رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى ذكراه.. صائغ الدرر البديعة «على محمود طه» الملاح التائه

علي محمود طه
علي محمود طه

هو صائغ الدرر البديعة، الملاح التائه، الجندول، الشاعر علي محمود طه، ،الذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم من العام 1949، عن عمر لم يتجاوز النصف قرن ولم يتمها. ويعد من أبرز شعراء مدرسة أبوللو الشعرية والتي أرست دعائم المدرسة الرومانسية. 

ولد علي محمود طه في المنصورة، وتعلم أولا في الكتاب ثم دخل المدرسة الابتدائية، وبعد أن نال شهادتها، ولد عنده شغف بالعلوم التصنيعية، علي حد ما ذكر الناقد شوقي ضيف، فرفض الالتحاق بالمدرسة الثانوية وآثر الإلتحاق بمدرسة الفنون التطبيقية لدراسة الهندسة. وفي سنة 1924 تخرج منها بعد حصوله علي شهادة تؤهله لمزاولة مهنة هندسة المباني.

ويلفت الناقد الدكتور شوقي ضيف، في كتابه “الأدب العربي المعاصر في مصر”، إلي أن محمود علي طه: كانت النزعة الفنية لديه هي التي جعلته يختصر طريق التعليم، فعاش من أول الأمر لشعره، الذي كان ينظمه في أثناء تعلمه، واختار لنفسه حياة هينة ليس فيها مشقة في التثقيف والتحصيل، وكأنه لم يكن ينزع به في أول حياته أمل كبير.

ــ بواكير علي محمود طه الشعرية

وييتابع “ضيف”: وكان أهله علي شئ من الثراء، فلم يحس بشظف الحياة، وما يكون فيها من حرمان وشقاء، فهو لا يعرف من الحياة إلا الهناءة والرغد.

وقد أخذ يسعي للتعرف علي الأدب الفرنسي ويطلع علي روائعه، ويراسل مجلتي “أبوللو” و"الرسالة"، ويحاول أن يتصل بالنهضة الأدبية في القاهرة منذ العام 1933، فترحب به دوائر الأدباء.

وفي ديوانه “ليالي الملاح التائه”، ما يدل علي أنه زار إيطاليا في سنة 1938، وأخذ منذ هذا التاريخ يتردد علي سويسرا والنمسا وأواسط أوروبا وكان لذلك أثره في شعره، إذ وصف كثيرا من المشاهد التي رآها هناك.

ــ شخصية علي محمود طه الأدبية

وعن المؤثرات الثقافية والمصادر التي استقي منها علي محمود طه، ثقافته وقراءته، يقول الدكتور شوقي ضيف: أكبر الظن أن قراءاته في الشعر العربي لم تكن تتجاوز دواوين حافظ وشوقي ومطران إلا في القليل النادر، فقد كان يقرأ أحيانا في البحتري وغيره من شعراء العصر العباسي.

وقراءاته في الآداب الغربية لم تكن واسعة، إذ لم تتح له ثقافة عالية، ومع ذلك تعلم بنفسه اللغة الفرنسية، إلا أنه لم يتقنها، إنما كان يتقن الإنجليزية، وهو علي كل حال لم يكن واسع الثقافة بآثار الغربيين، وإن كان قد حاول أن يتأثرهم. وكان أهم من أعجب بــ “لا مارتين”، وأضرابه من شعراء الرومانسية. وقرأ أو عرف أشياء مختلفة عن أصحاب الرمزية الفرنسية مثل “بودلير”، و"فيرلين".

ويشدد “ضيف” علي أن علي محمود طه: ومن هذا كله تتكون شخصيته الأدبية، وهي شخصية ترجع في جوهرها إلي ملكاته أكثر مما ترجع إلي قراءاته، وكان يقرأ كثيرا في شعراء أدباء المهاجر، وهم يتأثرون تأثرا عميقا بالنزعة الرومانسية الغربية، كما كان يقرأ كثيرا في مجلة “أبوللو” وما بها من أبحاث أدبية.

ويلفت “ضيف” إلي أن علي محمود طه: مع هذه القراءات غير المتعمقة هنا وهناك لم تنكسر نفسه، إذ كان يؤمن بشخصيته وأتاح له هذا الإيمان أن يحتل مكانة بارزة في صفوف الشعراء الذين عاصروه، إذ استطاع أن يكون لنفسه أسلوبا شعريا براقا.

وهو من هذه الناحية أكثر شعرائنا بعد “شوقي” توفيقا في صياغاته الشعرية، وكأنما كانت لديه خبرة تمكنه من أن يقتنص الكلمات الشعرية في القصيدة التي يصنعها، فإذا هي كعقد من الجواهر تتألق فيه حباته. ويظهر أنه عرف شعراء الرمزية، أنهم يعنون عناية شديدة بموسيقاهم، فاستقر ذلك في نفسه، وصدر عنه في شعره، ولكن لا تظن أنه نظم قصائد رمزية يجاري بها أصحاب هذا المذهب في شعرهم المجنح الغامض.