«زعيم وإمام ومحفوظ والسحار».. السير الذاتية الثنائية تغزو دور النشر المصرية
"المتعة وراء قراءة السير الذاتية مثلها مثل قراءة الخطابات، مُستمَدَّة من رغبتنا الدائمة في اختراق حيوات الآخرين وعدم الاكتفاء بحياة واحدة نعيشها". مقولة للكاتبة والأديبة الأمريكية "باتريشيا آن ماير" تصف فيها بإيجاز أهمية السير الذاتية التي تعد بمثابة خرائط نفسية لشخصيات مشهورة، ليس هذا وحسب بل وقراءة اجتماعية لسياق سياسي واقتصادي وثقافي برزت فيه تجربة صاحب السيرة الذاتية.
لعل كتب السير الذاتية دوليًا وعربيًا كما جرى العرف، هي كتب تحكي تجربة شخصية مشهورة في مجال من مجالات الحياة؛ ولكن أن تتناول بشكل مقارن سيرة ذاتية لشخصيتين في إطار استعراض حياة كل منهما تعد ظاهرة جديدة تبنتها بعض دور النشر في مصر مؤخرًا وبرز فيها عدد من الكتاب؛ وهو ما نستعرضه في السطور التالية:
"كشك وعدوية"... أيام الوعظ والسلطنة لـ"الباز"
صدر عام 2018 عن مؤسسة بتانة الثقافية، كتاب "كشك وعدوية: أيام الوعظ والسلطنة" للكاتب الصحفي الدكتور محمد الباز، رئيس مجلسي إدارة وتحرير جريدة "الدستور"، ويرصد الدكتور محمد الباز خلال فصول الكتاب رحلة الشيخ كشك والمطرب أحمد عدوية، والتي يصفها برحلة الشقاء، ويتعرض للكثير من المواقف في حياة الشيخ والمغني والعوامل والظروف والملابسات التي أدت إلى صعودهما، كما يخوض الكتاب داخل تفاصيل رحلة الشقاء التي عاصرت كشك وعدوية واعتصرتهما، كان طبيعيًا جدًا أن تصل بهما إلى المجد، وهو ما جرى، ولأن للمجد طريقًا لا بد أن يسلكه أصحابه، فقد سار فيه الشيخ والمغني كل على طريقته.
"إمام وزعيم".. ما خفي بين الشعراوي وعادل إمام
مؤخرًا صدر كتاب جديد بعنوان: «إمام وزعيم.. ما خفي بين الشعراوي وعادل إمام»، عن دار ريشة للنشر والتوزيع، للإعلامي الدكتور محمد الباز، وتناول "الباز" في كتابه كلمات سر منها خارج النص وأخرى داخل النص، وكانت كلمة السر الأولى عن صورة متولى الشعراوي والشاويش إمام، وفي الثانية عن "أم.. وزوجة واحدة.. ونساء مراوغات"، وجاءت كلمة السر الثالثة بعنوان: "كل هذا الفقر.. كل هذا الثراء"، وفي كلمة السر الرابعة تناول: "العراب.. فضل أحمد فراج وفؤاد المهندس"، وفي كلمة السر الخامسة: "المعافرة.. خطة صيد الجماهير الغفيرة".
وتحدث في كلمة السر السادسة عن "قمة الجبل.. اكتمال الإمامة والزعامة"، وفي السابعة تطرق لـ "فلسفي المعارك.. مواجهة العواصف بالمراوغة"، أما في كلمة السر الثامنة فذهب إلى "استخدام كامل.. الدين والفن في ظل السلطة"، وفي كلمة السر التاسعة أشار إلى لعنة الثقافة.. شيخ وفنان في ساحة المفكرين، وفي آخر كلمة سر قال: "الزعيم يتدين.. والإمام يتفنن".
"محفوظ والسحار"..أسرار روائية يكشفها سامح الجباس
يعد كتاب "محفوظ والسحار..أسرار روائية" للكاتب الروائي سامح الجباس؛ الصادر حديثًا عن دار "ريشة" للنشر بالتزامن مع الذكرى السادسة عشرة على رحيل الأديب العالمى نجيب محفوظ، الذى غاب عن عالمنا في 30 يونيو عام 2006، عن عمر يناهز 94 عامًا، من الكتب التى تدرج تحت مسمى كتب السير الذاتية الثنائية التى تقوم على مقارنة ومقاربة تجربة شخصيتين يتصل كل منهما ببعضهما البعض من خلال الأدب والنشر.
وجاء في مقدمة الكتاب: روابط تاريخية جمعت نجيب محفوظ وعبدالحميد جودة السحار، ملامحها بدأت إنسانية وتماست بعدها مع إبداع كلٍ منهما، حاز محفوظ جائزة نوبل، فصار سيد الرواية العربية بلا منازع، وأبدع السحار في أدب الإسلاميات، فأصبحت موسوعته "محمد رسول الله والذين معه" مرجعًا في أدب السيرة النبوية.
وُلِد محفوظ قبل السحار بعامين في 1911، وتُوفِيَ السحار قبل محفوظ بما يزيد على ثلاثة عقود في 1974، عرف السحار أن محفوظ يدور بقصصه الفائزة بجوائز الدولة على الناشرين، فلا يصادف جدوى باعتباره ليس بعد من المشهورين، فزاد الأمر من إصرار السحار على تأسيس دار نشر، تهتم أول ما تهتم بإبداع المغمورين من شباب الأدباء، حتى أخذ السحار "الناشر" بيد محفوظ "الأديب" وهما بعد نحو الثلاثين من العمر في 1943، ليصبح ناشره الأشهر طوال مسيرة محفوظ الإبداعية.
صحبة إنسانية ومهنية ملفتة امتدت 35 عامًا، يتوقف بنا مؤلف الكتاب الروائي سامح الجباس عند أهم محطاتها، فلا تخلو رحلة القارئ معه من أسرار روائية شيقة وتستحق التأمل.