دعوات التظاهر
شهدت مصر، في الفترة الماضية، دعوات للتظاهر، وذلك مع بداية الإعلان عن استعدادها لعقد مؤتمر المناخ العالمي cop27، وكانت دعوات التظاهر التي تم الإعلان عنها تهدف إلى إفشال هذا المؤتمر الحيوي، والذي نظمته مصر باقتدار، يشهد لها ولقيادتها بالقدرة على تحقيق النجاح.
كانت تلك الدعوات محكومة بالفشل من اللحظة الأولى لإعلانها. لأن تلك الدعوات صادرة عن هاربين خارج البلاد، فقدوا مصداقيتهم، وبعضهم يحظى بسمعة سيئة. كما أنهم من فلول الإخوان الهاربين في بريطانيا وتركيا.
كما يرجع السبب الثاني لفشل تلك الدعوات هو أن الشعب المصري يريد لبلاده أن تنطلق قدما في طريق تحقيق مستقبل واعد، يضعها بين مصاف الدول المتقدمة، ومن ناحية أخرى، فإن الشعب المصري لا يريد التضحية بإنجازات تحققت على أرض الواقع، لا يمكن تجاهلها.
ومن ناحية ثالثة فإن الشعب جرب ما حدث في يناير 2011. حيث كان الانهيار الأمني بعد أن قامت ميليشيات الإخوان المسلمين بمهاجمة مقار الأمن ومراكز وأقسام المطافئ، وأشعلت النيران فيها.
كانت البداية عبر دعوات أطلقها عدد من النشطاء السياسيين لتظاهرة كبيرة يوم 25 يناير2011، والذي تزامن مع عيد الشرطة، احتجاجاً على تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وكان أبرز الداعين للتظاهرات- عبر موقعي التواصل الاجتماعي "فيسبوك وتويتر"- صفحة "كلنا خالد سعيد"، وحركة شباب 6 إبريل، وحركة شباب من أجل العدالة والحرية، والحركة المصرية من أجل التغيير "كفاية"، والجمعية الوطنية للتغيير، والحركة الشعبية الديمقراطية للتغيير.
كما جرب الشعب المصري غياب الأمن وحراسة الميليشيات الإخوانية، والتي كانت عبارة عن عصابات إجرامية مكونة من مجموعة من اللصوص.
اشتدت حدة المواجهات بين الشرطة والمتظاهرين، ووصل عدد الضحايا لأكثر من 200 شخص وأصيب أكثر من ألف متظاهر ونالت الإسكندرية النصيب الأكبر من القتلى 87 قتيلا تلتها السويس بـ13 قتيل، ومع مرور الوقت وميل الشمس نحو الغروب أنهكت الشرطة وفشلت تماماً فى التعامل مع المتظاهرين فانسحبت، وسيطر المتظاهرون على السويس والإسكندرية، وأحرقوا ما بها من مقار الحزب الوطني، واعتدى البعض على أقسام الشرطة حتى اتخذ مبارك- بصفته الحاكم العسكري- قراراً بفرض حظر التجول فى القاهرة والإسكندرية والسويس من السادسة مساء إلى السابعة صباحا بالتوقيت المحلى. فيما نزلت دبابات الجيش الشوارع لحفظ الأمن وسط ترحيب المتظاهرين الذين اعتبروا الجيش طرفاً محايداً، فيما شهدت البلاد سلبا ونهبا وهروب سجناء، وبدأ عمل اللجان الشعبية فى الشوارع. وصدرت الدعوات بمناشدة الشعب رجال الأمن لسرعة العودة، ولا يمكن إغفال دور اللواء منصور العيسوي، وزير الداخلية، الذي تولى باقتدار عملية تجميع رجال الشرطة، وإعادة ترميم مراكز وأقسام الشرطة التي تعرضت للهجمات الإخوانية وحرق مقراتها.
ولا يجب ألا ننسى محاولات البلطجية اقتحام مطبعة البنك المركزي، لكن رجال الجيش تصدوا لهم، وشكل المصريون لجاناً شعبية لحراسة المنازل والممتلكات بكل منطقة، وتعاونوا مع القوات المسلحة لفرض الأمن، فيما فجر البعض مقر جهاز مباحث أمن الدولة فى سيناء ما أسفر عن مقتل شخص وجرح 12 آخرين.
ولا شك أن ذاكرة المصريين تعي جيدا ما حدث في يوم 28 يناير 200، وما كان يعرف بجمعة الغضب، والدعوات لمليونيات على غرارها فيما بعد، وشاهد عمليات التخريب وعمليات السلب والنهب، كما أن أخطر ما حدث في أعقاب تلك الثورة المشئومة من احتکار الحکم من قبل جماعة الإخوان المسلمين "أخوانة الدولة المصرية"، يليها ظهور العديد من الجماعات الاحتجاجية والاعتصامات الاجتماعية والسياسية مثل حرکة کفاية، حرکة شباب 6 إبريل، الجمعية الوطنية للتغيير، وهي الجماعات التي كانت تهدف الى الوصول إلى الحكم، وعندما فشلت بدأت في تخريب مصر جنبًا إلى جنب مع الإخوان المسلمين.
كما لم تنس الذاكرة وقائع اقتحام السجون من قبل ميليشيات إرهابية قادمة من حماس، وتمكين المساجين من الفرار من السجن، وتم هروب 34 قيادياً إخوانياً من سجن وادي النطرون، ومن أبرز القيادات الإخوانية التي هربت من السجون الرئيس الأسبق محمد مرسي وعصام العريان وسعد الكتاتنى.
كما لم تنس ذاكرة المصريين ما حدث من اعتداءات على الإخوة الأقباط، والتي بدأت بحرق وتخريب كنيستي العائلة المقدسة والقديس مار جرجس فى رفح بسيناء 29 يناير 2011, وحرق وهدم كنيسة قرية صول بأطفيح وحلوان 4 مارس 2011، وذلك على أثر انتشار شائعة عن وجود علاقة غير شرعية بين شاب مسيحي وفتاة مسلمة.
كل هذا تذكرته ذاكرة المصريين، واستوعبته تمامًا.
لأجل هذا لم يستجب مصري واحد لتلك الدعوات، التي تردد صداها عبر المنابر الإعلامية لبعض الخونة في تركيا وبريطانيا، ورددها بعض فلول الإخوان بالداخل، التي كانت تريد العودة للوراء.