رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مذكرات من نجا.. محاولة فى السيرة الذاتية للكاتبة دوريس ليسينج

دوريس ليسينج
دوريس ليسينج

"مذكرات من نجا" .. محاولة في السيرة الذاتية للكاتبة دوريس ليسينج - بحسب ما تصف بنفسها - والتي غادرت دنيانا في مثل هذا اليوم من العام 2013. وهي كاتبة روائية بريطانية، حصلت على جائزة نوبل العالمية في الآداب عن العام 2007.

 

قدمت دوريس ليسينج إلى الأدب العالمي الروائي العديد من الأعمال من بينها: العشب يغني، شتاء في يوليو، الصدع، مذكرات إرهابية طيبة، الطفل الخامس، مذكرات جارة طيبة، الأنثي، الدفتر الذهبي، وغيرها بالإضافة إلى كتابات نثرية منها كتاب "سجون نختار أن نحيا فيها".

 

وفي مقدمة مترجمة لرواية "مذكرات من نجا"، لــ دوريس ليسينج، يشير الدكتور محمد درويش، إلى أن الناقدة البريطانية وأستاذة الأدب الإنجليزي د. "روث ويتكر"، تؤكد في كتابها النقدي عن دوريس ليسينج أنها: "وسعت آفاق الرواية الإنجليزية أسلوبًا ومضمونًا بروايتها "مذكرات من نجا"، والتي تعد سبرًا للأغوار متصلًا بطبيعة التحولات وآلياتها مستخدمة بذلك الواقعية، والخيال، والرمز".

 

 ــ "مذكرات من نجا" .. محاولة في السيرة الذاتية للكاتبة دوريس ليسينج 

ويلفت درويش، إلى أنه: تختزل هذه الرواية "مذكرات من نجا"، اهتمامات الكاتبة  دوريس ليسينج منذ أن نشرت كتابها الأول بعنوان "الدفتر الذهبي"، وهذه الاهتمامات تتمثل في لا جدوى استثمار العلاقات الشخصية، والاهتمام المتزايد بالعوالم الداخلية، والطاقة البشرية في تعزيز النمو الروحي، وما ينجم عن ذلك من اغتراب عن العالم المادي.

 

كانت هذه الاهتمامات واضحة في مؤلفات دوريس ليسينج منذ كتاباتها الأولى. إذ بدأت تعالجها معالجة واضحة في "الدفتر الذهبي" وغيرها من الكتب اللاحقة. غير أن ما يميز هذه الرواية- مذكرات من نجا- عن بقية مؤلفات الكاتبة هو الأسلوب الهادئ الذي تسرد فيه أحداث هذه الرواية الكابوسية، والإذعان التام لما يجري من أحداث في كلا العالمين الداخلي والخارجي.

 

ويشدد درويش علي أن دوريس ليسينج في روايتها "مذكرات من نجا": استخدمت الأسلوب الهادئ على لسان بطلتها الرواية، فنجدها تصف الأحداث والأزمات التي حلت بمدينة أخذت تتلاشي بمرور الزمن لتفقد هويتها وذلك على نحو يثير الرعب.

 

بالإضافة إلي ذلك تمزج دوريس ليسينج في هذه الرواية - مذكرات من نجا - ولأول مرة بين الواقعية والرمزية. حيث توضح من أول النص الذي تقدمه إلى القارئ إنما هو نص حرفي ورمزي من حيث إن الرواية تستطيع أولًا أن تنظر أمامها ومن ثم تخترق جدار شقتها لتنتقل إلى عالم آخر.

 

ومن هنا نلاحظ أنه تنبذ الواقعية، ويصبح الجدار هو الحد الفاصل بين عقلي الرواية الواعي واللا واعي، وتصبح الحجرات والحدائق الكائنة وراء مناطق اللاوعي الذي تعمل على سبر غوره . تنقل دوريس ليسينج هذا بسهولة ويسر، إذ يكون الانتقال من الواقعي إلى الرمزي دون وجود ما يشير إلى قلقها بشأن إقناع القارئ بما تفعله. وتبدو المسألة كلها وكأن المؤلفة أصبحت معتادة على الانتقال بين عالمي حياتها الخارجي والداخلي انتقالًا سهلًا تشي روايتها بسهولة.

 

تصف دوريس ليسينج هذه الرواية "مذكرت من نجا"، بأنها محاولة في السيرة الذاتية، وفيها تعالج الكاتبة مظاهر من طفولتها التي حذفتها على نحو واضح من رواية "مارتا كويست"، إذ تبدأ الرواية والبطلة في سن المراهقة. وقد أشارت دوريس ليسينج في بعض المقابلات الصحفية إلى العلاقة الصعبة التي كانت تربطها بأمها. 

 

تجري أحداث رواية "مذكرات من نجا" للكاتبة دوريس ليسينج، في مدينة ما توقفت فيها جميع الخدمات، وانتشرت فيها الفوضى، وأصبحت السلع نادرة.

 

 تعيش الراوية وهي امرأة لا نعرف اسمها في إحدى الشقق، وتفكر بالرحيل عن المدينة التي عصفت بها الأحداث العنيفة والفوضى. في يوم ما تسند إليها مسئولية الاهتمام بطفلة تبلغ من العمر 12 سنة تدعى إيميلي، ولديها حيوان غريب نصفه قطة والنصف الآخر كلب يدعي هوجو. تصف لنا الرواية حياة هؤلاء الثلاثة في فترة زمنية تمتد إلى ثلاثة أعوام تقريبًا، تقيم خلالها إيميلي علاقة مع زعيم عصابة من الشبان.

 

وعندما تبلغ إيميلي الخامسة عشرة من العمر نجدها فتاة بالغة متزنة. وقد لجأت المؤلفة دوريس ليسينج إلي الإسراع في عملية بلوغ الفتاة باعتبار ذلك مؤشرًا واقعيًا على الزمن الذي لا يسمح بإطالة فترة الطفولة من ناحية، وباعتبار ذلك أسلوبًا تمثل فيه إيميلي شخصية حياة المرأة الراوية نفسها تمثيلًا انعكاسيًا، إذ تصبح إيميلي والراوية شخصًا واحدًا.