولة عن 0،4% فقط من انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى على كوكب الأرض، ولكنها تتحمل تبعات الاختلال الذى تسببه الاقتصادات الرأسمالية الرئيسيه فى العالم التى لوَّثت وتواصل تلويث كوكب الأرض لصالح قلة من الناس.
وحذر رئيس فنزويلا من أن كل ساعة وكل شهر وكل عام من التقاعس، والتردد، والتراخى، يترجم إلى أنظمة بيئية مدمرة، إلى أنواع منقرضة من الكائنات الحية، وإلى تدهور ظروف الحياة التى وهبنا إياها الكوكب بمنتهى الكرم.
وقال: "إن الاعتراف بالفشل الحضارى هو البداية لتصحيح جذرى، لقد هددنا تغير المناخ أمس، ولكن اليوم يهددنا الانهيار المطلق للنظام البيئى الذى يثور كمصير قاتل على مرأى منا، وإذا واصلنا هذا الإيقاع المدمر للذات فسيكون هذا الكوكب غير صالح للسكن خلال 30 أو 40 عاما".
وأشار إلى أن آخر تقرير أصدرته منظمة الأمم المتحدة لتغير المناخ «والذى شارك فيه 14 ألف عالم من جميع أنحاء العالم»، حذر من أنه إذا لم يتم تقليل الانبعاثات من الغازات الدفيئة كثانى أكسيد الكربون، والميثان وأكسيد الحديدوز، بنسبة 50%، سيكون الضرر غير قابل للزوال فى 8 سنوات فقط، وهذا يعنى أنه بحلول عام 2030 لن يكون هناك بديل لما نمر به من العواصف والأعاصير والأمطار والبرودة الشديدة والحرارة شديدة الارتفاع، التى تغير ظروف الحياة بشكل غيرمتوقع
وفى نهاية المقال أؤكد أننى أتفق مع ما أشار إليه الرئيس نيكولاس مادورو حول أنه قد ولى زمن الخطب والرثاء، وأنه من الضرورى التوصل فى هذه القمة إلى اتفاقيات عمل حقيقية وفعالة فى مواجهة المشكلة الهيكلية، بجانب وضع جدول أعمال محدد لحماية السكان المعرضين للخطر على كوكب الأرض.